قد يبدو الأمر وكأنه قصة من مسلسل خيال علمي، لكن هذه الحالة وثّقها أطباء في المملكة المتحدة عام 2016 لرجل بدأ يسمع إذاعة BBC Radio داخل رأسه — حرفيًا. ورغم غرابة الموقف، إلا أن التفسير العلمي كان أكثر إثارة للدهشة.
عندما تتحول الحشوة إلى هوائي
بعد إجراء سلسلة من الفحوصات العصبية والسمعية، اكتشف الأطباء أن هذا الرجل لم يكن يعاني من أي اضطرابات عقلية أو نفسية. بل على العكس، كان يتمتع بصحة عقلية جيدة، لكنّ المفاجأة كانت في فمه.
اتضح أن حشوة معدنية داخل أحد أضراسه كانت مكوّنة من خليط يسمح لها بالتصرّف مثل “هوائي بسيط”، قادر على التقاط ترددات معينة من موجات الراديو. وعندما تتزامن هذه الترددات مع وضعية معينة للفك أو الجمجمة، فإن العصب السمعي يترجمها على شكل صوت داخلي.
بعبارة أخرى: كان الرجل يلتقط بث الراديو، دون جهاز راديو!
هل هذه الظاهرة موثقة علميًا؟
نعم. ورغم ندرتها الشديدة، فإن ظاهرة سماع موجات راديو من خلال الأسنان أو الحشوات المعدنية تم تسجيلها مرات قليلة خلال العقود الماضية.
في دراسة نشرتها مجلة British Dental Journal، أشار الباحثون إلى حالات مشابهة رُصدت منذ الحرب العالمية الثانية، عندما كان بعض الجنود يسمعون أصواتًا لاسلكية بسبب حشوات معدنية بدائية الصنع.
🤔 رأيي في الموضوع
هذا النوع من الأخبار يثير في داخلي تساؤلًا عميقًا: إلى أي حد يمكن لأجسامنا أن تصبح جزءًا من شبكة تكنولوجية دون علمنا؟
قد نضحك من القصة، لكن الحقيقة أنها تسلّط الضوء على تفاعل معقّد ومذهل بين التكنولوجيا والبيولوجيا — تفاعل غير مقصود لكنه حقيقي.
هل من إحصائيات أو دراسات تدعم الفكرة؟
وفقًا لجمعية السمع البريطانية، تُعد الهلوسة السمعية غير المرضية أكثر شيوعًا مما نعتقد، إذ تشير الدراسات إلى أن حوالي 5-10% من الناس قد يسمعون أصواتًا عرضية دون مصدر واضح خلال حياتهم، خاصة في حالات الضغط النفسي أو النوم المتقطع.
ولكن، تظل “الهلوسة الجغرافية السمعية” — أي التي تعتمد على موقع معين بالجسم لاستقبال موجات خارجية — أقل توثيقًا، ما يجعل هذه الحالة محط أنظار الباحثين في مجالات الأعصاب والفيزياء الحيوية.
خلاصة:
القصة ليست مجرّد طرفة علمية، بل نافذة نادرة على قدرة الجسم البشري على التفاعل مع بيئته بطرق لم نعتد التفكير فيها.
أن يسمع شخصٌ الراديو في رأسه دون أجهزة، هو تذكير بأن التقنية ليست دائمًا خارجية — أحيانًا، قد نكون نحن أنفسنا جزءًا من الدائرة.
🟦 المصدر:
الحالة موثقة في الأوساط الطبية البريطانية، ونشرتها عدة تقارير طبية بين عامي 2016–2017 منها:
- British Dental Journal
- The Telegraph UK
