عندما نتحدث اليوم عن السيارات الكهربائية، يخطر في بالنا فورًا سيارات “تسلا” أو المركبات الذكية من “مرسيدس” و”هيونداي”. لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن الطريق نحو هذه المرحلة لم يكن مباشرًا، بل مرّ بمحاولات جريئة وغريبة لابتكار سيارات كهربائية بدا بعضها أقرب إلى أفلام الخيال العلمي منه إلى الشوارع.
هذه التصاميم، رغم غرابتها، كانت تحمل حلولًا عملية لمشاكل النقل الحضري، وأسست لمفاهيم ما زالت تُستخدم حتى الآن. لنستعرض بعضًا من هذه المركبات الكهربائية الغريبة التي سبقت عصرها.
فورد كوموتا (1967): الهاتف المتنقل على عجلات

في ستينيات القرن الماضي، أطلقت “فورد” سيارة كوموتا الصغيرة، بطول لا يتجاوز مترين ونصف تقريبًا. كانت تعمل بأربع بطاريات رصاصية عادية مثل بطاريات جزازات العشب، وتمنح مدى يقارب 60 كيلومترًا بسرعة قصوى 60 كم/س.
الابتكار لم يكن في المحرك فقط، بل في التصميم العملي: نوافذ واسعة لزيادة الشعور بالرحابة، ومقعد مرتفع يمنح السائق رؤية واضحة. رغم أن المشروع لم ينتشر تجاريًا، فإنه أثبت أن “الصغر” لا يعني التنازل عن الراحة أو الكفاءة.
نيسان بيفو 2 (2007): المقصورة الدوارة
في معرض طوكيو للسيارات، كشفت نيسان عن مركبة بيفو 2 التي بدت كأنها قادمة من كوكب آخر. مقصورتها كانت تدور 360 درجة، وعجلاتها الأربعة تتحرك بشكل مستقل، مما يسمح بركن السيارة جانبيًا مثل “سرطان البحر”.
كان هذا الحل عبقريًا لمشكلة الازدحام الحضري. صحيح أنها لم تدخل الإنتاج، لكن تقنياتها مثل المحركات داخل العجلات ونظام التوجيه الرباعي أصبحت شائعة اليوم.
نيسان لاند غلايدر (2009): الدراجة المستقرة

بعد عامين فقط، عرضت نيسان فكرة أكثر جرأة: سيارة ضيقة للغاية، بمقعدين متتاليين، تنحني في المنعطفات كما تفعل الدراجات النارية، لكن دون فقدان التوازن بفضل أربعة إطارات ونظام تحكم إلكتروني.
هنا تجلت فكرة أن التنقل الفردي أو الثنائي داخل المدن لا يحتاج إلى سيارات ضخمة. ومع تطور المركبات الصغيرة اليوم مثل الدراجات الكهربائية والسكوترات، يبدو أن لاند غلايدر كان استباقيًا جدًا.
رينو تويزي (2009): الغرابة التي وصلت للإنتاج

بينما بقيت معظم الأفكار على الورق، قررت رينو أن تخوض التجربة بجرأة. أطلقت “تويزي” الصغيرة رسميًا عام 2011، كرباعية عجل كهربائية ذات مقعدين خلف بعضهما.
برغم بطاريتها الصغيرة ومدى لا يتجاوز 100 كيلومتر، بيعت أكثر من 25 ألف وحدة في أوروبا. أثبتت تويزي أن الحلول البسيطة أحيانًا هي الأكثر نجاحًا، خصوصًا مع التكدس المروري وارتفاع تكاليف الوقود.
جنرال موتورز EN-V (2010): كبسولة المستقبل

كشفت GM بالتعاون مع شركة صينية عن مركبة EN-V، التي توازن نفسها على عجلتين مثل “سيغواي”، وتتسع لراكبين فقط. ميزتها الكبرى كانت في دمج الذكاء الاصطناعي والتواصل بين المركبات، ما جعلها أشبه بنسخة أولية من السيارات ذاتية القيادة.
رغم أن الفكرة لم تصل للطرقات العامة، إلا أنها ألهمت تقنيات القيادة الذاتية وأنظمة الملاحة الحديثة.
تحليل شخصي: الجنون الذي يصبح واقعًا
لو نظرنا إلى هذه الأمثلة سنجد قاسمًا مشتركًا: الجرأة على كسر المألوف. ما بدا “مجنونًا” وقتها أصبح اليوم جزءًا من سياراتنا؛ مثل التوجيه الرباعي، استخدام البطاريات الخفيفة، وحتى أنظمة الاستشعار الذكية.
برأيي، هذه المركبات تثبت أن الابتكار لا يولد دائمًا من التفكير التقليدي، بل من المخاطرة بأفكار قد تبدو غير قابلة للتطبيق. ومع التطور السريع في الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، قد نرى قريبًا مركبات أكثر غرابة تتحول إلى واقع يومي.
الأسئلة الشائعة:
1. ما هي أغرب المركبات الكهربائية في التاريخ؟
من أبرزها: فورد كوموتا، نيسان بيفو 2، نيسان لاند غلايدر، رينو تويزي، وجنرال موتورز EN-V.
2. هل وصلت أي من هذه المركبات إلى مرحلة الإنتاج التجاري؟
نعم، رينو تويزي هي الوحيدة التي تم إنتاجها وبيعها على نطاق واسع.
3. ما الفائدة من هذه التصاميم الغريبة؟
كانت حلولًا لمشاكل النقل الحضري، مثل صعوبة الركن والاكتظاظ المروري، ومهدت لتقنيات حديثة.
4. لماذا لم تنتشر باقي النماذج؟
لأسباب تتعلق بالكلفة، القوانين، وعدم جاهزية الأسواق وقتها لمثل هذه الابتكارات.
5. ما الدروس المستفادة لمستقبل النقل؟
أن الجرأة على الابتكار حتى وإن بدت “غريبة” يمكن أن تغير مستقبل النقل الحضري.