في تصعيد جديد للحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، أعلنت شركة “نافتوغاز” الأوكرانية، الجمعة، أن روسيا شنت “أوسع هجوم” على منشآت الغاز الأوكرانية منذ بداية الحرب عام 2022، مستخدمة أكثر من 35 صاروخًا و60 طائرة مسيّرة خلال ليلة واحدة. هذا الهجوم الكثيف لم يقتصر على أهداف عسكرية، بل طال البنية التحتية الحيوية التي يعتمد عليها ملايين الأوكرانيين في التدفئة والطاقة.
استهداف الطاقة بدل الجبهات
منذ بداية الحرب، ركزت روسيا في كثير من ضرباتها على شبكة الكهرباء، لكنها هذه المرة وسعت نطاق الاستهداف ليشمل منشآت الغاز في مناطق خاركيف وبولتافا. ووفق تصريحات رئيس مجلس إدارة “نافتوغاز”، فإن “جزءًا كبيرًا من المنشآت تضرر، وبعض الأضرار بالغة”، معتبرًا أن هذه الضربات “لا تحمل أي معنى عسكري بقدر ما تهدف إلى حرمان الأوكرانيين من التدفئة في الشتاء”.
هذا التحول الاستراتيجي يعكس رغبة موسكو في استخدام سلاح الطاقة كورقة ضغط، إذ أن انقطاع الغاز والكهرباء في بلد يشهد شتاءً قاسيًا قد يخلق أزمة إنسانية خانقة.
كييف: “إرهاب يستهدف المدنيين”
رئيسة الوزراء الأوكرانية يوليا سفيريدينكو وصفت الهجمات بأنها “إرهاب ضد المدنيين”، مشيرة إلى أن الهدف هو حرمان الناس من أبسط مقومات الحياة. وقد شهدت مناطق واسعة انقطاعًا في التيار الكهربائي، بينما اندلع حريق في مزرعة شمال شرقي أوكرانيا أدى إلى نفوق نحو 13 ألف خنزير، ما يعكس حجم الخسائر الممتدة من البنية التحتية حتى القطاع الزراعي.
الرد الأوكراني: ضرب العمق الروسي
ولم تتأخر أوكرانيا في الرد، إذ نفذت ضربات بطائرات مسيّرة استهدفت مصافي نفط روسية على بُعد أكثر من 1400 كيلومتر من الجبهة، في منطقة أورينبورغ قرب الحدود مع كازاخستان. هذه الهجمات التي وثقتها مقاطع مصورة غير مؤكدة على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت سحب دخان كثيفة تتصاعد من إحدى المصافي، في إشارة إلى أن كييف تسعى لقطع شريان تمويل الحرب الروسية القائم على صادرات النفط والطاقة.
تداعيات إنسانية ودولية
هذه الهجمات المتبادلة تنذر بمرحلة جديدة من الصراع، حيث لم تعد المعركة مقتصرة على خطوط القتال بل باتت معركة استنزاف طاقة ومعيشة. ومع اقتراب فصل الشتاء، يزداد القلق من وقوع كارثة إنسانية قد تدفع ملايين الأوكرانيين إلى مواجهة البرد القارس دون تدفئة.
على الصعيد الدولي، قد تعزز هذه التطورات من دعوات محاكمة موسكو على استهدافها المتكرر للبنية التحتية المدنية، خصوصًا أن المحكمة الجنائية الدولية سبق أن أصدرت مذكرات توقيف بحق مسؤولين روس بتهم تتعلق بجرائم حرب.
نظرة مستقبلية
إذا استمرت هذه الضربات بنفس الوتيرة، فمن المتوقع أن يدخل الصراع مرحلة أكثر قسوة، يكون المدنيون هم الخاسر الأكبر فيها. ومن جهة أخرى، قد تدفع هذه الأحداث أوروبا إلى زيادة دعمها العسكري والإنساني لكييف، خوفًا من تداعيات أزمة طاقة تمتد آثارها إلى القارة بأكملها.
الحرب لم تعد معركة أسلحة فقط، بل أصبحت أيضًا معركة طاقة وبقاء، حيث يحاول كل طرف حرمان الآخر من القدرة على الاستمرار.
المصدر:
وكالة الأنباء الفرنسية (AFP)