في خضم التوترات التجارية والسياسية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، ظهر فصل جديد من الحرب الباردة الرقمية: اختراق صيني حاول خلاله قراصنة انتحال شخصية مشرّع أميركي بارز عبر رسائل بريد إلكتروني وهمية. الهدف لم يكن المال، بل الوصول إلى معلومات حساسة حول العقوبات الأميركية المقترحة ضد بكين.
تفاصيل العملية
بحسب تحقيقات فيدرالية وتقارير أمنية، تلقّت جهات حكومية أميركية ومكاتب محاماة وشركات تجارية رسائل تبدو صادرة عن رئيس لجنة بالكونغرس الأميركي، جون مولينار. تضمنت هذه الرسائل استفسارات حول العقوبات المقترحة ضد الصين، لكنها في الواقع كانت جزءًا من حملة تجسس سيبراني متطورة.
تحليل الخبراء الأمنيين أظهر أن الهجوم مرتبط بمجموعة القرصنة الصينية المعروفة APT41، والتي يعتقد أنها تعمل بتنسيق مباشر مع وزارة أمن الدولة الصينية.
لماذا استهدفت الصين هذا الهدف؟
الهجوم جاء في فترة حساسة، قبيل محادثات تجارية بين واشنطن وبكين في السويد. الرسائل الوهمية كانت تهدف – وفق محللين – إلى إعطاء المسؤولين الصينيين نظرة داخلية على توصيات موجهة إلى إدارة ترامب بشأن العقوبات الاقتصادية.
مثل هذه المعلومات قد تمنح بكين أفضلية تفاوضية، أو على الأقل تسمح لها بالاستعداد لسيناريوهات محتملة.
الأبعاد الأمنية والسياسية
- أمنياً: العملية سلطت الضوء على التطور الكبير في قدرات القرصنة الصينية. خبراء في شركة الأمن السيبراني “مانديانت” أكدوا أن البرنامج الخبيث المرفق بالرسائل كان قادراً على التغلغل بعمق في الأجهزة المستهدفة إذا تم فتح الملفات.
- سياسياً: واشنطن وصفت العملية بأنها مؤشر على “تصعيد غير مسبوق” في محاولات التجسس الرقمي، بينما نفت بكين هذه الاتهامات، معتبرة إياها “تشويهًا بلا دليل”.
تكرار المحاولات واستخدام الذكاء الاصطناعي
هذا الحادث ليس معزولًا. تقارير سابقة كشفت أن قراصنة استخدموا الذكاء الاصطناعي لتقليد أصوات مسؤولين أميركيين كبار، مثل وزير الخارجية ماركو روبيو. كما تعرض موظفون في البيت الأبيض لمحاولات مشابهة لانتحال هويتهم.
وفي يناير الماضي، استهدفت محاولات أخرى لجنة أميركية معنية بالصين من خلال رسائل منتحلة باسم شركة تصنيع رافعات صينية، سبق أن وُجهت إليها اتهامات بالتجسس على الموانئ الأميركية.
لم يعد الأمر مجرد منافسة اقتصادية أو سباق عسكري، بل أصبح سباقًا على السيطرة في الفضاء السيبراني. الصين تستثمر بكثافة في هذا المجال، مدفوعة برغبتها في حماية مصالحها الاستراتيجية وتوسيع نفوذها.
الولايات المتحدة من جانبها تعتبر أن هذه الهجمات تهدد أمنها القومي، وهو ما يفسر زيادة استثماراتها في الأمن السيبراني وتعاونها مع الحلفاء في أوروبا وآسيا.
المستقبل: إلى أين يتجه الصراع؟
من المرجح أن نشهد المزيد من مثل هذه العمليات خلال السنوات المقبلة. الخبراء يتوقعون أن الهجمات السيبرانية ستصبح السلاح الرئيسي في التنافس بين واشنطن وبكين، خصوصاً مع دخول الذكاء الاصطناعي على الخط.
ومع غياب اتفاقيات دولية صارمة تضبط السلوك في الفضاء الرقمي، سيظل العالم مهدداً بموجات متجددة من “الحروب الصامتة” التي قد تكون نتائجها أشد فتكاً من الحروب التقليدية.
المصدر:
صحيفة وول ستريت جورنال + تقارير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) وشركة الأمن السيبراني Mandiant.
الأسئلة الشائعة حول الهجمات السيبرانية الصينية الأخيرة
1. ما هو الاختراق الصيني الأخير الذي استهدف مشرّعًا أميركيًا؟
محاولة قرصنة عبر رسائل بريد إلكتروني وهمية لانتحال شخصية النائب جون مولينار بهدف جمع معلومات عن العقوبات الأميركية ضد الصين.
2. من هي مجموعة APT41؟
هي مجموعة قرصنة صينية مرتبطة بوزارة أمن الدولة، نفذت هجمات سيبرانية واسعة ضد واشنطن وشركات عالمية.
3. كيف استهدفت العملية الجهات الأميركية؟
من خلال رسائل بريد إلكتروني مرفقة ببرامج خبيثة، كانت تبدو وكأنها صادرة عن مشرّع أميركي.
4. هل هذه أول محاولة صينية؟
لا، فقد سبقتها محاولات تضمنت تقليد أصوات مسؤولين أميركيين باستخدام الذكاء الاصطناعي وانتحال هويات عبر البريد الإلكتروني.
5. ما هو تأثير هذه الهجمات على العلاقات الأميركية الصينية؟
تزيد من حدة التوتر وتدفع الطرفين إلى تعزيز قدراتهما في الأمن السيبراني، مما يوسع الفجوة في الثقة بينهما.