في سباق البشرية المستمر نحو التطور، لا تتوقف المشاريع العملاقة عن مفاجأتنا. لكن، هل فكرت يومًا أن سعي الإنسان لبناء سد قد يغيّر دوران الأرض نفسه؟ هذا ما كشفه تقرير لوكالة “ناسا” عن سد الممرات الثلاثة في الصين، أحد أعظم مشاريع الطاقة الكهرومائية في العالم، والذي أصبح مثار جدل علمي بيئي عالمي بسبب تأثيره المحتمل على توازن كوكبنا.
🏗️ سد الممرات الثلاثة: رمز التقدم ومصدر القلق البيئي
السد الكهرومائي الذي تبنيه الصين ليس مجرد منشأة ضخمة لتوليد الطاقة، بل هو أحد أكبر الإنجازات الهندسية في تاريخ البشرية. يمتد السد بطول 2.3 كيلومتر وارتفاع 183 مترًا على نهر اليانغتسي، ثالث أطول نهر في العالم. ورغم أن السد يوفر فقط 3% من احتياجات الصين من الطاقة، إلا أن دوره يتجاوز توليد الكهرباء ليكون عنصرًا أساسيًا في إدارة المياه والسيطرة على الفيضانات.
لكن المشكلة لا تكمن فقط في الحجم، بل في التأثير الكوني لهذا المشروع. فوفقًا لوكالة “ناسا”، الكتلة الهائلة من الماء في خزان السد، والتي تبلغ نحو 10.6 تريليون جالون، قد تؤدي إلى إطالة اليوم على الأرض بمقدار 0.06 ميكروثانية، وتغيير بسيط في شكل الكوكب، مما يجعله أكثر استدارة عند خط الاستواء.
🌍 كيف يغيّر السد دوران الأرض؟
تؤكد وكالة “ناسا” أن نزوح المياه من خزان السد يمكن أن يؤثر على “لحظة القصور الذاتي” للأرض، وهي مقياس أساسي في تحديد سرعة دوران الكوكب حول محوره. هذا التأثير يشبه تحرك راقص الجليد عندما يمد ذراعيه، فيبطئ دورانه.
“حتى الأنشطة الصغيرة كقيادة السيارة لها تأثير، فما بالك بمشروع ينقل تريليونات الجالونات من المياه!”
– الدكتور بنجامين فونغ تشاو، مركز جودارد الفضائي – ناساإعلان
هذه الظاهرة، رغم ضآلتها من حيث الأرقام، إلا أنها تعكس مدى حساسية الأرض لأي تغييرات في توزيع كتلتها. فإذا كانت مثل هذه المشاريع تؤثر بالفعل على دوران الكوكب، فهل يمكننا تصور الآثار التراكمية لمئات المشاريع حول العالم؟
🐉 نهر اليانغتسي: التنين الذي يحرس السد
يشتهر نهر اليانغتسي، أو نهر التنين كما يسميه الصينيون، بتاريخ عريق وساحر يمتد لآلاف السنين. وقد تم اختيار موقع السد في منطقة جبلية هادئة وخلابة، مما أثار أيضًا مخاوف بيئية وثقافية، خاصة مع غمر بعض المعالم التاريخية وفقدان الحياة البرية موائلها الطبيعية.
🔋 ما وراء الطاقة: التأثيرات الجانبية غير المتوقعة
رغم فوائد سد الممرات الثلاثة في تقليل الانبعاثات الكربونية وتوفير الطاقة المتجددة، إلا أن آثاره السلبية تطال البيئة، والأنظمة الجيولوجية، ودوران الأرض نفسه. وهذا يطرح سؤالًا وجوديًا: هل نحن نبالغ في تدخلنا في الطبيعة؟
🔮 المستقبل بين التقدم والحذر
تتزايد الأصوات العلمية المطالبة بإعادة النظر في كيفية تقييم المشاريع العملاقة من حيث الأثر الكوكبي، وليس فقط الجدوى الاقتصادية أو الإنتاجية. فمع استمرار السباق العالمي نحو مشاريع البنية التحتية الضخمة، لا بد من تقييم الأثر البيئي طويل الأمد.
هل سنستمر في بناء سدود، ناطحات سحاب، ومجمعات عملاقة، دون التفكير في العواقب الفلكية؟
📚 المصدر:
تقرير ناسا عبر موقع sustainability-times.com
📌 أسئلة يطرحها القارئ
هل يمكن لسد أن يغير فعليًا دوران الأرض؟
نعم، وفقًا لـ”ناسا”، يمكن لنقل كتل هائلة من المياه أن يؤثر على توازن دوران الأرض ولو بشكل طفيف.
كم يطيل سد الممرات الثلاثة طول اليوم؟
يُطيل اليوم بنحو 0.06 ميكروثانية عندما يكون الخزان ممتلئًا.
هل توجد مشاريع أخرى قد تؤثر على الأرض؟
نعم، أي مشروع يغيّر توزيع الكتلة على الكوكب – مثل السدود الكبرى أو حتى استخراج النفط بكثافة – قد يكون له تأثير ضئيل لكن تراكمي.
ما علاقة شكل الأرض بهذه التغيرات؟
توزيع الكتلة يمكن أن يجعل الأرض أكثر استدارة عند خط الاستواء وأقل تسطحًا عند القطبين، مما يؤثر على الجاذبية وتوازن الكوكب.
