أثار الغضب الشعبي من بعض الأعمال الدرامية التي عُرضت خلال شهر رمضان جدلًا واسعًا في مصر، مما دفع السلطات إلى اتخاذ خطوة جديدة تتمثل في إعادة تشكيل لجنة الدراما في مصر. القرار صدر عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة خالد عبد العزيز، حيث تم تعيين الكاتبة والناقدة ماجدة موريس رئيسةً للجنة. مع إضافة المخرج أحمد صقر إلى عضويتها. مع الإبقاء على بقية أعضاء التشكيل السابق.
هل اللجان هي الحل لتطوير الدراما؟
رغم أن الهدف المعلن من هذه الخطوة هو تحسين مستوى المحتوى الدرامي، إلا أن هناك آراءً ترى أن لجنة الدراما في مصر قد لا تكون الحل الأمثل. الناقد الفني طارق الشناوي عبّر عن رأيه: مشيرًا إلى أن الدراما لا تتطور عبر اللجان، بل عبر فتح مساحات أكبر للإبداع والنقاش.
وأضاف الشناوي أن هذه الخطوة ليست الأولى من نوعها، إذ سبق وأن شكّل الراحل مكرم محمد أحمد لجنة دراما عندما كان رئيسًا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. والتي ترأسها آنذاك المخرج محمد فاضل. لكن لم تحقق هذه اللجنة تأثيرًا إيجابيًا يُذكر، بل أثارت انتقادات، كان أبرزها من الفنان عادل إمام، الذي عبر عن رفضه الشديد لتدخل اللجان في الإبداع الدرامي، وقال في لقاء مع الإعلامي الراحل وائل الإبراشي:
“مفيش حاجة اسمها لجنة تقولك اعمل إيه ومتعملش إيه.”
قيود أم تطوير؟
يرى الشناوي أن الدراما تتطور من خلال تناول الموضوعات الجريئة والمهمة، وليس عبر فرض قيود تنظيمية. وأشار إلى أن مسلسل “لام شمسية” الذي يُعرض هذا العام يتناول قضية التحرش بالأطفال، وهي من القضايا التي نادرًا ما تتناولها الدراما المصرية بوضوح.
وأكد أن الإبداع ينمو بفتح المجال أمام الأفكار الجديدة، وليس بتقييدها. معتبرًا أن الانصياع للرقابة المشددة قد يحد من تطور الصناعة الفنية في مصر.
اللجان والإبداع.. جدل مستمر
لخص الشناوي رأيه بقوله: “عمر ما كان القيد هو طريق الإبداع.” مشيرًا إلى أن أعظم الأعمال الفنية في تاريخ مصر لم تُنتَج تحت وصاية لجان رقابية. سواء في الموسيقى كما فعل سيد درويش، أو في الأدب كما قدّم نجيب محفوظ رواياته. أو حتى في السينما من خلال صلاح أبو سيف ويوسف شاهين. الذين قدموا أعمالهم بعيدًا عن أي توجيه حكومي مباشر.
المستقبل.. بين الحرية والرقابة
يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح لجنة الدراما في مصر في تحقيق التوازن بين ضبط جودة المحتوى وحماية حرية الإبداع؟ أم أنها ستُضاف إلى قائمة العوائق التي تعرقل تطور الدراما المصرية؟
في النهاية، تبقى صناعة الدراما بحاجة إلى بيئة حرة تُشجّع التجديد، وليس إلى مزيد من القيود التي قد تحدّ من انطلاقتها الإبداعية.
المصدر: www.alarabiya.net