الكأس المقدسة لحطام السفن تظهر من جديد
لطالما شكّلت حكايات الكنوز الغارقة مصدر إلهام للكتب والأفلام، لكن هذه المرة، نحن أمام حقيقة مذهلة. فقد أعلن باحثون في كولومبيا أنهم ربما عثروا على حطام السفينة سان خوسيه، إحدى أغنى السفن الغارقة في التاريخ، والتي كانت محمّلة بثروة هائلة من الذهب والفضة والزمرد تعادل قيمتها الحالية نحو 16 مليار جنيه إسترليني.
حكاية السفينة سان خوسيه: من المجد إلى الأعماق
في عام 1708، أبحرت السفينة الإسبانية سان خوسيه كجزء من أسطول ينقل ثروات أمريكا الجنوبية إلى إسبانيا لتمويل حرب الخلافة الإسبانية. لكن الرحلة لم تكتمل، إذ اعترضت البحرية البريطانية بقيادة تشارلز واجر السفينة قرب جزيرة بارو قبالة ساحل كارتاخينا، وهاجمتها بشكل مفاجئ.
وأدى انفجار مخزن البارود إلى غرق السفينة في أعماق البحر، لتتحول إلى “كنز أسطوري” مفقود على مدى قرون.
اكتشاف جديد يعيد الحياة للغموض البحري
عام 2015، أعلن باحثون كولومبيون عن اكتشاف حطام في المنطقة ذاتها، لكن لم يتم تأكيد الهوية حينها. والآن، بفضل دراسة جديدة نُشرت في مجلة Antiquity، يتزايد الاعتقاد أن هذا الحطام هو فعلاً لسفينة سان خوسيه.
🕵️♂️ الأدلة التي تدعم ذلك:
- عملات فضية مؤرخة بعام 1707، صُنعت في ليما، بيرو، عُثر عليها قرب موقع الحطام.
- خزف صيني يعود لعهد الإمبراطور كانغشي (1662–1722)، مما يدل على التجارة العابرة للقارات.
- مدافع برونزية منقوشة بتواريخ تعود إلى ستينيات القرن السابع عشر، وهو ما يتطابق مع فترة بناء السفينة.

كل هذه المؤشرات توحي بأننا أمام السفينة الوحيدة المعروفة بهذه المواصفات في تلك الحقبة.
ثروة هائلة… وصراع أعظم على الملكية
إذا ثبت رسميًا أن الحطام يعود للسان خوسيه، فإن ما سيحدث لاحقًا لن يكون مجرد احتفال تاريخي، بل صراع قانوني عالمي.
فقد ادّعت العديد من الأطراف حقها في الكنز، منهم:
- الحكومة الكولومبية، التي تسن قانونًا منذ 2020 يمنحها الملكية الكاملة.
- الحكومة الإسبانية بصفتها مالكة السفينة الأصلية.
- دولة بيرو، التي جاء منها جزء من الذهب.
- السكان الأصليون وأحفاد عمال المناجم.
- شركة البحث الأمريكية Sea Search Armada، التي تطالب بتعويض يصل إلى 7.9 مليار جنيه إسترليني.
وقد يُشكل هذا النزاع أحد أكبر التحديات القانونية في تاريخ الاكتشافات البحرية.
ماذا بعد؟ الحطام في انتظار التكنولوجيا
رغم الحماسة العالمية، لن تبدأ عمليات استرجاع الكنز قريبًا. إذ تقع السفينة على عمق مئات الأمتار تحت سطح البحر، ويتطلب الأمر استخدام تقنيات غير تدخلية لدراسة الموقع بدقة، مثل الطائرات دون طيار وروبوتات الاستكشاف البحري.
وحتى يتم التأكد بالكامل، سيبقى الكنز راقدًا في الأعماق، يثير الخيال والتساؤلات.
سفينة غارقة.. وأسرار لم تُروَ بعد
إن قصة السفينة سان خوسيه ليست مجرد حكاية عن كنز غارق، بل هي نافذة لفهم حقبة استعمارية غيّرت وجه العالم. ومع تصاعد التنافس الدولي على هذا الاكتشاف، نكون أمام فصل جديد من فصول التاريخ البحري، حيث تمتزج الثروة بالسيادة، والحقيقة بالأسطورة.
المصدر: صحيفة التلغراف البريطانية + مجلة Antiquity
الأسئلة الشائعة حول حطام السفينة سان خوسيه
ما هي السفينة سان خوسيه ولماذا هي مشهورة؟
هي سفينة إسبانية غرقت عام 1708، وكانت تحمل كنزًا ضخمًا يُقدّر بـ16 مليار جنيه إسترليني، ما جعلها توصف بـ”الكأس المقدسة لحطام السفن”.
أين تم العثور على حطام سان خوسيه؟
قرب جزيرة بارو، قبالة ساحل كارتاخينا في كولومبيا، على عمق مئات الأمتار تحت سطح البحر.
من يملك الكنز الموجود على متن سان خوسيه؟
يوجد نزاع قانوني بين كولومبيا، إسبانيا، بيرو، السكان الأصليين، وشركة Sea Search Armada الأمريكية حول ملكية الكنز.
ما أهمية هذا الاكتشاف؟
يوفّر معلومات نادرة عن تجارة البحار في الحقبة الاستعمارية، ويعد من أهم الاكتشافات الأثرية في تاريخ أمريكا اللاتينية.