لطالما كان الشخير مصدر إزعاج للكثيرين وشريكًا ثقيلاً في ليالي الملايين حول العالم. لكنه ليس مجرد صوت مزعج، بل قد يكون مؤشرًا على حالة صحية أكثر خطورة تُعرف بـ انقطاع النفس الانسدادي النومي (OSA)، وهو اضطراب يؤثر على ما يقرب من مليار شخص عالميًا، ويزيد من مخاطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم والأزمات القلبية والسكتات الدماغية.
في خضم البحث المستمر عن حلول فعالة، ظهرت دراسة هندية حديثة بنتائج مذهلة، تقترح حلاً غير متوقع على الإطلاق: النفخ في صدفة المحارة. هذا التمرين، الذي يبدو بسيطًا، قد يكون المفتاح الذهبي لتقوية عضلات الجهاز التنفسي العلوي وفتح صفحة جديدة من النوم الهادئ.
من الطقوس القديمة إلى المختبر الحديث: قصة “نفخ شانخ”
في الهند، يُعرف النفخ في صدفة المحارة باسم “نفخ شانخ”، وهو طقس تقليدي يُمارس منذ قرون في الاحتفالات الدينية الهندوسية، ويُعتقد أن صوته يجلب النقاء والطاقة الإيجابية. واليوم، يبدو أن هذه الممارسة القديمة تحمل في طياتها حكمة علمية لم تكن في الحسبان.
قاد الدكتور كريشنا ك. شارما وفريقه في جايبور دراسة فريدة من نوعها، حيث طلبوا من 30 مريضًا بانقطاع النفس النومي ممارسة “نفخ شانخ” لمدة 15 دقيقة يوميًا. لم تكن النتائج عادية على الإطلاق، بل كانت بمثابة ثورة صغيرة في عالم علاج الشخير.
ماذا كشفت الدراسة؟
- انخفاض النعاس النهاري بنسبة 34%: شعر المشاركون بنشاط أكبر خلال اليوم.
- تحسن مستويات الأكسجين: ارتفع متوسط تشبع الأكسجين في الدم أثناء النوم، وهو مؤشر حيوي للصحة.
- تراجع انقطاع التنفس: انخفض عدد المرات التي توقف فيها التنفس أثناء الليل بشكل ملحوظ مقارنة بالمجموعة التي مارست تمارين التنفس العميق فقط.
يصف الدكتور شارما هذا التمرين بأنه “بديل واعد وبسيط ومنخفض التكلفة”، خاصةً لأولئك الذين يجدون صعوبة في استخدام جهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر (CPAP)، وهو الحل الأكثر شيوعًا ولكنه غالبًا ما يكون غير مريح.
كيف يعمل هذا التمرين السحري؟
الفكرة بسيطة بشكل مدهش. عندما تنفخ بقوة في صدفة المحارة، فإنك تجبر عضلات الحلق واللسان والحنك الرخو على العمل بجد. هذا الجهد المتكرر يشبه تمامًا أخذ هذه العضلات إلى صالة الألعاب الرياضية. مع مرور الوقت، تصبح هذه العضلات أقوى وأكثر تناسقًا، مما يمنعها من الارتخاء بشكل مفرط أثناء النوم وسد مجرى الهواء، وهو السبب الجذري للشخير وانقطاع التنفس.
هذا المفهوم ليس جديدًا تمامًا في العلم، فهو يندرج تحت ما يسمى بـ التمارين البلعومية الفموية (Oropharyngeal Exercises). فقد أظهرت دراسات سابقة أن العزف على آلات النفخ مثل “الديدجيريدو” الأسترالي أو حتى الغناء يمكن أن يكون له تأثير إيجابي مماثل. لكن ما يميز تمرين المحارة هو بساطته وتكلفته شبه المعدومة.
ردود الفعل والانطباع الشخصي: هل هو مجرد ضجيج؟
بمجرد انتشار خبر كهذا، من الطبيعي أن يثير موجة من التفاعلات تتراوح بين الحماس والتشكيك. على منصات التواصل الاجتماعي، قد تجد من يسخر من الفكرة، بينما يراها آخرون بصيص أمل طال انتظاره.
من وجهة نظري، فإن هذه الدراسة تمثل نقطة تحول مهمة. إنها تذكرنا بأن الحلول الفعالة لا تأتي دائمًا في صورة أجهزة باهظة الثمن أو عقاقير معقدة. أحيانًا، تكون الإجابة كامنة في ممارسات بسيطة تم تناقلها عبر الأجيال.
ومع ذلك، من المهم التحلي بالواقعية. هذه الدراسة الأولية شملت عددًا صغيرًا من المشاركين. ورغم أن نتائجها واعدة للغاية، إلا أنها لا تمثل علاجًا نهائيًا لجميع الحالات، خاصة الحالات الشديدة من انقطاع النفس النومي التي تتطلب إشرافًا طبيًا دقيقًا. يجب النظر إلى هذا التمرين كأداة قوية ومكملة ضمن استراتيجية شاملة لتحسين نمط الحياة، تشمل التحكم في الوزن وتجنب النوم على الظهر.
في النهاية، يقدم لنا العلم دليلاً على أن علاج الشخير قد يكون أبسط مما نتخيل، وكل ما يتطلبه الأمر هو “نفس عميق” في الاتجاه الصحيح.
أسئلة شائعة حول علاج الشخير:
1. ما هو تمرين “نفخ المحارة” وكيف يساعد في علاج الشخير؟
هو تمرين يعتمد على النفخ بقوة في صدفة محارة لمدة 15 دقيقة يوميًا. هذا التمرين يقوي عضلات مجرى الهواء العلوي، مما يمنع ارتخاءها أثناء النوم وبالتالي يقلل من اهتزاز الأنسجة الذي يسبب الشخير وانقطاع التنفس.
2. هل نتائج هذا التمرين مضمونة للجميع؟
أظهرت الدراسة نتائج إيجابية ملحوظة على المشاركين، مثل انخفاض النعاس وتحسن الأكسجين. ومع ذلك، قد تختلف النتائج من شخص لآخر حسب شدة الحالة والالتزام بالتمرين. يُنصح باستشارة الطبيب للحالات الشديدة.
3. هل يمكن استخدام أي أداة نفخ أخرى بدلاً من صدفة المحارة؟
نعم، المبدأ يعتمد على مقاومة الهواء لتقوية العضلات. تمارين مشابهة مثل العزف على آلات النفخ (كالديدجيريدو) أو حتى تمارين الغناء أظهرت فوائد مماثلة في دراسات أخرى.
4. كم من الوقت يستغرق ظهور النتائج؟
في الدراسة المذكورة، التزم المشاركون بالتمرين لمدة ستة أشهر لتحقيق النتائج الملحوظة. يتطلب الأمر صبرًا واستمرارية لرؤية تحسن حقيقي في قوة العضلات وجودة النوم.
5. هل يغني هذا التمرين عن استخدام جهاز CPAP؟
بالنسبة لبعض الحالات الخفيفة إلى المتوسطة، قد يكون بديلاً فعالاً ومنخفض التكلفة. لكن بالنسبة للحالات الشديدة من انقطاع النفس النومي، يظل جهاز CPAP هو العلاج القياسي. يجب دائمًا اتخاذ هذا القرار بالتشاور مع طبيب متخصص في اضطرابات النوم.
المصدر:
دراسة منشورة أجريت في مركز ومعهد أبحاث القلب Eternal في جايبور، الهند.
