في خطوة ذكية، أعلنت شركة “جوبي للطيران” (Joby Aviation)، الرائدة في صناعة طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية (eVTOL)، أن طائرات الهليكوبتر التابعة لشركة “Blade Air Mobility” ستكون متاحة للحجز المباشر عبر تطبيق “أوبر”. ستبدأ هذه الخدمة في أسواق استراتيجية مثل نيويورك وجنوب أوروبا، حيث يمثل الوقت عاملاً حاسماً، وحيث تُعد الرحلات إلى المطارات كابوساً لوجستياً للكثيرين.
ولكن، لماذا تبدأ “أوبر” بالهليكوبتر التقليدي؟ الإجابة تكمن في بناء النظام البيئي. فمن خلال هذه الشراكة، تقوم “أوبر” و”جوبي” بتهيئة المستخدمين نفسياً ولوجستياً لفكرة النقل الجوي الحضري. علاوة على ذلك، تتيح هذه الخطوة للشركتين فرصة جمع بيانات حيوية حول أنماط الطلب، أفضل المسارات الجوية، وتجربة المستخدم، مما يضمن إطلاقاً سلساً لأسطول طائرات eVTOL الكهربائية في المستقبل القريب.
ما وراء الشراكة: رؤية اقتصادية وبيئية
لم تكن هذه الشراكة وليدة الصدفة. فقد استحوذت “جوبي” مؤخراً على قسم نقل الركاب في “Blade”، كما أنها استحوذت في عام 2020 على قسم “Elevate” الطموح من “أوبر” نفسها، والذي كان مخصصاً لتطوير شبكة سيارات الأجرة الجوية. اليوم، تمتلك “أوبر” حصة استراتيجية في “جوبي” تبلغ حوالي 2.5%، مما يعكس ثقتها العميقة في رؤية “جوبي” وقدرتها على تحقيقها، خاصة في وقت تواجه فيه شركات منافسة مثل “فولوكوبتر” و”ليليوم” تحديات مالية قاسية.
ومن منظور أوسع، فإن التحول نحو طائرات eVTOL يمثل حلاً لمشكلتين رئيسيتين في مدننا اليوم:
- الازدحام المروري: تشير الإحصائيات إلى أن السائق العادي في مدن مثل نيويورك أو لندن يقضي أكثر من 100 ساعة سنوياً عالقاً في الزحام. سيارات الأجرة الجوية تقدم حلاً جذرياً عبر استخدام البعد الثالث: السماء.
- التلوث البيئي: تعمل طائرات eVTOL بالكهرباء، مما يعني انبعاثات كربونية صفرية أثناء التشغيل. بالإضافة إلى ذلك، تُظهر النماذج الأولية من “جوبي” أنها أكثر هدوءاً بمئة مرة من طائرات الهليكوبتر التقليدية، مما يقلل من التلوث الضوضائي بشكل كبير.
دبي: مختبر المستقبل للتنقل الجوي

بينما تُبنى الأسس في الولايات المتحدة وأوروبا، ستكون دبي هي المنصة العالمية الأولى التي تشهد الإطلاق التجاري لخدمة سيارات الأجرة الجوية من “جوبي” في عام 2026. اختيار دبي لم يكن عشوائياً؛ فالمدينة تمتلك بنية تحتية متطورة، وبيئة تنظيمية مرنة، ورؤية حكومية تحتضن الابتكار بشغف. لذلك، ستكون تجربة دبي بمثابة دراسة حالة عالمية، يراقبها الجميع لقياس مدى نجاح وقابلية هذا النموذج للتوسع.
نظرة مستقبلية: كيف سيؤثر ذلك عليك؟
في نهاية المطاف، هذا التطور يتجاوز مجرد إضافة خيار جديد في تطبيق. إنه بداية تحول نموذجي في كيفية تفكيرنا في التنقل والمسافات. في العقد القادم، من المتوقع أن تنخفض تكلفة الرحلات الجوية الحضرية مع نضوج التكنولوجيا وزيادة حجم الإنتاج. قد لا تكون سيارات الأجرة الجوية متاحة للجميع في يومها الأول، لكنها ستصبح تدريجياً جزءاً من نسيج النقل العام، تماماً كما أصبحت خدمات النقل التشاركي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليوم.
التأثير سيمتد إلى التخطيط الحضري، أسعار العقارات، وحتى أماكن اختيارنا للعيش والعمل. سيصبح التنقل بين المدن المجاورة أسرع وأسهل، مما قد يعيد تعريف مفهوم “الضواحي”. نحن على أعتاب عصر جديد، عصرٌ ستكون فيه السماء طريقاً سريعاً، والوقت هو المكسب الأكبر.
الأسئلة الشائعة:
1. متى سأتمكن من حجز رحلة جوية عبر أوبر؟
ستبدأ خدمة حجز طائرات الهليكوبتر في عام 2026، والتي ستكون الخطوة الأولى قبل إطلاق خدمة سيارات الأجرة الجوية الكهربائية (eVTOL).
2. ما هي طائرة eVTOL؟
هي طائرة كهربائية بالكامل ذات إقلاع وهبوط عمودي. تتميز بأنها صديقة للبيئة (لا انبعاثات) وأكثر هدوءاً بشكل ملحوظ من طائرات الهليكوبتر التقليدية.
3. هل ستكون هذه الخدمة باهظة الثمن؟
في البداية، من المتوقع أن تكون خدمة الهليكوبتر خدمة فاخرة ومكلفتها مرتفعة. ومع ذلك، تهدف تقنية eVTOL على المدى الطويل إلى خفض التكاليف التشغيلية بشكل كبير لجعل النقل الجوي الحضري متاحاً لشريحة أوسع من الناس.
4. لماذا تعتبر دبي أول مدينة تطلق الخدمة التجارية؟
بسبب بنيتها التحتية المتقدمة، رؤيتها المستقبلية، والدعم الحكومي القوي الذي يسهل إطلاق التقنيات الجديدة والمبتكرة في مجال النقل.