لطالما كان “فوتوشوب” الأداة الأم في ترسانة أي مصمم أو مصور، ولكنه كان يتطلب في كثير من الأحيان ساعات طويلة من العمل الدقيق والمضني. الآن، يبدو أن شركة Adobe قررت أن الوقت قد حان لتغيير هذه المعادلة. حيث أطلقت في نسختها التجريبية الأخيرة مجموعة من الميزات التي لا تعد مجرد تحديث. بل ثورة حقيقية في طريقة تعاملنا مع الصور، معتمدة بشكل أساسي على فوتوشوب بالذكاء الاصطناعي.
من الخيال إلى الواقع: أدوات تجعل المستحيل ممكناً
في السابق، كانت إزالة عنصر غير مرغوب فيه من صورة مزدحمة، مثل سائح يقف أمام معلم أثري، تتطلب تحديدًا دقيقًا واستخدامًا معقدًا لأداة الختم (Clone Stamp) مع نتائج قد لا تكون مثالية دائمًا. اليوم، وبفضل أداة الإزالة المحسّنة (Remove Tool)، أصبح الأمر أشبه بالسحر. تستخدم الأداة الآن أحدث نماذج “Adobe Firefly” لتحليل البيكسلات المحيطة وملء الفراغ بذكاء، مما ينتج عنه صورة واقعية تمامًا كما لو أن العنصر لم يكن موجودًا من الأساس.
ولكن ماذا لو أردت إضافة عنصر جديد إلى الصورة؟ هنا يأتي دور ميزة المواءمة (Harmonize) العبقرية. بدلاً من قضاء وقت طويل في تعديل الألوان والظلال يدويًا لجعل العنصر المضاف يبدو طبيعيًا، تقوم هذه الميزة بتحليل الإضاءة واللون العام للمشهد وتطبيقها تلقائيًا على العنصر الجديد. تخيل إضافة نموذج منتج إلى صورة دعائية في الهواء الطلق؛ ستقوم هذه الأداة بضبط ظلاله وألوانه ليتناغم فورًا مع ضوء الشمس في الصورة الأصلية، مما يوفر وقتاً ثميناً ويرفع من جودة العمل بشكل ملحوظ.
جودة فائقة بضغطة زر: نهاية عصر الصور المشوهة
من أكبر التحديات التي واجهت المبدعين كانت التعامل مع الصور منخفضة الدقة. سواء كانت صورة قديمة نادرة أو لقطة من هاتف قديم، كان تكبيرها يعني دائمًا الحصول على صورة باهتة ومشوهة. استجابت Adobe للطلب الأكثر إلحاحًا من مستخدميها وقدمت ميزة التكبير التوليدي (Generative Upscale). هذه ليست مجرد أداة تكبير عادية؛ بل هي تقنية ذكاء اصطناعي تقوم بإعادة بناء التفاصيل المفقودة وتوليد بيكسلات جديدة بذكاء. مما يسمح بتكبير الصور بدقة تصل إلى 8 ميغابكسل مع الحفاظ على وضوح وتفاصيل مذهلة. إنها فرصة لإحياء أرشيف الصور القديم واستخدامه في المشاريع الحديثة بجودة احترافية.
هل الذكاء الاصطناعي شريك إبداعي جديد؟
أعتقد أن هذه التحديثات لا تتعلق فقط بتسريع وتيرة العمل، بل بتغيير جوهر العملية الإبداعية نفسها. إن فوتوشوب بالذكاء الاصطناعي لا يهدف إلى استبدال المصمم، بل إلى تحريره من المهام التقنية المتكررة والمملة. فبدلاً من أن يقضي المصمم وقته في القص واللصق والتلوين الدقيق، يمكنه الآن أن يركز بشكل أكبر على الفكرة الكبرى، والتكوين الفني، والرسالة التي يريد إيصالها.
هذه الأدوات تحوّل فوتوشوب من مجرد برنامج إلى شريك إبداعي حقيقي. أصبح بإمكان أي شخص لديه رؤية فنية أن يحقق نتائج كانت في السابق حكرًا على الخبراء الذين أمضوا سنوات في إتقان الجانب التقني. وهذا بدوره، يرفع من مستوى المنافسة ويجعل الإبداع الحقيقي هو العملة الأهم في عالم التصميم.
ولتعزيز هذه الرؤية، أضافت Adobe ميزة “المشاريع” (Projects)، وهي مساحة عمل موحدة لا تسرّع فقط من حفظ الملفات، بل تسهل مشاركة مجموعات كاملة من التصاميم مع العملاء، مما يجعل دورة العمل أكثر سلاسة وكفاءة.
في النهاية، نحن نشهد نقلة نوعية يصبح فيها الخيال هو الحد الوحيد، بينما تتكفل التكنولوجيا بتحويله إلى واقع ملموس بدقة وسرعة لم نكن نحلم بها.
المصدر:
بناءً على إعلانات Adobe الرسمية ومصادر تقنية متعددة.
1. ما هي أبرز ميزة جديدة في تحديث فوتوشوب التجريبي؟
تُعد ميزة التكبير التوليدي (Generative Upscale) من أبرز الإضافات، حيث تسمح بتكبير الصور منخفضة الدقة مع الحفاظ على جودتها وتفاصيلها بفضل الذكاء الاصطناعي.
2. كيف تعمل ميزة المواءمة (Harmonize)؟
تقوم هذه الميزة بتحليل الإضاءة والألوان والظلال في الصورة الأصلية، ثم تطبقها تلقائيًا على أي عنصر جديد تتم إضافته. مما يضمن اندماجه بشكل واقعي ومتناغم دون الحاجة لتعديلات يدوية معقدة.
3. هل ستحل أدوات الذكاء الاصطناعي هذه محل المصممين؟
لا، الهدف من هذه الأدوات ليس استبدال المصممين، بل تمكينهم عبر التخلص من المهام التقنية المملة. مما يتيح لهم التركيز بشكل أكبر على الجانب الإبداعي والفكري في عملية التصميم.