يشهد السودان هذه الأيام لحظات حرجة مع ارتفاع مناسيب نهر النيل إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، دفعت وزارة الري والموارد المائية إلى إطلاق الإنذار الأحمر ودعوة المواطنين لاتخاذ أقصى درجات الحيطة لحماية الأرواح والممتلكات.
فيضانات تضرب ولايات عدة
بحسب بيانات وزارة الري، فقد سجلت محطات رئيسية مثل الخرطوم، شندي، عطبرة، مدني، وجبل أولياء مستويات خطيرة من المياه. كما شملت التحذيرات ولايات النيل الأزرق، سنار، الجزيرة، نهر النيل، والنيل الأبيض، حيث غمرت المياه أجزاء من الأحياء الطرفية وهددت مئات المنازل بالسقوط.
أرقام تكشف حجم الأزمة
تشير إحصاءات الوزارة إلى أن إيراد النيل الأزرق بلغ نحو 699 مليون متر مكعب يوميًا، بينما انخفض تصريف سد الروصيرص إلى 613 مليون متر مكعب. أما سد مروي فتجاوز تصريفه 730 مليون متر مكعب يوميًا، وهي أرقام تعكس حجم الضغط المائي الهائل على مجرى النهر وسدوده.
جهود محلية بإمكانات محدودة
أعلنت غرفة طوارئ محلية في جبل أولياء أن عدة مناطق مثل العسال، طيبة الحسناب، الشقيلاب، والكلاكلات، أصبحت مغمورة بالمياه بعد أن اجتاحت السيول الحواجز الترابية. ورغم الجهود المبذولة للحد من الخطر، إلا أن الإمكانات المتاحة محدودة جدًا، ما دفع السلطات إلى مناشدة منظمات الإغاثة المحلية والدولية لتقديم المساعدات العاجلة، بما في ذلك الخيام والمستلزمات الطبية.
تحذيرات من خبراء
يرى مختصون أن استمرار تصريف سد النهضة الإثيوبي بكميات تفوق المعدلات الطبيعية يزيد من خطورة الوضع، إذ قد يتسبب في تدفق كميات إضافية من المياه نحو الأراضي السودانية، الأمر الذي يضاعف احتمال الغرق في عدة مناطق.
الفيضانات بين الطبيعة والإدارة
الأزمة الحالية ليست فقط نتيجة للأمطار الغزيرة والتغيرات المناخية، بل تكشف أيضًا عن ضعف البنية التحتية ونقص الاستعدادات المسبقة لإدارة الكوارث. تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 10 ملايين سوداني مهددون سنويًا بتداعيات الفيضانات، مما يجعلها من أخطر التحديات البيئية التي تواجه البلاد.
ماذا ينتظر السودان؟
إذا استمرت معدلات الأمطار وعمليات تصريف السدود على هذا النحو، فإن السودان قد يواجه فيضانات أكثر تدميرًا في السنوات المقبلة. لكن في المقابل، يمكن تحويل هذه الأزمة إلى فرصة لتعزيز إدارة الموارد المائية، من خلال تطوير أنظمة إنذار مبكر، إنشاء سدود صغيرة في الولايات المتضررة، وتحسين قنوات التصريف.
إن مصير السودان مع النيل يبقى مرتبطًا بمدى قدرته على التكيف مع تقلبات المناخ وإدارة موارده المائية بفعالية.