في مشهد يوثق حجم المعاناة والفقد، ظهر رجل من مدينة غزة مثقلاً بوجعه وما بقي معه من أمتعة، يصرخ باكياً: «لهالدرجة صرنا رخاص ولا صار الكلام عليكم عادي». وأضاف مثقلاً بالحزن: «بنبكي على أطفالنا وعلى نسوانا وعلى شيوخنا وعلى كل حاجة في حياتنا». هذان المقتطفان البسيطان يعكسان — بألم مباشر — واقع ملايين المدنيين الذين يتعرضون للنزوح، والذين تُختزل حياتهم في حقائبٍ وذكرياتٍ متداعية.
مثقلاً بوجعه وما استطاع من حمل أمتعته.. رجل من غزة ينزح قسرا وباكيا بحرقة: “لهالدرجة صرنا رخاص ولا صار الكلام عليكم عادي.. بنبكي على أطفالنا وعلى نسوانا وعلى شيوخنا وعلى كل حاجة في حياتنا”#غزة #العربية pic.twitter.com/pZTXUliawJ
— العربية (@AlArabiya) September 17, 2025
قصّة رجلٍ واحدة؛ آلافٌ من المعاناة
لعل في صوت الرجل ودمعُه ما يختصر كل ما يمكن أن تُظهره أرقام التقارير: فقدان الأمان، انفراط الروابط الاجتماعية، وافتقاد الحدّ الأدنى من الاحتياجات. وكما ظهر في الفيديو المنشور عبر صفحات إخبارية ومنصات التواصل، فإن هذا النداء الإنساني لم يكن فردياً فقط؛ بل هو تكرار يومي لصراخ آلاف النازحين الذين يتركون بيوتهم تحت قصفٍ وجورٍ لا يفرق بين صغيرٍ أو كبير.
السياق العسكري: اجتياح غزة وتوسع العمليات الأرضية
يأتي هذا المشهد في اليوم الثاني من انطلاق ما وصفته القوات الإسرائيلية بعمليةٍ موسعة في مدينة غزة. أعلن الجيش أن قوات اللواءين 98 و162 شاركت في المرحلة الثانية من العملية المسماة (عربات جدعون/ Gideon’s Chariots)، وأن الضربات الجوية والمدفعية استهدفت أكثر من 150 هدفاً خلال اليومين الماضيين دعماً للتحرك البري.

كما أصدرت القيادة العسكرية تعليمات حول «مسار انتقال مؤقت» لخروج سكان غزة عبر شارع صلاح الدين، مع تحديد نافذة زمنية مدتها 48 ساعة لتسهيل الحركة جنوبًا، وهو ما نشره المتحدث العسكري على حسابه في «إكس». ومع ذلك، يواجه النازحون فعليًا صعوبات هائلة في الوصول إلى ملاذات آمنة أو في ضمان وجود مياه وغذاء ووقود في المناطق المعلنة كمقاصد.
أرقام النزوح والتحذيرات الإنسانية
أفادت تقارير إخبارية ومنظمات دولية بأن أكثر من 400 ألف شخص نزحوا من مدينة غزة باتجاه الجنوب، بينما حذّرت الأمم المتحدة من أن عدداً كبيراً من السكان لا يجد ملاذاً آمناً، وأن نقص الإمدادات (الطعام والوقود والمياه) يفاقم الأزمة ويهدد حياة المدنيين. كما أصدرت وكالات الإغاثة تحذيرات من خطر انتشار الجوع وتدهور الظروف الصحية إذا لم تصل مساعدات إنسانية عاجلة.
ماذا يعني هذا للمدنيين؟
- فقدان المأوى والممتلكات الأساسية، وغالبًا ما يفقد الناس وثائقهم ودواءهم ووسائل عيشهم.
- تفكك الأسر وتشتُّت الخدمات الصحية: المستشفيات تعمل تحت ضغط، وبعضها تضرر أو أصبح غير قادر على استقبال المرضى.
- مخاطر طويلة الأمد على الأطفال: فقدان التعليم، والصدمات النفسية، ونقص التغذية التي تؤثر على جيل كامل.
صوتٌ يطالب بالإنسانية
صراخ الرجل في الفيديو ليس مطالبةً سياسية فحسب؛ بل هو دعوة إنسانية بسيطة: أن تُعامل أرواح المدنيين كأولوية، وأن تُتاح لهم طرق آمنة للخروج، وأن تُوصل المساعدات دون معيقات. في قلب كل رقم من أرقام النزوح هناك قصص إنسانية — أطفال فقدوا لعبهم، أمهات تركن مطابخهن، وشيوخٌ يتركون تاريخهم ومنازلهم.
ماذا يُنتظر؟ وما المطلوب الآن؟
- الضغط الدولي من أجل فتح ممرات إنسانية آمنة ومستمرة، مع ضمان دخول قوافل مساعدات رقمية وكافية إلى جميع المناطق المتضررة.
- حماية المدنيين ووقف العمليات وفق القوانين الإنسانية الدولية.
- تقديم دعم نفسي وطبي طويل الأمد للنازحين، بالإضافة إلى خطط لإعادة الإعمار لاحقًا.
وجهة نظر
صوت ذلك الرجل من غزة سيبقى شاهداً على مأساة إنسانية لا تُحصى أبعادها؛ ولذلك يجب أن تبقى القضية إنسانية بالدرجة الأولى. بينما تتواصل العمليات العسكرية وتُعلن بيانات الانسحاب أو المسارات المؤقتة، تبقى مهمة المجتمع الدولي ومؤسسات الإغاثة والعمل المحلي حماية الناس وإعادتهم إلى حياة آمنة وكرامة بشرية.
المصدر:
العربية نت