في عالم كان يوماً ما حكراً على أصحاب الثروات الموروثة وأباطرة الصناعات التقليدية، يبرز اليوم جيل جديد من مليارديرات شباب لم يتجاوزوا الثالثة والأربعين من العمر. هؤلاء ليسوا مجرد أرقام في قائمة، بل هم مهندسو الواقع الرقمي الذي نعيشه. بثروة إجمالية مذهلة تبلغ 357 مليار دولار، يثبت أصغر المليارديرات في العالم لعام 2025 أن العصر الجديد لا يُبنى بالنفط والصلب، بل بالأكواد والبيانات.
الذكاء الاصطناعي: مصنع الثروة الجديد
إذا كان هناك قاسم مشترك يجمع هؤلاء العمالقة الجدد، فهو بلا شك الذكاء الاصطناعي. لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد فكرة في أفلام الخيال العلمي، بل أصبح المحرك الأساسي الذي يضخ المليارات في جيوبهم.
على سبيل المثال، نجد مارك زوكربيرغ (41 عامًا)، الذي لم يكتفِ بإمبراطورية التواصل الاجتماعي “ميتا”، بل ضخ استثمارات هائلة بقيمة 14 مليار دولار في “سكيل AI”. نتيجة لذلك، قفزت ثروته الشخصية بمقدار 72 مليار دولار في عام واحد فقط، ليؤكد أن من يسيطر على الذكاء الاصطناعي، يسيطر على المستقبل.
لكن القصة لا تتوقف عند مارك. إدوين تشين (37 عامًا)، أصغر عضو في هذه القائمة الحصرية، هو المثال الأكثر سطوعًا. بعد أن صقل مهاراته في “غوغل” و”فيسبوك”، أسس شركة Surge AI لتوفير البيانات التي تُعد “الوقود” اللازم لتدريب النماذج اللغوية العملاقة. في غضون سنوات قليلة، تحولت شركته الناشئة إلى عملاق تُقدر قيمته بـ 24 مليار دولار، مما جعل ثروته الشخصية تقفز إلى 18 مليار دولار.
من تعدين العملات إلى سحابة الذكاء الاصطناعي: قصة التحول الذكي
بعض قصص النجاح لم تكن وليدة فكرة واحدة، بل تطورت مع تغير السوق. براين فنتورو (40 عامًا)، الوافد الجديد للقائمة، بدأ مع شركته CoreWeave في مجال تعدين العملات المشفرة. لكنه أدرك بذكاء أن البنية التحتية التي بناها يمكن أن تخدم غرضًا أكبر بكثير: الحوسبة السحابية المخصصة للذكاء الاصطناعي. هذا التحول الاستراتيجي جعل شركته لاعباً لا غنى عنه في الساحة، ورفع ثروته إلى 4.2 مليار دولار.
إعادة تعريف المال والاستثمار للجيل الجديد
بعيدًا عن الذكاء الاصطناعي الصريح، هناك من صنعوا ثرواتهم عبر تغيير علاقتنا بالمال. بيجو بهات (40 عامًا) وفلاد تينيف (38 عامًا)، مؤسسا تطبيق Robinhood، أحدثا ثورة في عالم الاستثمار. لقد أتاحوا لملايين الشباب الوصول إلى سوق الأسهم بضغطة زر، مما أدى إلى نمو هائل خلال الجائحة. على الرغم من التحديات، استمرت المنصة في التوسع، وارتفعت ثروة كل منهما إلى 6 و 5.8 مليار دولار على التوالي.
في نفس السياق، نجد جوش كوشنر (40 عامًا) الذي أتقن لعبة الاستثمار من خلف الكواليس. عبر شركته Thrive Capital، دعم في وقت مبكر شركات أصبحت اليوم من عمالقة التكنولوجيا مثل “Stripe” و”OpenAI”. منهجه الاستثماري الجريء أثبت نجاحه، حيث يدير اليوم أصولًا تتجاوز 15 مليار دولار.
نموذج مختلف للثروة: الإرث والاستدامة
في قائمة يسيطر عليها العصاميون، يبرز لوكاس والتون (38 عامًا) كاستثناء وحيد. كوريث لثروة “وولمارت”، لم يكتفِ بإدارة الأموال، بل اختار مسارًا مختلفًا. من خلال شركته Builders Vision، يركز والتون على الاستثمار المؤثر، حيث يوجه مليارات الدولارات نحو المشاريع التي تعالج قضايا الاستدامة وتغير المناخ. وبالتالي، يقدم نموذجًا لكيفية استخدام الثروات الموروثة لإحداث تغيير إيجابي في العالم.
جيل يكتب المستقبل
إننا نشهد على تحول جذري في الاقتصاد العالمي، حيث أصبحت الأفكار المبتكرة والجرأة التكنولوجية هي العملة الأكثر قيمة. هؤلاء الشباب لم يجمعوا المال فحسب، بل أعادوا تشكيل طريقة تواصلنا، استثمارنا، وحتى تفكيرنا، مؤكدين أن المستقبل يُبنى اليوم في عقول أولئك الذين يجرؤون على الحلم.
المصدر:
بيانات وإحصائيات قائمة فوربس 400 لعام 2025.
قسم الأسئلة الشائعة
1. من هو أصغر ملياردير في العالم لعام 2025؟
أصغر ملياردير هو إدوين تشين، البالغ من العمر 37 عامًا، وهو مؤسس شركة Surge AI المتخصصة في توفير بيانات تدريب الذكاء الاصطناعي، بثروة تقدر بـ 18 مليار دولار.
2. ما هو المصدر الرئيسي لثروات هؤلاء المليارديرات الشباب؟
المصدر الرئيسي هو التكنولوجيا المتقدمة، مع تركيز خاص على الذكاء الاصطناعي، والمنصات الرقمية (مثل Airbnb و Robinhood)، وبرمجيات الإنتاجية، والاستثمار في رأس المال المخاطر.
3. هل كل المليارديرات الشباب في القائمة صنعوا ثرواتهم بأنفسهم؟
جميعهم تقريبًا صنعوا ثرواتهم بأنفسهم من خلال تأسيس شركات أو الاستثمار فيها، باستثناء لوكاس والتون الذي ورث ثروته من عائلة والتون (مؤسسي “وولمارت”).