أعلنت وزارة الدفاع السورية، يوم الثلاثاء، عن اتفاق شامل لوقف إطلاق النار بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، يبدأ تنفيذه فوراً في جميع محاور الشمال والشمال الشرقي.
وجاء الاتفاق بعد اجتماع رسمي في دمشق بين وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، وقائد قسد مظلوم عبدي، وبحضور وفد أميركي رفيع المستوى، ما يعكس تحولاً جوهريًا في العلاقات بين دمشق والأكراد بعد سنوات من التوتر والاشتباكات المتقطعة.
اتفاق بملامح تاريخية
الاتفاق لا يقتصر على وقف إطلاق النار فقط، بل يشمل أيضًا تشكيل لجان لتسريع دمج قوات قسد في الجيش السوري، وإعادة فتح المعابر ومطار القامشلي، إضافة إلى تعديلات محتملة على الإعلان الدستوري لضمان حقوق الأكراد كمكون أساسي من المجتمع السوري.
ويُذكر أن هذا التطور يأتي استكمالًا لاتفاق سابق وُقّع في 10 مارس الماضي بين الطرفين، نصّ على دمج الإدارة الذاتية وقواتها ضمن مؤسسات الدولة السورية، وضمان تمثيل جميع المكونات في العملية السياسية والدستورية.
الدور الأميركي الحاضر بقوة

حضور المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس براك وقائد القيادة المركزية الأميركية الأدميرال براد كوبر في اجتماعات دمشق يؤكد أن الاتفاق لم يكن محليًا فقط، بل جاء نتيجة تنسيق أميركي مباشر يهدف إلى ضمان استقرار شمال سوريا ومنع التصعيد بين الأطراف.
وأكد براك في تصريحاته لقناة العربية إنجليزي أن واشنطن “تدعم التزام الطرفين بتنفيذ اتفاق 10 مارس”، مشيرًا إلى أن الأوضاع في سوريا “تتجه نحو التحسن التدريجي”.
الأبعاد السياسية للاتفاق
- اعتراف رسمي بالأكراد كمكون وطني:
بحثت الاجتماعات في دمشق إمكانية تعديل الإعلان الدستوري لضمان الحقوق الدستورية للأكراد، وهو تطور كبير مقارنة بالموقف الرسمي السابق الذي كان يرفض أي شكل من أشكال اللامركزية. - انفتاح سياسي جديد مع واشنطن:
استقبال دمشق لوفد أميركي رسمي يمثل أول لقاء علني منذ أكثر من عقد، ما يشير إلى رغبة متبادلة في فتح قنوات دبلوماسية جديدة بعيدًا عن التصعيد والعزلة. - توحيد مؤسسات الدولة:
اتفاق الدمج يعني إعادة بناء مؤسسات عسكرية ومدنية موحدة، وهو شرط أساسي لنجاح أي حل سياسي شامل في سوريا.
الأبعاد العسكرية والأمنية
- وقف إطلاق النار الشامل يجمّد خطوط التماس من منبج حتى الحسكة.
- تشكيل لجان عسكرية مشتركة سيحدد مصير مقاتلي قسد ضمن وحدات الجيش السوري.
- الاتفاق قد يعيد انتشار القوات الأميركية في بعض المناطق لتأمين تنفيذ الاتفاق ومنع أي خرق تركي أو داخلي.
الانعكاسات الإقليمية
- تركيا ستتابع هذه التطورات بقلق بالغ، إذ تعتبر قسد امتدادًا لحزب العمال الكردستاني.
- روسيا وإيران قد ترحبان بحذر بالاتفاق، إذ يدعم هدفهما بإعادة توحيد سوريا، لكنهما تخشيان تمدد الدور الأميركي مجددًا.
- إعادة فتح المعابر ومطار القامشلي تمهد لعودة الحركة التجارية والمدنية وتعزيز التواصل بين المناطق السورية المختلفة.
نظرة مستقبلية
إذا نجح الاتفاق وتم تطبيقه فعليًا، فسيكون نقطة تحول حقيقية في مسار الأزمة السورية الممتدة منذ 14 عامًا.
إعادة دمج قسد والجيش السوري ستعني بداية مرحلة توحيد مؤسسات الدولة، وقد تفتح الباب أمام عملية سياسية أكثر شمولًا برعاية أممية وأميركية.
لكن في المقابل، سيظل التحدي الأكبر هو الثقة المتبادلة بين الطرفين، وضمان عدم انهيار الاتفاق أمام الضغوط الإقليمية، خصوصًا من أنقرة التي تعتبر أي تقارب بين دمشق وقسد تهديدًا لأمنها القومي.
المصادر:
العربية – سانا – تصريحات المبعوث الأميركي إلى سوريا