معدلات انتشار الإعلانات الرقمية باتت تمثل ركيزة أساسية في عالم التسويق الحديث، حيث تتنافس منصات التواصل الاجتماعي الكبرى على جذب المُعلِنين والمستخدمين على حدّ سواء. في ظلّ التطور التكنولوجي المتسارع، أصبح لكل منصة شخصية مميزة وجمهور مستهدف خاص بها، مما يؤثر بشكل مباشر على حجم الإيرادات الإعلانية. في هذه المقالة، سنلقي نظرة شاملة على منصات مثل فيسبوك وإنستغرام، إلى جانب الوافدين الأقوياء مثل تيك توك وسناب شات، لنرى إن كانت المنصات الأقدم لا تزال تتصدّر مشهد الإعلانات الرقمية أم أن المنافسة باتت أشدّ من أي وقت مضى.
أهمية معدلات انتشار الإعلانات الرقمية في السوق الحديث
تُعد معدلات انتشار الإعلانات الرقمية مؤشراً واضحاً على مدى فعالية المنصة في الوصول إلى الجمهور المناسب وتحقيق العائد على الاستثمار (ROI) للمعلنين. فكلما زاد معدل الانتشار، زادت قدرة المنصة على التأثير في قرارات الشراء لدى المستهلكين، مما يرفع من احتمالية نمو أرباحها السنوية من الإعلانات.
وفي عالمنا اليوم، يعتمد جزء كبير من استراتيجيات الشركات على الإعلانات الرقمية. وذلك يشمل الشركات الصغيرة والمتوسطة، وليس فقط العلامات التجارية العالمية. إذ يتيح الإعلان الرقمي إمكانية توجيه الرسالة التسويقية بدقة إلى جمهور محدد وفق معايير الديموغرافيا والاهتمامات والسلوك الشرائي. لذا، فإن فهم معدلات انتشار الإعلانات الرقمية على كل منصة يساهم في اتخاذ قرارات تسويقية مبنية على بيانات أكثر دقة.
نظرة عامة على حصة المنصات الكبرى من سوق الإعلانات الرقمية
1. فيسبوك (Facebook)
يُعتبر فيسبوك إحدى أقدم المنصات في عالم التواصل الاجتماعي، وهو ما منحه فرصة متقدمة لإنشاء نظام إعلاني متطور يدعم مختلف الأهداف التسويقية. تُشير إحصائيات السنوات الأخيرة إلى أن فيسبوك لا يزال يحتفظ بحصة كبيرة من سوق الإعلانات الرقمية، ويُعزى ذلك إلى عدة أسباب:
- قاعدة مستخدمين ضخمة: يتجاوز عدد مستخدمي فيسبوك ملياري مستخدم نشط شهرياً، مما يوفّر فرصة واسعة للمُعلِنين للوصول إلى شريحة جماهيرية متنوعة.
- منصة إعلانية شاملة: يتيح فيسبوك خيارات استهداف دقيقة بناءً على الموقع، والعمر، والاهتمامات، والسلوكيات، ما يجعل الحملات الإعلانية أكثر فعالية.
- تطور مستمر في الأدوات التحليلية: تتميز فيسبوك بأدوات تحليل متطورة تُمكّن المعلنين من تتبع أداء إعلاناتهم بدقة، وتحسين الاستراتيجيات الإعلانية بشكل مستمر.
وبحسب تقديرات غير رسمية، يُقدّر أن فيسبوك لا يزال يستحوذ على حصة تتراوح بين 20% و25% من إجمالي سوق الإعلانات الرقمية العالمية، ويحقق مليارات الدولارات من الإيرادات الإعلانية سنوياً.
2. إنستغرام (Instagram)
تحت مظلة شركة ميتا (فيسبوك سابقاً)، حققت منصة إنستغرام نقلة نوعية في عالم الإعلانات الرقمية بسبب طبيعتها البصرية وجمهورها الشاب. تأتي قوة إنستغرام من:
- المحتوى البصري الجذاب: يعتمد إنستغرام على الصور والفيديوهات القصيرة، وهو ما يجعل الإعلانات أكثر تفاعلاً وجاذبية.
