After years of planning and careful preparations, Sweden’s landmark Kiruna Church began a two-day trip to a new home to save it from ground subsidence and the expansion of the world’s largest underground iron ore mine https://t.co/b6t82VWCqo pic.twitter.com/lcT0vGsFVx
— Reuters (@Reuters) August 19, 2025
في مشهد يمزج بين الخيال العلمي والهندسة الدقيقة، يشهد أقصى شمال السويد حدثًا فريدًا من نوعه. كنيسة كيرونا، التحفة المعمارية الخشبية التي صمدت لأكثر من قرن، تتحرك الآن ببطء شديد، ليس بفعل قوة خارقة، بل على متن أسطول من المقطورات العملاقة. إنها رحلة بطيئة لمسافة 5 كيلومترات، لا تمثل مجرد عملية نقل كنيسة كيرونا، بل ترمز إلى بقاء مدينة بأكملها وإرادة مجتمع يسعى للموازنة بين ازدهاره الاقتصادي وجذوره الثقافية.
صراع البقاء: لماذا تتحرك مدينة بأكملها؟
لفهم سبب هذه العملية الهندسية المذهلة، يجب أن ننظر إلى ما يكمن تحت أقدام سكان كيرونا. تقع المدينة مباشرة فوق أكبر منجم لخام الحديد تحت الأرض في العالم، وهو شريان الحياة الاقتصادي للمنطقة بأسرها وتديره شركة التعدين الحكومية العملاقة LKAB. لعقود من الزمان، كان هذا المنجم مصدر الرخاء، ولكنه اليوم أصبح يمثل تهديدًا وجوديًا.
مع كل طن من خام الحديد يتم استخراجه، تتشكل فجوات هائلة في أعماق الأرض. وبالتالي، بدأت الأرض تتشوه وتتشقق، مسببة هبوطًا أرضيًا يزحف ببطء نحو مركز المدينة، مهددًا بابتلاع آلاف المنازل والمباني التاريخية. لذلك، لم يكن أمام صانعي القرار سوى خيار واحد جريء وصعب: نقل المدينة بأكملها، مبنى تلو الآخر.
رقصة الفولاذ والخشب: تفاصيل العملية الهندسية
تُعتبر عملية نقل كنيسة كيرونا ذروة هذا المشروع الحضري الضخم. هذا الصرح الذي يزن 672 طنًا ليس مجرد مبنى، بل هو قلب المدينة الروحي. استغرقت الاستعدادات لنقله سنوات، حيث قام فريق من أفضل المهندسين في العالم بفصل الكنيسة بعناية عن أساسها، ثم رفعها باستخدام رافعات هيدروليكية متزامنة، ووضعها على شبكة معقدة من العوارض الفولاذية والمقطورات ذاتية الدفع.
تتحرك هذه القافلة الاستثنائية بسرعة لا تتجاوز سرعة مشي الإنسان، مما يسمح بالمراقبة الدقيقة والتعديلات الفورية. علاوة على ذلك، تطلب المسار تجهيزات خاصة، بما في ذلك إزالة مؤقتة لبعض الجسور وتدعيم للطرق لضمان وصول الكنيسة بأمان إلى موقعها الجديد المطل على وسط المدينة المستقبلي.
“هذه ليست مجرد عملية نقل لمبنى، إنها عملية نقل لروح المجتمع. نحن نحرك تاريخنا ومستقبلنا في آن واحد.” – اقتباس منسوب لأحد مسؤولي شركة LKAB.
ردود الفعل: دموع الفراق وأمل المستقبل
لم يكن نقل كنيسة كيرونا مجرد حدث هندسي، بل كان لحظة عاطفية عميقة للسكان. تجمع الآلاف من السكان المحليين والسياح على طول الطريق، حاملين هواتفهم وكاميراتهم لتوثيق هذه اللحظة التاريخية. كان المشهد مزيجًا فريدًا من الحزن والاحتفال؛ حزن على فراق موقع ارتبط بذكريات أجيال من حفلات الزفاف والتعميد والجنازات، وأمل وفخر بمستقبل جديد وآمن للمدينة.
انتشرت الصور ومقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، حيث عبر المعلقون من جميع أنحاء العالم عن دهشتهم وإعجابهم بهذا الإنجاز. وصف الكثيرون المشهد بأنه “سريالي” و”شهادة على الإبداع البشري”، بينما أشار آخرون إلى أنه يمثل رمزًا قويًا للتحديات التي تفرضها الصناعات الاستخراجية على البيئة والمجتمعات.
أكثر من مجرد نقل حجارة
إن ما يحدث في كيرونا يتجاوز كونه قصة إخبارية مثيرة. إنه يمثل دراسة حالة واقعية لأحد أهم معضلات القرن الحادي والعشرين: كيف يمكننا التوفيق بين حاجتنا للموارد الطبيعية التي تدعم اقتصاداتنا العالمية، وبين واجبنا في الحفاظ على تراثنا الثقافي والبيئي؟
إن قرار نقل كنيسة كيرونا، بتكلفته الباهظة وتعقيده الفني، هو رسالة قوية بأن الحفاظ على الهوية لا يقل أهمية عن النمو الاقتصادي. فبدلاً من التخلي عن معلمهم التاريخي كـ “ثمن للتقدم”، اختار مجتمع كيرونا وشركة LKAB الطريق الأصعب والأكثر تكلفة، مؤكدين بذلك أن المستقبل لا يجب أن يمحو الماضي، بل يمكن أن يحمله معه. إنها شهادة ملهمة على أن الابتكار لا يقتصر على التكنولوجيا، بل يشمل أيضًا إيجاد حلول مبدعة للحفاظ على إنسانيتنا.
ماذا بعد؟ المستقبل ينتظر في الموقع الجديد
بعد أن تستقر الكنيسة في موطنها الجديد، ستبدأ مرحلة دقيقة من إعادة توصيلها بالبنية التحتية وترميم أي أضرار طفيفة قد تكون لحقت بها. من المتوقع أن تُعاد فتح أبوابها للمصلين والزوار في أواخر عام 2026، لتستمر في دورها كمركز روحي للمدينة الجديدة، حاملةً معها قصص الماضي وذكرياته إلى المستقبل.
المصدر:
وكالات الأنباء العالمية وتقارير شركة LKAB
أسئلة شائعة
1. لماذا تم نقل كنيسة كيرونا؟
تم نقلها لإنقاذها من خطر الانهيارات الأرضية الناجمة عن التوسع في منجم خام الحديد الضخم الموجود تحت مدينة كيرونا.
2. كم المسافة التي تم نقل الكنيسة إليها؟
تم نقل الكنيسة لمسافة تقارب 5 كيلومترات (حوالي 3 أميال) إلى موقع آمن في مركز المدينة الجديد.
3. ما هي الأهمية التاريخية لكنيسة كيرونا؟
تعتبر تحفة معمارية خشبية فريدة من نوعها، وبُنيت عام 1912. وقد فازت بلقب أجمل مبنى في السويد، وهي تمثل رمزًا ثقافيًا وروحيًا للمدينة وسكانها.
4. كيف تمت عملية النقل؟
تم رفع الكنيسة التي تزن 672 طنًا بالكامل ووضعها على مقطورات ذاتية الدفع، ثم تم سحبها ببطء شديد على طول طريق مُجهز خصيصًا لهذه العملية.
