غياب الجيوب عن ملابس النساء.. أكثر من مجرد خيار تصميم
رغم أن الجيوب تبدو كخاصية أساسية في أي زي عملي، إلا أن ملابس النساء غالبًا ما تفتقر لها، أو تحتوي على جيوب صغيرة وغير حقيقية. السؤال يتكرر كثيرًا: لماذا لا تحصل النساء على جيوب مثل الرجال؟
الجواب، كما تقول هانا كارلسون، الباحثة في تاريخ الموضة ومؤلفة كتاب “Pockets: An Intimate History of How We Keep Things Close”، يعود إلى قرون من التمييز القائم على النوع الاجتماعي. الجيوب لم تكن مجرد تفصيلة، بل رمز للتفاوت بين الجنسين في الحرية، الحركة، والخصوصية.

تاريخ الجيوب.. عندما كانت الحقيبة ضرورة نسائية
ظهرت أولى أشكال الجيوب كحقائب صغيرة مخيطة في سراويل الرجال في القرن السادس عشر. أما النساء، فكنّ يحملن حقائب مربوطة حول الخصر، خارج أو تحت ملابسهن.

مع تطور الموضة الرجالية وتفضيل التصاميم العملية، أصبحت الجيوب جزءًا أساسيًا من ملابس الرجال. في المقابل، بقيت ملابس النساء مرتبطة بالزينة والأنوثة، ما جعل وجود الجيوب فيها أمرًا “ذكوريًا” ومثيرًا للجدل.
حتى عند استخدام الفارسات الأوروبيات في القرن الـ18 معاطف بجيوب، وُصفن بـ”الأمازونيات” وانتُقدن بسبب مظهرهن الذكوري. إذن، كانت الجيوب رمزًا للمغامرة والاستقلالية، وهما قيمتان لم تكن تُشجع النساء على امتلاكهما.
التمييز في التصميم.. مستمر حتى في الأزياء الحديثة
مع دخول القرن العشرين، بدأت النساء في ارتداء الملابس الأكثر عملية، خاصة خلال الحربين العالميتين. لكن حتى مع مشاركتهن في سوق العمل والجيوش، استمرت التفرقة: ملابس المتطوعات في الحرب العالمية الثانية، مثلًا، احتوت على جيوب مزيفة، بينما اضطررن لحمل حقائبهن الخاصة.
تصاميم شهيرة مثل السترة التي ابتكرتها إلسا سكياباريلي عام 1940 أظهرت محاولة لتحدي هذه الفجوة، حيث تضمنت جيوبًا لاستبدال حقيبة اليد. إلا أن التغيير ظل محدودًا.

دراسة: بناطيل النساء لا تستوعب حتى هواتفهن!
في عام 2018، نشرت مجلة The Pudding دراسة مقارنة بين بناطيل الرجال والنساء، وأظهرت أن غالبية سراويل النساء لا تتسع حتى للهاتف المحمول أو لليد بالكامل. التبرير الشائع؟ “النساء يحملن الحقائب، لذا لسنا بحاجة لتصميم جيوب لهن.”
لكن السبب الأعمق، كما تراه كارلسون، هو الافتراض الدائم بأن الأناقة أهم من العملية في ملابس النساء – مفهوم لا يزال يسيطر على صناعة الأزياء.

التمييز المستتر في صناعة الأزياء
الجيوب، رغم بساطتها، أصبحت شاهدًا على تمييز مستمر في صناعة الموضة. إنها ليست فقط مسألة تصميم، بل انعكاس لطريقة تفكير المجتمع في دور المرأة، وحقوقها في الراحة والخصوصية.
كارلسون تصف الظاهرة بأنها “عاصفة مثالية” من التقاليد التاريخية، المصادفات، والتمييز الجنسي، التي اجتمعت لتمنع النساء من الحصول على أبسط حقوق الراحة: جيب في ملابسهن.

المصدر: arabic.cnn.com
أسئلة شائعة حول الجيوب في ملابس النساء
لماذا لا تحتوي معظم فساتين النساء على جيوب؟
غالبًا ما يُصمم الفستان لغرض الزينة لا الوظيفة، لذا يهمل المصممون الجانب العملي مثل الجيوب.
هل هناك تمييز مقصود في صناعة الأزياء ضد النساء؟
نعم، هناك ممارسات تاريخية وتجارية تفترض أن النساء يحملن حقائب يد، ما يجعل الشركات تتجاهل أهمية الجيوب.
هل يمكن تغيير ذلك في المستقبل؟
بالتأكيد، مع تزايد وعي المستهلكات، بدأت بعض الماركات في توفير ملابس نسائية بجيوب عملية، لكن الطريق لا يزال طويلًا.
هل هناك فرق فعلي في مقاسات الجيوب بين الرجال والنساء؟
نعم، دراسة The Pudding أظهرت أن جيوب الرجال أكبر بنسبة ملحوظة مقارنة بجيوب النساء حتى في الأنواع نفسها من الملابس.