- القصص (Stories) والريلز (Reels): توفر هذه الخاصيات مساحة إبداعية كبيرة للمعلنين للوصول إلى المستخدمين بطرق غير تقليدية.
- توافقه مع فيسبوك: إتاحة خيار ربط الإعلانات بين المنصتين، والاستفادة من بيانات الاستهداف الموجودة على فيسبوك.
ووفقاً لبيانات مختلفة، يُمكن لإنستغرام أن يمثّل ما يصل إلى 30% من إجمالي عائدات الإعلانات على منصات شركة ميتا، مما يضعه ضمن المنافسين الأقوياء في سوق الإعلانات الرقمية.
3. تيك توك (TikTok)
عندما نتحدث عن معدلات انتشار الإعلانات الرقمية، لا يمكن إغفال تيك توك، فهو منصة حديثة العهد نسبياً ولكنه حقق قفزات هائلة في عدد المستخدمين، خاصة بين الفئة العمرية الشابة. يتميّز تيك توك بما يلي:
- محتوى الفيديو القصير والإبداعي: يعتمد التطبيق على مقاطع الفيديو القصيرة والمبتكرة، مما يرفع معدلات التفاعل بشكل كبير.
- خوارزميات عرض المحتوى: تساعد تيك توك في وصول المحتوى لأوسع شريحة ممكنة، حتى لمن لا يتابع حسابك مباشرة.
- انفتاح على الإعلانات: على الرغم من أنه في بداياته، إلا أنه قدم خيارات إعلانية متنوعة تشمل إعلانات داخل الصفحة الرئيسية، وإعلانات التشغيل الأول، والتعاون مع المؤثرين.
بفضل هذا النمو السريع، يُقدَّر أن حصة تيك توك من سوق الإعلانات الرقمية في تزايد مستمر، وقد سجّل إيرادات بمليارات الدولارات مؤخراً، مع توقعات باستمرار الصعود في السنوات المقبلة.
4. سناب شات (Snapchat)
على الرغم من تراجع الزخم الإعلامي حول سناب شات في السنوات الأخيرة بسبب المنافسة القوية من إنستغرام وتيك توك، إلا أنه لا يزال يحتفظ بجمهور وفيّ بين فئة المراهقين والشباب. تعد ميزات السنابات القصيرة والفلاتر التفاعلية من أبرز أدوات الجذب الإعلاني. وتشير بعض التقديرات إلى أن سناب شات يُحقق إيرادات إعلانية تناهز بضعة مليارات سنوياً. ومع التطوير المستمر لأدواته الإعلانية وتركيزه على تجارب الواقع المعزز (AR)، يظل سناب شات منافساً لا يُستهان به، خاصة في الأسواق الغربية.
5. يوتيوب (YouTube)
رغم أن يوتيوب منصة فيديو أكثر من كونها منصة تواصل اجتماعي، إلا أنها تعد جزءاً لا يتجزأ من مشهد معدلات انتشار الإعلانات الرقمية. يوفر يوتيوب للمُعلِنين بيئة مثالية لعرض إعلانات الفيديو قبل أو أثناء مشاهدة المحتوى. وبفضل قاعدة المستخدمين الضخمة والتكامل مع جوجل، يمتلك يوتيوب حصة مهمة جداً من إجمالي عائدات الإعلانات حول العالم.
هل لا تزال فيسبوك وإنستغرام تتصدّران المشهد؟
عند تقييم معدلات انتشار الإعلانات الرقمية، نجد أن فيسبوك وإنستغرام لا يزالان يتمتعان بنصيب الأسد من حيث عدد المعلنين وحجم الإنفاق. ورغم صعود منافسين أقوياء مثل تيك توك وسناب شات، فإن شبكة ميتا تستفيد من بنية تحتية إعلانية متكاملة وبيانات هائلة للمستخدمين ما يمنحها ميزة تنافسية صعبة المضاهاة.
