تمثل مئذنة علي في أصفهان إحدى أروع نماذج العمارة السلجوقية التي لا تزال صامدة حتى يومنا هذا، شاهدةً على عبقرية التصميم الإسلامي في العصور الوسطى. يعود تاريخ بناء هذه المئذنة إلى القرن الثاني عشر الميلادي خلال حكم السلاجقة، حيث تُعد من أبرز المعالم التي تميز أفق مدينة أصفهان وتمنحها طابعًا معماريًا فريدًا.
أصفهان: مدينة التاريخ والمعمار الإسلامي
لطالما كانت أصفهان مركزًا حضاريًا بارزًا وعاصمة للعديد من الإمبراطوريات، وعلى رأسها الدولة السلجوقية. هذه المدينة غنية بالمعالم الأثرية التي تعكس عراقة تاريخها، ومن بين هذه المعالم البارزة مئذنة علي. التي تُعد واحدة من أطول المآذن في المنطقة وأكثرها زخرفة وجمالًا.
تصميم معماري مذهل يعكس أصالة العصر السلجوقي
بُنيت مئذنة علي باستخدام الأحجار والطوب المزخرف بطريقة متقنة، حيث يظهر فيها الأسلوب المعماري السلجوقي بكل تفاصيله المميزة. تتميز المئذنة بثلاثة أقسام تتناقص تدريجيًا في الحجم كلما ارتفعت نحو السماء، مما يمنحها مظهرًا فريدًا وانسيابيًا.
من أهم عناصر التصميم في هذه المئذنة:
- الزخارف الفسيفسائية التي تعكس دقة الفن الإسلامي.
- نقوش هندسية معقدة منحوتة في الجدران الطوبية.
- آيات قرآنية بالخط الكوفي تزين جوانبها، مما يضفي عليها طابعًا روحانيًا فريدًا.

المآذن المستقلة في العصر السلجوقي
على عكس ما هو متعارف عليه في الفترات اللاحقة، لم تكن المآذن السلجوقية دائمًا جزءًا من المساجد. فبحسب بهار كربلائي، خبيرة التراث الثقافي في أصفهان، كانت المآذن تُبنى في مداخل الأحياء بشكل مستقل، ثم بدأت المساجد بالظهور حولها بمرور الزمن.
مئذنة علي: ترميم يحافظ على الأصالة
خضعت المئذنة لعدة عمليات ترميم خلال العصور الصفوية والقاجارية للحفاظ على شكلها الأصلي. تتميز قاعدتها بوجود نقش قرآني يعود تاريخه إلى عام 929 هـ. بالإضافة إلى شريط كتابي يحكي تاريخ تشييدها وتفاصيل معمارية استثنائية.
تفاصيل هندسية فريدة
يتكون الهيكل الأساسي للمئذنة من ثلاثة مستويات، حيث تزين الشرفات العليا أشكال نجوم نصفية ونقوش طوبية متداخلة بطريقة هندسية متقنة. كما تتضمن جدرانها أربعة سطور منقوشة بالخط الكوفي، تحمل آيات قرآنية وكلمة التوحيد. محاطة بزخارف هندسية تعكس الدقة والإبداع في التصميم السلجوقي.
المئذنة بين الماضي والحاضر
كانت مئذنة علي في الأصل بارتفاع يقارب 54 مترًا، إلا أنه تقلص بمرور الزمن ليصل اليوم إلى 52 مترًا. كما تحتوي على أكثر من 160 درجة تؤدي إلى الشرفة العليا، ويضيق قطرها تدريجيًا من 6 أمتار عند القاعدة إلى حجم أصغر عند القمة، مما يعكس عبقرية التصميم الهندسي في تلك الحقبة.
مئذنة علي: مقصد سياحي وتراث معماري عالمي
اليوم، تُعد مئذنة علي في أصفهان واحدة من أهم الوجهات السياحية في إيران. حيث تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم لمشاهدة تفاصيلها المعمارية الفريدة والتمعن في نقوشها وزخارفها التي تحكي قصة عصر ذهبي من الفن الإسلامي.
إذا كنت من عشاق التاريخ والعمارة الإسلامية، فلا تفوت فرصة زيارة هذه التحفة المعمارية عند تواجدك في أصفهان. حيث ستأخذك في رحلة عبر الزمن إلى حقبة ازدهار الدولة السلجوقية وإبداعاتها التي لا تزال تنبض بالحياة حتى يومنا هذا.
المصدر: وكالة الأناضول