النقاط الرئيسية
- انقطاع واسع في خدمات AWS أثّر على مئات المواقع والبنوك عالميًا.
- العطل كشف هشاشة الإنترنت واعتماده على شركات محدودة.
- خبراء يدعون لتبني سحابات سيادية واستراتيجيات متعددة المزودين.
في يومٍ واحد فقط، انكشف وجه جديد للإنترنت: هشّ، مترابط، ومركّز في أيدي قلائل. فقد أدّى انقطاع واسع في خدمات أمازون ويب سيرفيسز (AWS) إلى تعطّل مئات المواقع الإلكترونية والخدمات المصرفية والتطبيقات الذكية حول العالم، في حادثٍ وصفه الخبراء بأنه “جرس إنذار عالمي” للبنية التحتية الرقمية الحديثة.
تأثر عالمي غير مسبوق
بدأت الأعطال صباح الإثنين في الولايات المتحدة، حيث رصد موقع Downdetector أكثر من 2000 بلاغ عن توقفات متفرقة في خدمات AWS. وسرعان ما امتدت الموجة إلى أوروبا وآسيا، لتطال منصّات كبرى مثل Zoom، Reddit، Canva، Coinbase، Microsoft 365، وPlayStation Network.
كما تضررت البنوك البريطانية مثل Lloyds وHalifax، إضافة إلى بوابة الحكومة البريطانية التي تشمل هيئات الضرائب والجمارك والمعاشات. حتى منتجات أمازون نفسها — من Alexa إلى Prime Video — لم تنجُ من الانقطاع.
ورغم إعلان الشركة أنها أصلحت “المشكلة الأساسية”، فإنها أقرت بوجود تراكم في الخدمات سيحتاج وقتًا للمعالجة، ما يعكس عمق التأثير في شبكتها السحابية الأوسع عالميًا.
إنترنت في قبضة القلة
تُعد “أمازون ويب سيرفيسز” العمود الفقري للإنترنت الحديث، إذ تستحوذ على نحو 30% من سوق الحوسبة السحابية العالمي. لذا فإن أي خلل في بنيتها يُشبه انقطاع الكهرباء عن مدينة رقمية مترامية الأطراف.
ما حدث أعاد إلى الواجهة تساؤلات خطيرة حول مدى مركزية الإنترنت، ومدى قدرة العالم على تحمّل توقف شركة واحدة تتحكم فعليًا في جزء كبير من الحياة الرقمية اليومية.
تداعيات اقتصادية وأمنية
لم يكن التأثير تقنيًا فحسب، بل اقتصاديًا أيضًا. توقفت عمليات البيع عبر آلاف المواقع، وتعطلت خدمات الدفع والتحويلات المالية الإلكترونية، وهو ما يعني خسائر آنية بملايين الدولارات خلال ساعات قليلة فقط.
أما على المستوى الحكومي، فقد دفعت الحادثة مسؤولي الأمن السيبراني في عدة دول إلى مناقشة “الاعتماد المفرط” على مزوّد واحد، خصوصًا في الخدمات الحساسة كالمصارف والضرائب والاتصالات.
الحلول المطروحة: نحو إنترنت أكثر أمانًا
من رحم الأزمة برزت عدة أفكار يمكن أن تغيّر شكل البنية الرقمية في المستقبل:
- تنويع المزودين (Multi-Cloud Strategy): اعتماد أكثر من مزود سحابي لتجنّب الشلل الكامل عند تعطل أحدهم.
- السحابة السيادية: بناء مراكز بيانات محلية خاضعة للسيادة الوطنية لحماية الخدمات الحكومية.
- اللامركزية الرقمية (Web3): تطوير بدائل قائمة على تقنيات البلوكشين لتقليل الاعتماد على مراكز بيانات مركزية.
- شبكات الطوارئ الرقمية: إنشاء أنظمة احتياطية تعمل تلقائيًا في حال فشل المزود الرئيسي.
- الشفافية والمساءلة: فرض قوانين تُلزم الشركات الكبرى بالإفصاح عن خطط إدارة الأزمات ومشاركة بيانات الأعطال.
الخلاصة
ما حدث مع AWS ليس مجرّد عطل تقني، بل حدث بنيوي يعيد رسم خريطة الثقة في الإنترنت. لقد تبيّن أن شبكة المعلومات العالمية ليست لامركزية كما يُروَّج، بل تعتمد على عدد محدود من الشركات الأميركية التي تُسيطر على مفاصلها الحيوية.
العطل قد يكون مؤقتًا، لكن تداعياته الاستراتيجية ستستمر لسنوات، إذ سيتحوّل إلى نقطة انعطاف في التفكير العالمي حول أمن الإنترنت واستقلاليته.
المصدر:
AP News، Reuters، The Guardian، The Verge، Wired
