في زيارة غير مسبوقة من حيث البروتوكولات الرسمية والرمزية السياسية، استقبلت بريطانيا الرئيس الأميركي دونالد ترامب وسط مراسم ملكية وحزمة استثمارات ضخمة قُدرت بنحو 150 مليار جنيه إسترليني (205 مليارات دولار). هذه الزيارة، التي شارك خلالها الملك تشارلز شخصياً في الاستقبال، تؤكد على ما يُسمى بـ”العلاقة الخاصة” بين لندن وواشنطن، والتي يسعى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لتعزيزها بعد البريكست.
بوتين خذلني.. رسالة إلى موسكو وأوروبا
أبرز ما جاء في المؤتمر الصحافي المشترك كان تصريح ترامب بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خذله. هذه العبارة تحمل رسالتين: الأولى موجهة لأوروبا لطمأنتها بأن ترامب ليس في صف موسكو، والثانية لموسكو نفسها بأن واشنطن مستعدة لاتخاذ مواقف أكثر صرامة إذا لزم الأمر. ستارمر من جانبه شدّد على أن “الأمن أساس العلاقة البريطانية الأميركية”، في إشارة واضحة إلى ملف أوكرانيا.
غزة على الطاولة: وعود بلا خريطة طريق
أما فيما يتعلق بالشرق الأوسط، فقد قال ترامب إن الوضع بين إسرائيل وغزة “معقد”، لكنه وعد بأنهم “سينهون الحرب”. هذه التصريحات، رغم قوتها السياسية، بدت أقرب إلى وعود انتخابية أو رسائل إعلامية أكثر من كونها خطة فعلية.
اللافت أن ترامب انتقد بعض الدول الأوروبية بسبب اعترافها بدولة فلسطينية، معتبراً ذلك “مكافأة لحماس”، لكنه في الوقت نفسه أبدى انفتاحاً على أن يتخذ ستارمر موقفه الخاص.
استثمارات استراتيجية تعزز التحالف
بعيداً عن الملفات الأمنية، تم الإعلان عن حزمة استثمارية أميركية ضخمة في بريطانيا، تشمل مجالات التكنولوجيا والطاقة وعلوم الحياة. هذه الخطوة تمنح العلاقة الثنائية زخماً اقتصادياً يوازي البُعد السياسي، وتُظهر أن واشنطن ترى في لندن بوابة مهمة للأسواق الأوروبية والعالمية.
المخاطر الكامنة خلف الحفاوة
ورغم الأجواء الاحتفالية، لم يخلُ اللقاء من المخاطر. فبحسب محللين بريطانيين، هناك ملفات شائكة مثل قوانين الإنترنت أو الموقف من إسرائيل قد تفتح باباً للخلاف. كما أن تصريحات ترامب حول غزة قد تثير جدلاً داخلياً وخارجياً إذا لم تتبعها خطوات ملموسة.
خلاصة وتحليل
الزيارة تحمل دلالات مهمة:
- واشنطن ولندن تعيدان تأكيد تحالفهما الاستراتيجي.
- ترامب يحاول تقديم نفسه كقائد عالمي قادر على إنهاء النزاعات الكبرى.
- لكن في الملف الفلسطيني–الإسرائيلي تحديداً، تبقى وعوده بلا خريطة طريق واضحة.
النظرة المستقبلية: إذا ترجم هذا التقارب إلى تعاون عملي في أوكرانيا والشرق الأوسط، فقد نشهد دوراً متجدداً للمحور الأميركي–البريطاني في رسم السياسات الدولية. أما إذا بقيت التصريحات بلا تنفيذ، فسيظل الكثير مما قيل مجرد شعارات سياسية.
المصدر:
- Reuters
- Financial Times
- The Washington Post
- AP News
- The Moscow Times
- العربي
الأسئلة الشائعة
1) ماذا تعني تصريحات ترامب بأن “بوتين خذله”؟
تشير إلى خيبة أمل من سلوك موسكو في ملف أوكرانيا مقارنة بتوقعاته السابقة، وتُستخدم سياسيًا لإظهار تشددٍ أكبر تجاه روسيا.
2) هل هناك خطة واضحة من واشنطن ولندن لإنهاء حرب غزة؟
حتى الآن لا توجد خريطة طريق علنية مفصلة؛ التصريحات تُظهر إرادة سياسية أكثر من كونها خطة مُعلنة.
3) ما دلالة إعلان الاستثمارات الأميركية في بريطانيا بقيمة 150 مليار جنيه؟
تعميق “العلاقة الخاصة” عبر ربط التحالف السياسي بمشاريع اقتصادية في التكنولوجيا والطاقة وعلوم الحياة.
4) كيف تنعكس الزيارة على موقف لندن من أوكرانيا؟
ستارمر شدّد على أن الأمن محور العلاقة، مع بحث “زيادة الدعم الدفاعي لأوكرانيا”، ما يوحي بتماسك غربي أكبر تجاه روسيا.
5) هل يمكن أن تُسبب الزيارة خلافات في ملفات أخرى؟
نعم، مثل تنظيم الإنترنت أو الاعتراف بدولة فلسطينية؛ قد تظهر تباينات رغم الاتفاق على العناوين الكبرى.
6) ما المكاسب السياسية لكل طرف؟
ترامب يقدّم نفسه كصانع صفقات عالمي، وستارمر يعزز مكانة بريطانيا الدولية بعد البريكست، وكلاهما يكسب نقاطًا في الداخل.
7) هل تُغيّر هذه الزيارة معادلة الشرق الأوسط فورًا؟
غير مرجح على المدى القريب؛ التعقيد الميداني والسياسي يتطلب مسارًا تفاوضيًا طويلًا وتفاهمات أوسع مع أطراف إقليمية.
8) كيف يفيد ذلك القارئ/المستثمر؟
قد تفتح الاستثمارات فرصًا بقطاعات مبتكرة في بريطانيا، فيما تبقى ملفات أوكرانيا وغزة عوامل مخاطرة جيوسياسية يجب متابعتها.