بداية مرحلة جديدة بعد عقود من حكم الأسد
تعيش سوريا اليوم لحظة فاصلة في تاريخها السياسي، مع إجراء أول انتخابات برلمانية بعد الإطاحة ببشار الأسد، وهي خطوة رمزية تعلن انطلاق مرحلة جديدة في إعادة بناء مؤسسات الدولة.
ففي صباح الأحد، فتحت صناديق الاقتراع أبوابها أمام ستة آلاف ناخب من الهيئات الإقليمية، لاختيار ثلثي أعضاء البرلمان البالغ عددهم 210، فيما سيقوم الرئيس أحمد الشرع بتعيين الثلث المتبقي وفق ما نص عليه الإعلان الدستوري المؤقت.
ورغم أن العملية لا تُعد انتخابات شعبية مباشرة، فإنها تمثل — بحسب المراقبين — أول اختبار حقيقي لآليات الحكم الجديدة ومدى التزامها بالتنوع والشفافية.
تنوع المرشحين وتحديات المناطق
تتنافس في هذه الانتخابات 1578 شخصية من مختلف المناطق والتيارات، بينهم 14% نساء، ما يشير إلى رغبة في إدماج أكبر للمرأة في الحياة السياسية.
ومن بين الأسماء اللافتة المرشح هنري حمرا، وهو سوري-أمريكي من أصول يهودية، ونجل آخر حاخام غادر سوريا في التسعينات، ليكون بذلك أول ممثل للطائفة اليهودية منذ سبعة عقود — في مشهد لم تعرفه البلاد منذ الخمسينيات.
إلا أن مقاعد محافظات السويداء والرقة والحسكة ستبقى شاغرة، بعد إعلان اللجنة العليا للانتخابات تأجيل الاستحقاق فيها بسبب “التحديات الأمنية”، وهو ما يعكس استمرار الانقسام الجغرافي والسياسي في بعض المناطق السورية.
آلية معقدة بين الانتخاب والتعيين
بموجب النظام الانتخابي المؤقت، ستختار الهيئات المناطقيـة ثلثي أعضاء البرلمان، بينما يحتفظ الرئيس بحق تعيين الثلث الأخير.
ويرى خبراء أن طريقة اختيار هذا الثلث ستكون الاختبار الأكبر لشرعية البرلمان، إذ يمكن أن تُكسبه مصداقية إذا شملت ممثلين عن الأقليات والنساء والمناطق المهمشة، أو أن تُفقده الثقة إذا اقتصرت على الموالين.
البرلمان الجديد ستكون مدته 30 شهرًا قابلة للتجديد، وهو زمن قصير نسبيًا في عمر التجارب الديمقراطية، لكنه قد يشكل مرحلة انتقالية نحو صيغة أكثر ديموقراطية في المستقبل.
ردود فعل وتحليلات متباينة
رحّب بعض المحللين بهذه الخطوة بوصفها “بداية لمسار مؤسساتي ضروري” لإعادة بناء الدولة، فيما يرى آخرون أن غياب التصويت الشعبي المباشر يجعلها أقرب إلى مجلس استشاري موسع من كونها سلطة تشريعية حقيقية.
على الصعيد الدولي، تراقب القوى الإقليمية والغربية الحدث بحذر، في انتظار مؤشرات على نية دمشق الجديدة في الانفتاح السياسي أو الحفاظ على القبضة التقليدية السابقة.
مستقبل البرلمان السوري الجديد
ما بعد الانتخابات سيحدد مسار البلاد:
هل سيتمكن البرلمان الجديد من إطلاق إصلاحات فعلية في الدستور والقضاء والحريات؟
أم سيكون خطوة شكلية لتجميل المشهد السياسي؟
الإجابة لا تزال مرهونة بخيارات الرئيس أحمد الشرع وتوجهات السلطة الجديدة في الأشهر القادمة. ومع ذلك، فإن مجرد انعقاد هذا الاستحقاق بعد سنوات من الحرب والانقسام هو إشارة رمزية إلى رغبة في إعادة ترتيب البيت السوري، ولو بخطوات بطيئة.
المصدر:
وكالة رويترز – العربية/الحدث – اللجنة العليا للانتخابات السورية
الأسئلة الشائعة حول الانتخابات البرلمانية السورية الجديدة
ما أهمية هذه الانتخابات بالنسبة لسوريا؟
تمثل الانتخابات أول تجربة سياسية بعد الإطاحة ببشار الأسد، وهي خطوة رمزية نحو إعادة بناء مؤسسات الدولة وبداية مرحلة انتقالية لاختبار شكل الحكم الجديد.
هل تعتبر الانتخابات حرة ومباشرة من الشعب؟
لا، فبموجب الإعلان الدستوري الحالي، يجري انتخاب ثلثي أعضاء البرلمان من قبل هيئات مناطقية، بينما يعيّن الرئيس الثلث المتبقي، ما يجعلها انتخابات غير مباشرة.
ما سبب بقاء بعض المقاعد البرلمانية شاغرة؟
بقيت مقاعد محافظات السويداء والرقة والحسكة شاغرة بسبب التحديات الأمنية وصعوبة إجراء الانتخابات فيها في الوقت الحالي.
من أبرز المرشحين اللافتين في هذه الانتخابات؟
من بين المرشحين اللافتين هنري حمرا، وهو سوري-أمريكي من أصول يهودية، ونجل آخر حاخام غادر سوريا، ليكون أول مرشح يهودي منذ سبعين عامًا.
متى يتوقع إعلان نتائج الانتخابات؟
تُعلن النتائج في نفس يوم التصويت، لكن البرلمان لا يُشكَّل رسميًا إلا بعد أن يعيّن الرئيس أحمد الشرع الثلث المتبقي من الأعضاء.