النقاط الرئيسية
- جون روكفلر هو أول من تجاوز عتبة المليار دولار في التاريخ.
- ثروته عام 1916 تعادل أكثر من 600 مليار دولار اليوم.
- أسس مفهوم العمل الخيري المؤسسي الحديث.
- شركاته السابقة لا تزال من أقوى كيانات الطاقة العالمية.
منذ أكثر من قرن، وُلد مصطلح “الملياردير” لأول مرة، ولم يكن ليتردد في أذهان الناس لولا رجل واحد: جون دافيسون روكفلر، الذي استطاع أن يراكم ثروة جعلته رمزًا للثراء في القرن العشرين، وما يزال حتى اليوم معيارًا للمقارنة مع أغنى أغنياء العالم.
بدايات متواضعة ونهاية أسطورية
ولد روكفلر عام 1839 في ولاية نيويورك لعائلة بسيطة. بدأ حياته كبائع صغير قبل أن يؤسس في سن الثلاثين شركة “ستاندرد أويل”، التي سرعان ما سيطرت على سوق النفط الأميركي بنسبة تجاوزت 90% بحلول عام 1900.
كانت تلك السيطرة مصدر قوته ونفوذه، لكنها أيضًا ما جعلته هدفًا للقوانين المناهضة للاحتكار. ففي عام 1911، أجبرته المحكمة العليا الأميركية على تفكيك شركته إلى 34 شركة مستقلة، من بينها أسماء نعرفها اليوم مثل إكسون موبيل وشيفرون.
لكن المفارقة كانت أن هذا التفكيك لم يقلل ثروته، بل ضاعفها. فكل شركة من تلك الشركات الصغيرة ازدهرت بسرعة، وارتفعت قيمتها السوقية بشكل جعل من روكفلر المستفيد الأكبر من هذا القرار القانوني.
ثروته في ميزان الحاضر
في عام 1916، أعلنت الصحف الأميركية أن ثروة روكفلر تجاوزت مليار دولار، أي ما يعادل نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي في ذلك الوقت.
ولفهم حجم هذا الرقم، يكفي القول إن نسبة مماثلة اليوم تساوي أكثر من 600 مليار دولار، وهو رقم يتجاوز ثروة إيلون ماسك الحالية التي تُقدر بنحو 473 مليار دولار، أي أقل من 1.5% من الناتج المحلي للولايات المتحدة.
بمعنى آخر، إذا قمنا بتعديل القيمة وفق حجم الاقتصاد الحالي، يبقى روكفلر أغنى رجل عرفه التاريخ الحديث، حتى بالمقارنة مع عمالقة التكنولوجيا مثل جيف بيزوس، وبرنارد أرنو، وإيلون ماسك.
من النفط إلى العمل الخيري
لم يكن روكفلر مجرد رجل مال، بل كان أيضًا من أوائل من أسسوا مفهوم العمل الخيري المنظم.
أسس “مؤسسة روكفلر” عام 1913، وموّل من خلالها مئات البرامج الطبية والتعليمية، من بينها تطوير اللقاحات ضد الأمراض الاستوائية وتمويل جامعات كبرى مثل شيكاغو وروكفلر.
ويُقال إنه أنفق أكثر من 500 مليون دولار على مشروعات خيرية خلال حياته — أي ما يعادل عشرات المليارات اليوم.
كيف غيّر روكفلر مفهوم الثروة
إذا كان بيزوس ومسك قد جمعا ثرواتهما من التكنولوجيا الحديثة، فإن روكفلر فعل الشيء ذاته في زمن “الذهب الأسود”.
لقد فهم مبكرًا أن التحكم في البنية التحتية الأساسية للاقتصاد (في ذلك الوقت النفط، واليوم ربما البيانات أو الطاقة الخضراء) هو الطريق الحقيقي للثراء الدائم.
كما أن أسلوبه في الاستثمار القائم على الدمج الرأسي — من التنقيب إلى التوزيع — أصبح نموذجًا تُقلده الشركات الكبرى حتى اليوم.
إرث لا يصدأ
بعد مرور أكثر من 100 عام على وفاته، لا تزال شركاته السابقة من بين أكبر 20 شركة طاقة في العالم، ولا تزال سيرته تُدرّس كمثال على عبقرية الإدارة والتوسع الاقتصادي.
أما عائلته، فتمتلك حتى اليوم ثروة تُقدر بمليارات الدولارات، منتشرة في صناديق استثمار ومؤسسات خيرية حول العالم.
المصدر:
تقديرات تاريخية من Forbes وBloomberg وThe Rockefeller Archive Center.
