في خضم التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لتفتح نافذة جديدة من التكهنات حول مستقبل الرسوم الجمركية التي أثقلت كاهل التبادل التجاري بين الصين والولايات المتحدة. وبينما تواجه الصين تراجعاً ملحوظاً في أداء اقتصادها الصناعي، يبدو أن الإدارة الأمريكية بدأت ترسل إشارات مرنة — لكن بحذر. فهل نشهد تقارباً اقتصادياً يعيد التوازن للسوق العالمية؟ وهل يتجه ترامب إلى إعادة ترتيب الأوراق التجارية؟ لنستعرض التفاصيل والأبعاد.
ترامب يتحدث عن تخفيف الرسوم الجمركية على الصين
في مقابلة له عبر برنامج “Meet the Press” على قناة NBC، صرّح ترامب قائلاً:
“في مرحلة ما، سأقوم بتخفيض الرسوم، لأنه إن لم يحدث ذلك، فلن نستطيع أبداً القيام بأعمال تجارية معهم.”
هذه الجملة وحدها كانت كافية لإثارة الاهتمام العالمي، خصوصاً بعد أسابيع من تصعيد جمركي متبادل أدى إلى وصول الرسوم الأمريكية على المنتجات الصينية إلى 145%، مقابل 125% من الجانب الصيني.
تصريحات ترامب تأتي بعد إشارات من الطرفين عن تهدئة نبرة الخطاب، وظهور رغبة مبدئية في العودة إلى طاولة المفاوضات. لكنه رغم ذلك شدد على أنه لن يقدّم التنازلات أولاً، في إشارة إلى أنه ينتظر من الصين إظهار نية حقيقية للتعاون.
تأثير الرسوم على الاقتصاد الصيني
الرسوم الجمركية لم تكن مجرد ورقة ضغط سياسي، بل كان لها وقع اقتصادي حاد، خاصة على الاقتصاد الصيني المعتمد على التصدير.
في أبريل الماضي، شهدت الصين أكبر تراجع في نشاط المصانع خلال 16 شهراً، بحسب بيانات رسمية، كما انخفضت طلبيات التصدير الجديدة إلى أدنى مستوى لها منذ جائحة كوفيد-19.
هذه الأرقام تترجم إلى واقع مؤلم يشمل إغلاق مصانع، زيادة البطالة، وتراجع ثقة المستثمرين. وعلّق ترامب على ذلك قائلاً إن اقتصاد الصين ينهار، مشيراً إلى أن بكين تحتاج إلى العودة للمفاوضات أكثر من أي وقت مضى.
رد الصين: خطوات مشروطة للمفاوضات
وزارة التجارة الصينية أعلنت أن بكين “تُقيّم حالياً مقترحات الولايات المتحدة بشأن المحادثات التجارية”، لكنها وضعت شرطاً أساسياً يتمثل في أن تقوم واشنطن بـ إلغاء زيادات التعريفات الأحادية الجانب أولاً.
هذا الشرط يُبرز استمرار التوتر، ويُظهر أن الطرفين لا يزالان يتبادلان لغة الشروط قبل التفاهم. ومع ذلك، فإن مجرّد قبول تقييم المقترحات الأمريكية يُعد مؤشراً إيجابياً — ولو بشكل حذر — نحو انفراجة محتملة.
فرص الاتفاق وتداعياته على التجارة الدولية
ترامب أعرب عن استعداده للوصول إلى “اتفاق تجاري عادل” مع الصين، متهماً إياها بـ”استغلال” أمريكا تجارياً لسنوات.
وقال في تصريحات للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية:
“نتحدث مع الصين بشأن أمور متعددة، لكن لا يوجد لقاء مرتقب مع الرئيس شي جينبينغ هذا الأسبوع.”
بعيدًا عن الصين، أشار ترامب إلى أن بلاده تتفاوض تجارياً مع “كل دولة تقريباً”، مضيفًا أن بعض الصفقات قد تُعلن خلال أيام.
في حال الوصول إلى اتفاق مرن ومتكافئ، فإن الأسواق العالمية قد تشهد حالة انتعاش في سلاسل التوريد، وانخفاضاً في الأسعار، وعودة ثقة المستثمرين تدريجياً، خصوصاً في القطاعات المتأثرة مثل الإلكترونيات والسيارات والمواد الخام.
أسئلة شائعة حول الموضوع:
لماذا قد يخفف ترامب الرسوم الجمركية على الصين؟
لأن استمرارها يعيق التبادل التجاري ويؤثر سلباً على الاقتصاد الأمريكي أيضًا، ويزيد من أسعار السلع للمستهلكين.
ما تأثير تخفيف الرسوم الجمركية على الاقتصاد الصيني؟
يساعد على إنعاش قطاع التصدير، وتحفيز عودة الطلب على المنتجات الصينية في السوق الأمريكية.
هل هذه التصريحات تعني قرب توقيع اتفاق جديد؟
ليست مؤكدة بعد، لكنها مؤشرات إيجابية، خاصة مع التهدئة في الخطاب السياسي من الجانبين.
الخلاصة:
الرسوم الجمركية كانت وما زالت أداة ضغط سياسية واقتصادية فعّالة. لكن الإفراط في استخدامها يُنتج نتائج عكسية. تصريحات ترامب تُشير إلى مرونة مدروسة. وقد تكون ورقة ضغط ذكية لحصد تنازلات من بكين دون إظهار ضعف.
نرى أن توازن المصالح هو مفتاح العلاقات التجارية المستدامة. ونؤمن أن الاتفاقيات القائمة على الشراكة العادلة لا تُنعش فقط اقتصادات الدول، بل تخلق بيئة تجارية مستقرة للأسواق العالمية.
