أصبحت الألعاب الإلكترونية جزءاً لا يتجزأ من حياة ملايين الأطفال والمراهقين حول العالم، تبرز بين الحين والآخر قصص مأساوية تذكّرنا بالوجه المظلم لهذه الصناعة الضخمة.
في مدينة لاكناو شمال الهند، أقدم طفل يبلغ من العمر 13 عاماً على الانتحار شنقاً بعد خسارة مبلغ مالي ضخم يعود لوالده في لعبة عبر الإنترنت. لم يكن المبلغ عادياً، بل وصل إلى مليون و400 ألف روبية، أي ما يعادل 16 ألف دولار، وهو كل ما كان يملكه الأب في حسابه المصرفي.
كيف وصلت الأمور إلى هذه النقطة؟
تشير التحقيقات إلى أن الطفل كان يلعب باستمرار ويستخدم حساب والده البنكي في عمليات شراء داخل اللعبة دون وعي بخطورة ما يفعله. وعندما اكتشف الأب الأمر من البنك، عاد إلى المنزل غاضباً وأخبر العائلة. الخوف الشديد من العقاب دفع الطفل إلى اتخاذ قرار مأساوي بإنهاء حياته.
البعد الإنساني للحادثة
هذه القصة ليست مجرد خبر عن إدمان الألعاب، بل هي مأساة إنسانية تكشف كيف يمكن للضغط النفسي، والشعور بالذنب، والخوف من مواجهة الأهل أن تتحول إلى كارثة. فالطفل لم يكن يعي تماماً قيمة المال ولا عواقب ما فعله، لكنه كان يعي جيداً أن والده فقد كل مدخراته.
حقائق مقلقة حول إدمان الألعاب
- بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية، هناك أكثر من 3% من الأطفال والمراهقين حول العالم يعانون من “اضطراب الألعاب”، وهو ما يعني فقدان السيطرة على الوقت والمال عند اللعب.
- في الهند وحدها، تشير الدراسات إلى أن أكثر من 150 مليون مستخدم نشط للألعاب الإلكترونية، غالبيتهم من الفئة العمرية الصغيرة.
- حوادث مشابهة وقعت في دول عدة مثل الصين وكوريا الجنوبية، حيث وصل الأمر ببعض الحكومات إلى فرض قيود على وقت اللعب اليومي للأطفال.
تحليل خاص: أين الخلل؟
المسؤولية هنا مشتركة.
- الشركات المنتجة للألعاب تغري الأطفال بالشراء داخل اللعبة (Microtransactions) باستخدام أساليب نفسية معقدة.
- الأهل في كثير من الأحيان يغفلون عن مراقبة أبنائهم رقمياً، ويمنحونهم حرية استخدام الهواتف والحواسيب دون ضوابط.
- المدارس لا تقدم التوعية الكافية حول إدارة الوقت والتعامل مع الترفيه الرقمي.
ما الذي يمكن فعله؟
- للأهل: ضرورة تفعيل خاصية الرقابة الأبوية في الهواتف والألعاب.
- للمجتمع: تعزيز الوعي بمخاطر الإدمان الرقمي.
- للحكومات: وضع تشريعات تحمي الأطفال من الإنفاق غير الواعي داخل الألعاب.
نظرة مستقبلية
مع ازدياد انتشار الواقع الافتراضي و”الميتافيرس”، من المتوقع أن يتضاعف ارتباط الأطفال بعالم الألعاب. وإذا لم يتم اتخاذ إجراءات جادة، قد نشهد المزيد من الحالات المأساوية المشابهة. لكن في المقابل، يمكن لهذه التقنية أن تتحول إلى وسيلة تعليمية وصحية رائعة إذا أحسن استخدامها. المستقبل إذن ليس قاتماً بالضرورة، لكنه يتوقف على قدرتنا كأسر ومجتمعات على إيجاد التوازن بين المتعة الرقمية والحياة الواقعية.