ومع ذلك، لا يمكن إغفال التغيّرات الحاصلة في سلوك المستخدمين، خصوصاً الأجيال الأصغر سناً التي تفضّل المحتوى السريع والمختصر على تيك توك وسناب شات. ومن هنا، قد تشهد السنوات القادمة انتقالاً لبعض الحصص الإعلانية نحو هذه المنصات إذا نجحت في تقديم أدوات تسويقية مبتكرة وفعّالة.
قراءة في أرقام الإيرادات السنوية للإعلانات
بالاعتماد على تقارير وتحليلات سوقية، يمكن القول إن قيمة الإعلانات الرقمية العالمية تقارب مئات المليارات من الدولارات سنوياً. وتُعد فيسبوك وإنستغرام أحد أبرز الأطراف المستفيدة من هذه الكعكة، حيث تصل إيراداتهما إلى عشرات المليارات. أما تيك توك فقد حصد عائدات بمليارات قليلة نسبياً، لكن بوتيرة نمو هائلة. بينما يستمر يوتيوب في تحقيق أرقام ضخمة بفضل تكامله مع عملاق البحث جوجل.
لا تزال المنافسة مفتوحة على مصراعيها، حيث تُبدي المنصات الجديدة طموحاً لا حدود له في جذب المعلنين، سواء عبر التحديثات المستمرة في الخوارزميات أو إطلاق أشكال إعلانات مبتكرة. في الوقت نفسه، تستثمر المنصات الكبرى في التطوير المستمر لتقنياتها، لضمان الحفاظ على حصتها الكبيرة في السوق.
العوامل المؤثرة في اختيار المنصة الإعلانية المناسبة
1. الجمهور المستهدف
يعد الجمهور المستهدف أول محدد في اختيار المنصة الإعلانية. إذا كان منتجك أو خدمتك موجهة بشكل أساسي للشباب، فقد يكون تيك توك أو إنستغرام خياراً مثالياً. أما إذا كنت تستهدف فئات عمرية متنوعة وبأذواق مختلفة، فإن فيسبوك ويوتيوب قد يقدمان حلولاً أكثر شمولية.
2. نوع المحتوى المفضّل
تؤثر طبيعة المحتوى بشكل كبير في فعالية الإعلان الرقمي. في حال كان لديك محتوى بصري جذاب وفيديوهات قصيرة. فـ تيك توك وإنستغرام قد يتيحان لك فرصة للتألق. أما إذا كنت تُقدم محتوى طويل أو تفصيلي، فربما يكون يوتيوب هو الأنسب.
3. الميزانية وتكاليف الإعلانات
تختلف تكاليف الإعلانات بين منصة وأخرى. فعلى سبيل المثال، قد يكون سعر النقرة (CPC) على فيسبوك وإنستغرام أعلى في بعض الأسواق، مقارنة ببعض المنصات الناشئة. لذا، يجب إجراء مقارنة بين العائد الممكن تحقيقه من كل منصة وتكاليف الإعلانات عليها، لتحديد الأفضل وفق ميزانيتك.
4. أدوات التحليل والاستهداف
كل منصة توفر أدوات مختلفة لتحليل أداء الإعلانات واستهداف الجمهور بدقة. فيسبوك مثلاً يمتلك واحدة من أكثر الأدوات تطوراً في هذا المجال. بينما تقدّم تيك توك و سناب شات أدوات حديثة ولكن ربما أقل تفصيلاً. عليك المقارنة بين الإمكانات المتاحة والاحتياجات الفعلية لحملتك التسويقية.
المنافسة بين تيك توك وسناب شات: أيهما أقوى؟
بات واضحاً أن تيك توك يحرز تقدماً ملحوظاً في معدلات انتشار الإعلانات الرقمية، بفضل اعتماده على خوارزميات ذكية تمكّن المحتوى من الوصول لعدد ضخم من المشاهدين بسرعة قياسية. وفي المقابل، لا يزال سناب شات يُعتبر منصة خاصة، حيث يتفاعل فيها الجمهور بشكل أكثر خصوصية. مما قد يجعلها أقل جاذبية في نظر بعض المعلنين الكبار.
