في عالم يهيمن عليه أسماء لامعة وخبرات تمتد لعقود، برز اسم “لوسي غو” بقوة ليغير قواعد اللعبة. فجأة، وبدون مقدمات صاخبة، أزاحت هذه الشابة البالغة من العمر 30 عامًا المغنية الشهيرة تايلور سويفت عن لقب أصغر مليارديرة عصامية في العالم، بثروة صافية تجاوزت 1.4 مليار دولار. لكن قصتها أعمق بكثير من مجرد رقم في قائمة فوربس؛ إنها حكاية عن الشغف، التمرد الذكي، والقدرة على رؤية المستقبل قبل أن يراه الآخرون.
من هي لوسي غو؟ بذرة الطموح في وادي السيليكون
وُلدت لوسي في منطقة خليج سان فرانسيسكو لأبوين مهاجرين من الصين يعملان كمهندسين كهربائيين. نتيجة لذلك، نشأت في بيئة مشبعة بالتكنولوجيا. حيث لم تكن الشاشات والأكواد مصدر ترفيه فحسب، بل كانت لغة تتحدثها بطلاقة منذ الصغر. قبل أن يصل أقرانها إلى المرحلة الثانوية، كانت لوسي قد بدأت بالفعل في البرمجة وتصميم المواقع، محققةً أولى أرباحها من الإنترنت.
التحقت بجامعة “كارنيغي ميلون” المرموقة لدراسة علوم الحاسب، وهو المسار الذي بدا منطقيًا لعائلة تعتبر التعليم هو حجر الأساس لمستقبل آمن. ومع ذلك، شعرت لوسي أن إيقاع الدراسة التقليدي كان بطيئًا جدًا مقارنة بسرعة أحلامها. وهكذا، اتخذت قرارًا جريئًا صدم والديها: تركت الجامعة قبل عام واحد فقط من التخرج.
نقطة التحول: زمالة “ثيل” وبوابة ريادة الأعمال
لم يكن قرار ترك الجامعة متهورًا، بل كان خطوة محسوبة نحو فرصة لا تُعوّض. حصلت لوسي على قبول في “زمالة ثيل” (Thiel Fellowship)، وهو برنامج أسسه الملياردير والمستثمر الأسطوري “بيتر ثيل” (المؤسس المشارك لـ PayPal). يمنح هذا البرنامج 100 ألف دولار للشباب الموهوبين لتشجيعهم على ترك الدراسة وتأسيس شركاتهم الخاصة. كانت هذه الزمالة بمثابة شهادة ثقة في قدراتها، والأهم من ذلك، أنها وضعتها داخل شبكة من ألمع العقول الشابة في العالم. مثل فيتاليك بوتيرين (مؤسس إيثيريوم) وديلان فيلد (مؤسس فيغما)، الذين بنوا شركات بالمليارات لاحقًا.
المغامرة الأولى: تأسيس Scale AI والخلاف الذي صنع ثروتها
في عام 2016، وبالشراكة مع ألكسندر وانغ، أسست لوسي شركة Scale AI. كانت فكرة الشركة عبقرية في توقيتها: توفير بيانات عالية الجودة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. في وقت كان فيه الجميع يتحدث عن “الذكاء الاصطناعي”، أدركت لوسي أن هذه النماذج تحتاج إلى “وقود” لتتعلم، وهذا الوقود هو البيانات المصنفة بدقة.
لعبت لوسي دورًا محوريًا في تصميم المنتجات والعمليات، وساهمت في جعل الشركة لاعبًا أساسيًا لعمالقة مثل OpenAI التي استخدمت تقنيتها لتدريب ChatGPT. ولكن بعد عامين، ظهرت خلافات جوهرية حول رؤية الشركة المستقبلية، مما أدى إلى مغادرتها في عام 2018.
هنا يأتي القرار المالي الذي حوّلها إلى مليارديرة. على عكس الكثيرين الذين يبيعون حصصهم بعد الخروج من شركاتهم، احتفظت لوسي بحصتها البالغة حوالي 6% في Scale AI. مع الانفجار الهائل في سوق الذكاء الاصطناعي، ارتفعت قيمة الشركة بشكل صاروخي لتصل إلى مليارات الدولارات، ومعه ارتفعت قيمة حصتها لتحولها إلى واحدة من أغنى نساء العالم.
الفصل الجديد: منصة Passes وتمكين صناع المحتوى
لم تتوقف لوسي عند هذا الحد. فبعد مغادرتها لـ Scale AI، أسست شركة استثمارية خاصة بها (Backend Ventures)، ثم أطلقت مشروعها الأحدث والأكثر طموحًا: منصة Passes.
تعتبر Passes شبكة اجتماعية تهدف إلى تمكين صناع المحتوى والمؤثرين من تحقيق الدخل مباشرة من معجبيهم، وتقديم بديل لمنصات مثل OnlyFans ولكن بتركيز أوسع يشمل مختلف أنواع المحتوى. تشير الإحصائيات إلى أن اقتصاد صناع المحتوى سيصل إلى ما يقارب نصف تريليون دولار بحلول عام 2027. وتضع لوسي شركتها في قلب هذا النمو الهائل. نجحت المنصة في جمع تمويلات ضخمة، مما يعكس ثقة المستثمرين في رؤيتها.
ما وراء الأرقام: فلسفة لوسي غو
قصة لوسي غو ليست مجرد رحلة صعود مالية، بل هي درس في أهمية اتخاذ القرارات الصعبة، الثقة بالحدس، والصبر الاستراتيجي. لقد أثبتت أن النجاح لا يقتصر على تأسيس شركة واحدة، بل يكمن في القدرة على رؤية الفرص والاحتفاظ بالقيمة على المدى الطويل. بوجودها ضمن قائمة نادرة تضم 6 نساء فقط في العالم أصبحن مليارديرات عصاميات قبل سن الأربعين، تمثل لوسي غو جيلًا جديدًا من رواد الأعمال الذين لا يخشون كسر القواعد وصناعة مستقبلهم بأيديهم.
المصدر:
Forbes, CNBC, Al Arabiya.
قسم الأسئلة الشائعة
1. من هي لوسي غو؟
لوسي غو هي رائدة أعمال أمريكية تبلغ من العمر 30 عامًا، والمؤسس المشارك لشركة الذكاء الاصطناعي Scale AI ومؤسسة منصة Passes. أصبحت مؤخرًا أصغر مليارديرة عصامية في العالم وفقًا لتصنيف فوربس.
2. كيف كونت لوسي غو ثروتها؟
يعود الجزء الأكبر من ثروتها (1.4 مليار دولار) إلى حصتها البالغة حوالي 6% في شركة Scale AI التي شاركت في تأسيسها عام 2016. على الرغم من مغادرتها للشركة، إلا أن احتفاظها بالأسهم أدى إلى تضاعف ثروتها مع نمو قيمة الشركة.
3. ما هي شركة Passes التي أسستها؟
Passes هي منصة وسائط اجتماعية تتيح لصناع المحتوى والمؤثرين تحقيق الدخل المباشر من متابعيهم من خلال تقديم محتوى حصري. تُعتبر المنصة منافسًا لمنصات أخرى في اقتصاد المبدعين.
4. لماذا تركت لوسي غو الدراسة الجامعية؟
تركت لوسي غو جامعة “كارنيغي ميلون” قبل عام من تخرجها للانضمام إلى “زمالة ثيل”. وهو برنامج يدعم رواد الأعمال الشباب لتأسيس شركاتهم الناشئة بدلاً من إكمال التعليم التقليدي.
