شهدت سوريا خلال الساعات الماضية جدلاً واسعًا عقب أول ظهور تلفزيوني للرئيس أحمد الشرع على قناة “الإخبارية السورية”. المقابلة، التي انتظرها الشارع السوري بشغف، تحولت إلى مادة للنقد والسخرية على وسائل التواصل الاجتماعي، ليس بسبب مضمونها السياسي، بل نتيجة رداءة الصوت الخافت والإضاءة الباهتة التي أفسدت تجربة المشاهدة.
غضب شعبي وانتقادات حادة
بمجرد بث اللقاء، انهالت التعليقات على منصات التواصل، حيث أعرب العديد من السوريين عن استغرابهم من ضعف الإمكانيات التقنية. وكتب أحد المعلقين: “إذا كان الرئيس نفسه يظهر بهذا الشكل، فكيف يكون حال المواطن العادي في مقابلاته؟” بينما أشار آخرون إلى غياب “الكفاءات الإعلامية” وتساؤلوا عن أسباب استمرار الاعتماد على تقنيات قديمة.
#سوريا على صعيد آخر، الصوت في المقابلة كان مزعج ومتعب للمتابع!
— Tariq Alhomayed طارق الحميّد (@tariqalhomayed) September 12, 2025
أزمة ثقة في الإعلام الرسمي
هذا الجدل لم يكن مجرد انتقاد تقني، بل تحول إلى نقاش أعمق حول أزمة الثقة في الإعلام السوري. فالإخراج غير الاحترافي اعتبره البعض دليلاً على غياب الاستثمار في الإعلام كأداة فعالة لنقل صورة جديدة عن البلاد بعد حرب استمرت 14 عامًا. وبالنسبة لآخرين، فإن الحادثة كشفت عن هوة متزايدة بين توقعات الجمهور وقدرة القنوات الرسمية على مواكبة العصر.
اعتذار رسمي وتبريرات
في مواجهة هذه الموجة، سارعت قناة “الإخبارية السورية” إلى الاعتذار، موضحة أن خللًا فنيًا في أجهزة البث كان وراء رداءة الصوت. كما أعادت نشر نسخة مُحسّنة من المقابلة عبر يوتيوب. إلا أن هذا التبرير لم يوقف الجدل، حيث رأى بعض المراقبين أن الاعتذار يعكس ضعف البنية الإعلامية أكثر مما يبرر الخطأ.
تعتذر الإخبارية السورية لمتابعيها عن وجود خلل فني في الصوت ناجم عن عطل طارئ في جهاز البث خلال لقاء السيّد الرئيس أحمد الشرع
يمكنكم حضور اللقاء كاملاً بنسخته الأصلية على منصة يوتيوب عبر الرابط:https://t.co/OpgVq5ZjfO#الإخبارية_السورية pic.twitter.com/wgf1QhhDlD
— الإخبارية السورية (@AlekhbariahSY) September 12, 2025
ما حدث يعكس بوضوح أن المشكلة ليست مجرد عطل تقني، بل قضية أعمق تتعلق بغياب رؤية إعلامية حديثة في بلد يسعى لترميم صورته أمام الداخل والخارج. فالإعلام، كما يراه خبراء، ليس مجرد ناقل للمعلومة، بل أداة لصياغة الانطباعات وتعزيز الثقة. وفي ظل الثورة الرقمية، حيث تُقارن جودة البث المحلي بالمنصات العالمية، لم يعد الجمهور يتسامح مع أعذار “الظروف التقنية”.
الحقيقة أن الضعف ليس مقتصرا على جهاز الصوت فحسب، بل المشكلة الحقيقية تكمن في جهاز الإعلام السوري بأكمله. والحقيقة أيضا أن هذين الأمرين يمثلان أصغر المشاكل الراهنة. يرعاكم الله.
— Siba Madwar صِبا ياسر مدور (@madwar_siba) September 12, 2025
المستقبل.. فرصة للتغيير أم استمرار للأزمة؟
رغم الجدل، يرى بعض المحللين أن الحادثة قد تكون جرس إنذار مهم، يدفع المؤسسات الإعلامية السورية لإعادة هيكلة بنيتها التحتية وتبني معايير إنتاج حديثة. فإذا تم استثمارها كفرصة إصلاح، ربما تتحول “فضيحة البث” إلى بداية تحوّل إيجابي، يعيد للإعلام السوري جزءًا من المصداقية المفقودة.