ومع ذلك، يملك سناب شات مزايا تنافسية مثل الفلاتر والعدسات التي تجذب شرائح واسعة من الشباب، بالإضافة إلى تركيزه على تقنيات الواقع المعزز (AR) التي تُقدم أشكالاً جديدة من الإعلانات التفاعلية. لذا، لا يمكن حسم النتيجة لصالح منصة بعينها، بل يعتمد الأمر على طبيعة المنتج أو الخدمة والجمهور المستهدف.
هل ينتهي زمن فيسبوك وإنستغرام قريباً؟
رغم الضجة الكبيرة التي تحدثها المنصات الناشئة، يظل القول إن زمن فيسبوك وإنستغرام قد ولّى بعيداً عن الواقع في الوقت الراهن. فهاتان المنصتان تمتلكان قاعدة مستخدمين هائلة، واستثمارات ضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات. إلى جانب عائدات سنوية ضخمة تمكّنهما من تمويل أبحاث وتطوير مستمرة.
لكن هذا لا ينفي احتمالية أن تشهد السنوات المقبلة تراجعاً طفيفاً في حصصهما لصالح المنافسين. خصوصاً إذا استمرت تيك توك في استقطاب الشباب بشكل مكثف، ونجحت منصات أخرى في تقديم مزايا تفوق ما يقدمه العملاقان فيسبوك وإنستغرام.
الخلاصة: منصة مقابل منصة
في سباق معدلات انتشار الإعلانات الرقمية، يتضّح أن المشهد يتسم بالتنوع والتجدد المستمر. لا تزال فيسبوك وإنستغرام تحتفظان بالمراكز الأولى من حيث الحصة السوقية والإيرادات الإعلانية، لكن الصعود السريع لكل من تيك توك وسناب شات يوحي بأن المستقبل قد يحمل تغيرات جوهرية في خريطة المنافسة.
فإذا كنت مُعلِناً أو مسوّقاً، من المهم أن تُواكب هذه التطورات وتُجري أبحاثاً دورية حول أداء كل منصة. خُذ بعين الاعتبار طبيعة المحتوى وجمهورك المستهدف والميزانية المتاحة، ولا تتردد في تجربة منصات جديدة إذا وجدت أنها تحقق عائداً أفضل على الاستثمار.
وبهذا الشكل، تتمكن من بناء استراتيجية تسويقية مرنة، تجمع بين المنصات الأقدم والأكثر استقراراً مثل فيسبوك وإنستغرام، والمنصات الأكثر حداثة ونمواً مثل تيك توك وسناب شات. إنَّ النجاح في عالم الإعلانات الرقمية اليوم مرهون بقدرتك على التحليل والتجريب ومتابعة الإحصائيات والأرقام عن كثب، فلا تُضيّع أي فرصة للابتكار والتجديد.
أهم النقاط المستخلصة
- التركيز على معدلات انتشار الإعلانات الرقمية ضروري لفهم أي منصة تملك الحصة الأكبر من الجمهور.
- فيسبوك وإنستغرام لا يزالان في مقدمة المشهد بفضل بنيتهما التحتية الإعلانية المتكاملة.
- تيك توك يحظى بنمو هائل في فئة الشباب ويسجل إيرادات متصاعدة سنوياً.
- سناب شات لا يزال منافساً مهماً بفضل جمهوره الوفي وابتكاراته التقنية في مجال الواقع المعزز.
- يوتيوب يحتفظ بحصة قوية في سوق الفيديو والإعلانات المصاحبة لها.
- الاختيار بين المنصات يعتمد على نوع المحتوى، الجمهور المستهدف، الميزانية، وأدوات التحليل المتاحة.
في النهاية، فإن معدلات انتشار الإعلانات الرقمية ليست رقماً ثابتاً، بل تتأثر بالتطورات التكنولوجية وتغير سلوكيات المستخدمين. لذا، حافظ على متابعة التغييرات أولاً بأول، واستخدم البيانات لاتخاذ القرارات التسويقية الأكثر فعالية.

[…] منصات مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام معدلات استخدام عالية في دول الخليج ومصر والمغرب […]
[…] الجذب الإعلاني: تجذب الأرقام المرتفعة للمشاهدات اهتمام المعلنين، ما يجعل المنصة من أبرز اللاعبين في سوق الإعلانات الرقمية. […]