نحو مدنٍ أكثر خضرة وأقل بصمة كربونية
مع تصاعد المخاوف من تغيّر المناخ، يتجه العالم اليوم إلى البحث عن حلول معمارية مبتكرة تقلل من الانبعاثات الكربونية وتدعم صحة الإنسان والبيئة معاً. في هذا السياق، برز مشروع “مدينة الخشب” في ستوكهولم، السويد، كعلامة فارقة في طريق بناء مدن المستقبل.
مدينة الخشب: ثورة هادئة برائحة الطبيعة
بينما ترتفع الانتقادات العالمية الموجهة إلى قطع الأخشاب باعتباره تهديداً بيئياً. خرج مشروع توسعة مدرسة ثانوية في منطقة سيكلا بجنوب ستوكهولم ليغيّر هذه الصورة. المشروع، الذي تطوره شركة “أتريوم ليونجبرغ”، يعتمد بشكل شبه كامل على تقنيات الأخشاب المغشاة والمصفحة المتصالبة (CLT)، التي تمنح المباني صلابة تقترب من الخرسانة مع وزن أخف ووتيرة إنجاز أسرع.
لا تكاد تسمع صوت آلات الحفر المعتادة في المشروع، بل تعبق رائحة الخشب الطبيعي في الأجواء، في مشهد يعبر عن تحول معماري وبيئي عميق.
سرعة إنجاز مذهلة
وفقًا لنيكولاس هيغستروم، مدير المشروع، فإن استخدام الخشب يمكّن فرق العمل من بناء 1000 متر مربع في الأسبوع. وهو ضعف سرعة البناء باستخدام الخرسانة التقليدية. هذه الكفاءة لا توفر الوقت فحسب. بل تساهم أيضاً في خفض التكاليف الإجمالية للمشاريع الكبرى.
تأثير إيجابي يتعدى البيئة إلى الإنسان
لم يقتصر تأثير “مدينة الخشب” على خفض البصمة الكربونية بنسبة 40% فحسب. كما أكدت دراسة جامعة لينشوبينغ، بل امتد إلى تحسين الصحة النفسية لسكانها. فقد أظهرت الدراسات أن التواجد داخل المباني الخشبية يساهم في تحسين التركيز العقلي وتقليل مستويات التوتر والقلق.
أمثلة عملية على ذلك:
- مركز سارا الثقافي في سكليفتيه:
 هذا المبنى، أحد أطول المباني الخشبية في أوروبا. أثبت أن استخدام الخشب لا يقلل الانبعاثات الكربونية فحسب، بل يخلق بيئة معيشية وصحية أفضل.
- مشروع 25 حيًا أخضرًا:
 المدينة تمتد على مساحة 25 هكتارًا، وتعتمد على الطاقة الجوفية، وتعيد تدوير 20% من مواد البناء، ما يعزز مفهوم الاقتصاد الدائري.
الإدارة الذكية للغابات: بين الاستدامة والابتكار
رغم المخاوف بشأن قطع الأشجار، يشير خبراء مثل البروفيسور إريك سيرانو إلى أن الإدارة الذكية للغابات يمكن أن تساهم فعلاً في امتصاص الكربون وتعزيز دورة طبيعية مستدامة. بشرط أن يتم استخدام الخشب في إنشاء مبانٍ طويلة الأمد، مما يجعل دورة الكربون متوازنة ويمنع التحول السلبي في النظام البيئي.
خاتمة: هل تصبح مدننا المستقبلية مبنية من الخشب؟
إن مشروع “مدينة الخشب” لا يمثل مجرد مشروع بناء، بل هو رسالة واضحة بأن العمارة يمكن أن تتناغم مع الطبيعة دون الإضرار بها. من وجهة نظرنا، نرى أن هذا التوجه يعبر عن مسؤولية حقيقية تجاه الأجيال القادمة. ويدعونا إلى إعادة التفكير في مواد البناء التقليدية التي طالما ارتبطت بأضرار بيئية جسيمة.
إذا كان بإمكان الخشب -بما يحمله من رمزية للطبيعة والدفء- أن يقود هذه الثورة الخضراء، فلماذا لا تصبح جميع مدن المستقبل مدناً خشبية خضراء؟
الأسئلة الشائعة حول مدينة الخشب
ما هي مدينة الخشب؟
مدينة الخشب هي مشروع عمراني ضخم في ستوكهولم، يعتمد على الأخشاب المعالجة والمصفحة بدلاً من الخرسانة والحديد لتقليل البصمة الكربونية.
كيف تسهم مدينة الخشب في حماية البيئة؟
تعتمد المدينة على الأخشاب المعالجة، ما يقلل الانبعاثات الكربونية بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بالبناء التقليدي. كما تستخدم الطاقة الجوفية وتعيد تدوير مواد البناء.
هل المباني الخشبية آمنة وطويلة الأمد؟
نعم، باستخدام تقنيات مثل CLT، توفر المباني الخشبية صلابة وقوة توازي الخرسانة مع فوائد إضافية مثل الوزن الأخف وتأثيرات إيجابية على الصحة النفسية.
ما التحديات التي تواجه مشاريع البناء الخشبي؟
أبرز التحديات تتمثل في ضمان الإدارة المستدامة للغابات وزيادة الوعي بفوائد البناء الخشبي مقابل المخاوف البيئية التقليدية.

 
		
 
									 
					



[…] لذا تسهم إعادة التدوير في تقليل استهلاك الطاقة، ومن ثم تقليل الانبعاثات الكربونية التي تؤثر سلبًا على التغيّر […]