بعد أكثر من عقد من العزلة المالية، يبدو أن سوريا تستعد للعودة إلى الساحة الاقتصادية الدولية من خلال خطوة محورية: عودة سوريا إلى نظام سويفت للمدفوعات الدولية. هذا التحول، الذي أعلن عنه حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية، يمثل بداية فصل جديد في مساعي البلاد لإعادة هيكلة اقتصادها واستعادة ثقة المستثمرين. فهل تكون هذه العودة كفيلة بتسريع عملية التعافي الاقتصادي؟ وما الذي تعنيه فعليًا للمواطنين والتجار السوريين؟
خريطة طريق لإصلاح الاقتصاد السوري
خلال مقابلة أجرتها معه صحيفة فايننشال تايمز في دمشق، كشف حصرية عن خطة شاملة لإعادة هيكلة النظام المالي والسياسة النقدية، واصفًا الخطوة بأنها ضرورية لإعادة بناء اقتصاد سوريا المنهك بفعل سنوات من الحرب والعقوبات الدولية.
تهدف الخطة إلى:
- استعادة الاستثمار الأجنبي المباشر، خاصة في مشاريع إعادة الإعمار.
- إزالة العقبات التي تعيق التجارة الخارجية.
- إصلاح النظام المصرفي وتعزيز ثقة المواطنين في البنوك الرسمية.
- تطبيع العملة السورية وتحقيق استقرار نقدي.
ما أهمية العودة إلى نظام سويفت؟
نظام سويفت (SWIFT) هو البنية التحتية العالمية التي تُستخدم لتحويل الأموال بين البنوك حول العالم. وتُعتبر إعادة ربط سوريا به بمثابة فتح “شريان اقتصادي” جديد للبلاد.
فوائد عودة سوريا إلى نظام سويفت:
- تيسير التجارة الخارجية: يسهل على الشركات السورية استيراد المواد الأولية وتصدير المنتجات بشكل أكثر شفافية وسرعة.
- خفض تكاليف التحويلات: تقلل الاعتماد على الوسطاء أو الصرافين الذين يتقاضون عمولات تصل إلى 40 سنتًا على كل دولار يتم تحويله.
- جذب العملات الأجنبية: ما يُعد ضروريًا لدعم احتياطي الدولة وتعزيز استقرار سعر الصرف.
- مكافحة غسل الأموال: حيث يُصبح التعامل عبر النظام المصرفي الرسمي أكثر خضوعًا للرقابة.
- تقليل الاعتماد على الشبكات غير الرسمية: وهي شبكات غير موثوقة قد تُستخدم في أنشطة غير قانونية.
أين تقف سوريا الآن من هذه الخطة؟
أوضح حاكم البنك المركزي أن البنوك السورية – إلى جانب البنك المركزي نفسه – قد حصلت بالفعل على رموز سويفت، وهي خطوة تقنية أساسية. المتبقي الآن، حسب قوله، هو استئناف البنوك المراسلة في الخارج لمعالجة التحويلات المالية.
وأضاف أن كافة عمليات التجارة الخارجية ستتم عبر النظام المصرفي، مما يُلغي تدريجيًا دور الصرافين المستقلين. كما أشار إلى أن الحكومة تعمل على توفير “الضمانات” لتشجيع الاستثمار الأجنبي، خاصة في القطاعات الحيوية كالبنية التحتية.
هل تُعيد سويفت سوريا إلى الساحة الاقتصادية الدولية؟
من الناحية النظرية، نعم. فمجرد إعادة ربط سوريا بسويفت يُعد رسالة إيجابية للأسواق الدولية. لكنه لا يكفي وحده. إذ يبقى نجاح هذه الخطوة مرهونًا بعدة عوامل، مثل:
- مدى انفتاح الدول الأخرى على التعامل مع البنوك السورية.
- تخفيف أو رفع العقوبات الاقتصادية.
- تحسن بيئة الأعمال محليًا من حيث الشفافية والاستقرار.
نافذة أمل ولكن بحذر
عودة سوريا إلى نظام سويفت هي خطوة طال انتظارها، تحمل في طياتها وعودًا كبيرة بتحريك عجلة الاقتصاد وإعادة وصل ما انقطع مع العالم الخارجي. ولكن يبقى التحدي الحقيقي في تنفيذ هذه الخطط على أرض الواقع، وفي ضمان أن يستفيد منها المواطن العادي، لا فقط الجهات الحكومية أو فئة محدودة من رجال الأعمال. إنها بداية جديدة، ولكنها تحتاج إلى دعم دولي، واستقرار سياسي، وتطوير داخلي ممنهج حتى تُثمر.
المصدر:
صحيفة فايننشال تايمز
ما هو نظام سويفت ولماذا هو مهم لسوريا؟
نظام سويفت هو شبكة دولية تُستخدم لتحويل الأموال بين البنوك. أهميته لسوريا تكمن في تسهيل التجارة وجذب العملات الأجنبية وتحسين الشفافية المالية.
متى ستعود سوريا فعليًا إلى سويفت؟
بحسب حاكم مصرف سوريا المركزي، من المتوقع أن يتم الربط الكامل بالنظام خلال أسابيع، ريثما تُستكمل الإجراءات مع البنوك المراسلة.
كيف ستتأثر الصادرات والواردات السورية بعد العودة إلى سويفت؟
سيُصبح من الأسهل استيراد المواد الأساسية وتصدير المنتجات السورية بطريقة أكثر أمانًا وبتكلفة أقل، ما يُحسن الميزان التجاري ويُقلل الأسعار نسبيًا.
هل سترتفع قيمة الليرة السورية بعد هذه الخطوة؟
من المحتمل أن يتحسن سعر الصرف تدريجيًا إذا تدفقت العملات الأجنبية وزاد الاعتماد على البنوك الرسمية بدلاً من السوق السوداء.