مسجد إيفري كوركورون الكبير: تحفة معمارية ومنارة ثقافية إسلامية في فرنسا

تحفة معمارية إسلامية في قلب فرنسا

يُعد مسجد إيفري كوركورون الكبير واحدًا من أبرز المعالم الإسلامية في فرنسا، حيث يجمع بين الفن الأندلسي الأصيل والهندسة المعمارية الحديثة، مما يجعله تحفة إسلامية متألقة في قلب أوروبا.
يقع المسجد في مدينة إيفري ضمن بلدية كوركورون جنوب باريس، وهو جزء من إقليم إيسون بمنطقة إيل دو فرانس، ويبعد 26 كيلومترًا فقط عن العاصمة الفرنسية.

تم وضع حجر الأساس للمسجد عام 1984 على مساحة 7,000 متر مربع، ليصبح أحد أكبر المساجد في فرنسا وأوروبا، إلى جانب المسجد الكبير في روما ومسجد بيت الفتوح في لندن.

مركز ثقافي متكامل لتعزيز القيم الإسلامية

لا يُعد مسجد إيفري كوركورون الكبير مجرد مكان للصلاة، بل هو مركز ثقافي إسلامي متكامل يشرف على اتحاد مساجد فرنسا الذي يضم حوالي 900 مسجد وجمعية إسلامية.

ويقدم المسجد العديد من الأنشطة العلمية والمعرفية، مثل:

• دروس في الفقه والشريعة الإسلامية
• ندوات ومحاضرات علمية يشارك فيها علماء وأكاديميون بارزون
• مدرسة الهدى لتعليم اللغة العربية، التي تضم 9 فصول دراسية
• مكتبة تحتوي على مراجع إسلامية وتراثية نادرة
• غرفة مؤتمرات لاستضافة فعاليات ثقافية ودينية على مدار العام

تصميم معماري يمزج بين الأصالة والحداثة

صُمم مسجد إيفري كوركورون الكبير على الطراز الأندلسي، وهو من إبداع المهندس الفرنسي هنري بودو. يتميز المسجد بـ:

• محراب مزخرف بنقوش عربية وآيات قرآنية
• أعمدة متراصة تعكس التناغم الهندسي الإسلامي
• قبة فنية استخدم فيها الخط العربي الكوفي
• مئذنة شامخة بارتفاع 25 مترًا، تعكس روح المعمار المغاربي

وقد تم تنفيذ الزخارف الداخلية والخارجية للمسجد بإشراف خبراء من المغرب العربي، مما أضفى عليه طابعًا إسلاميًا أصيلًا.

مكانة دينية ورسمية مرموقة

في عام 1996، حصل مسجد إيفري كوركورون على اعتراف رسمي من الحكومة الفرنسية كمؤسسة دينية تشرف على:

• مراقبة المطاعم الإسلامية التي تقدم اللحم الحلال
• الإشراف على ممارسات الذبح الإسلامي في فرنسا
• تقديم الدعم والإرشاد للمسلمين الفرنسيين والمهاجرين

رمضان في مسجد إيفري كوركورون: روحانية وتضامن اجتماعي

يشهد مسجد إيفري إقبالًا واسعًا خلال شهر رمضان، حيث يتوافد عليه آلاف المسلمين من مختلف المناطق لأداء صلاة التراويح والتهجد. كما ينظم المسجد أنشطة خيرية مكثفة، أبرزها:

• تقديم 300 وجبة إفطار يوميًا، وما يقارب 10,000 وجبة طوال الشهر الفضيل
• استضافة برامج دينية وتوعوية لتعريف الجاليات الإسلامية بدينهم وقيمهم
• استقبال المئات من المعتنقين الجدد للإسلام خلال الشهر الفضيل

وفي تصريح لوسائل الإعلام، أكد خليل مرون، عميد مسجد إيفري كوركورون الكبير، على أهمية المسجد كمركز ديني وثقافي يعمل على تعزيز قيم الإسلام السمحة، وتعليم الجيل الجديد مبادئ الدين الإسلامي بأسلوب معاصر ومتفتح.

مكانة المسجد ضمن التراث الثقافي الفرنسي

يُعد مسجد إيفري كوركورون الكبير من أبرز المعالم الإسلامية المعترف بها رسميًا في فرنسا، حيث حصل منذ تأسيسه على شهادة من وزارة الثقافة الفرنسية تؤكد أنه جزء من التراث الثقافي الوطني، وهو ما يمنحه مكانة مرموقة بين المساجد الأوروبية.

المساجد الإسلامية في فرنسا: أرقام وإحصائيات

وفقًا لأحدث الإحصائيات لعام 2024، يوجد في فرنسا 2600 مسجد وقاعة صلاة، منها 459 مسجدًا في باريس وضواحيها. لكن معظم هذه المساجد ليست بالمعنى المعماري التقليدي، حيث لا يتجاوز عدد المساجد التي تمتلك مآذن 90 مسجدًا فقط.

ويقدر عدد المسلمين في فرنسا بحوالي 5 ملايين شخص، مما يجعل الإسلام ثاني أكبر ديانة في البلاد بعد المسيحية.

خاتمة: مسجد إيفري كوركورون.. منارة إسلامية مشرقة في قلب أوروبا

يمثل مسجد إيفري كوركورون الكبير نموذجًا فريدًا للتعايش الديني والثقافي في فرنسا، حيث يجمع بين الروحانية الإسلامية والتراث المعماري الأندلسي. وإلى جانب دوره الديني، يُعد المسجد مركزًا ثقافيًا نشطًا يُسهم في نشر القيم الإسلامية السمحة وتعزيز الهوية الإسلامية بين الجاليات المسلمة في أوروبا.

سواءً كنت تبحث عن مركز ديني للصلاة والتأمل، أو مكانًا لتعميق معرفتك بالثقافة الإسلامية، فإن مسجد إيفري كوركورون الكبير سيظل واحة إيمانية وثقافية في قلب فرنسا.

المصدر: www.aljazeera.net