تحف يمنية نادرة تشق طريقها ـ مرة أخرى ـ إلى مزاد أوروبي، هذه المرة في دار «بلاكاس» الفرنسية يوم 9 يوليو. ورغم أن المزاد يضع قيمًا تقديرية مغرية لهواة الاقتناء، إلا أن السؤال الأكثر إلحاحًا هو: كيف غادرت هذه الكنوز اليمنية الحدود أصلاً؟ علاوة على ذلك، يشير غياب الوثائق إلى ثغرات خطيرة في منظومة حماية التراث العالمي.
ما القطع المعروضة في المزاد؟
1. التمثال المرمري التوأم
- تمثال مرمر بحجم 26 سم يُعتقد أنه توأم لتمثال شهير عُثر عليه في وادي بيحان بمحافظة شبوة.
- ملامحه تتطابق مع قطعة معروضة في متحف الفن الآسيوي بمؤسسة «سميثسونيان» بواشنطن.

2. رأس رجل من المرمر الشفاف (القرن الأول ق.م)
- يتميز بعيونٍ محفورة وذقنٍ نافر، ويعكس المدرسة التجريدية المبكرة في جنوب الجزيرة العربية.

3. تمثال أنثوي بقرطٍ ذهبي (القرن الثالث ق.م)
- قاعدة التمثال منقوشة بخط المسند، ما يرفع قيمته الأثرية والعلمية على حد سواء.
4. لوحة تذكارية حجرية
- مشهد لشخصية واقفة داخل إطار تضم زخارف ووعول منحوته؛ أسلوب يمني يتكرر في شواهد القبور القتبانية.

لماذا يثير المزاد ضجة؟
- أولًا، تفتقر كل تحفة يمنية نادرة إلى وثائق منشأ أو تصريحات تصدير، وهو خرق صريح لاتفاقية اليونسكو 1970 الخاصة بمنع الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية.
- ثانيًا، تُدرج القطع ضمن فئات «عالية المخاطر» في قائمة ICOM Red List الخاصة باليمن، التي تُحذّر المتاحف ودور المزادات من بيع هذه الآثار دون إثبات ملكية واضح.
- ثالثًا، سبق وأن أعادت جهات أمريكية وأوروبية 14 قطعة إلى حكومة اليمن في 2024 بعد اكتشاف تهريبها، ما يثبت إمكانية استرجاع القطع إذا تحرّكت الجهات المعنية سريعًا.
السياق الأوسع لتهريب الآثار اليمنية
منذ اندلاع الحرب أواخر 2014، أصبحت الموانئ والمعابر أرضًا خصبة لشبكات تهريب تستغل ضعف الرقابة. تُقدّر وزارة الثقافة اليمنية فقدان آلاف القطع، بينما رصدت قاعدة بيانات الإنتربول للأعمال الفنية المسروقة أكثر من 57 ألف تحفة مسجلة عالميًا، بينها مئات القطع اليمنية.
علاوة على ذلك، يلجأ المهربون غالبًا إلى «تبييض» الآثار عبر مزادات صغيرة قبل وصولها إلى دورٍ كبرى في باريس أو نيويورك.
الجهود الحالية لاستعادة التراث
- تأسيس وحدة متخصصة داخل وزارة الخارجية اليمنية لرصد المزادات وإعداد ملفات قانونية عاجلة.
- تعاون متزايد مع اليونسكو و«التحالف الدولي لحماية التراث» (ALIPH) لتخصيص صناديق شراء أو استرداد مؤقت.
- استخدام تقنيات تعلّم الآلة لتحليل كتالوجات المزادات بحثًا عن كلمات مفتاحية مثل تحف يمنية نادرة أو «Yemeni Alabaster».
على سبيل المثال، أدت مطابقة بصمات ملح صخري في تمثال تم ضبطه عام 2023 في إسبانيا إلى إعادته إلى متحف صنعاء الوطني بعد غياب دام 22 عامًا. (واقعة موثّقة في تقرير ICOM 2023)
كيف نحمي تحف يمنية نادرة؟
- الشفافية أولًا: مطالبة دور المزادات بنشر سجلات الملكية كاملة قبل أي عملية بيع.
- الضغط الدبلوماسي: تفعيل مذكرات التفاهم لاستعادة القطع أو وقف البيع حتى حسم الملكية.
- التوعية الشعبية: نشر قواعد بيانات مفتوحة تُسهِّل على الجامعين التحقق قبل الشراء.
- التقنية في خدمة التراث: تطوير تطبيقات واقع معزز تعرّف السياح على مواقع النهب وتشجعهم على الإبلاغ.
بالإضافة إلى ذلك، يستطيع المغتربون اليمنيون تأسيس صناديق زمالة لشراء القطع مؤقتًا وإعادتها عند استقرار الأوضاع.
تُذكّرنا قصة المزاد الفرنسي بأن تحف يمنية نادرة ليست مجرد حجارة قديمة، بل صفحات حية من ذاكرة أمة. وإذا لم تتحرك الجهات الرسمية والمدنية سريعًا، فقد تُغلق هذه الصفحات إلى الأبد. لذا، آن الأوان لتحويل الغضب إلى خطط ملموسة تضمن عودة هذه الكنوز إلى موطنها.
المصدر:
– العربية نت.
– YPA Agency.
– Yemen Monitor.
– ABNA24.
– ICOM Red List.
– The Met Repatriation 2024.
– INTERPOL Database.
أسئلة متداولة:
ما سبب أهمية التمثال المرمري المُسمى «توأم بيحان»؟
يُعد واحدًا من أندر التماثيل الجنوبية، ويُقدم دليلاً على مهارة النحاتين اليمنيين قبل الميلاد.
هل يسمح القانون الفرنسي ببيع آثار بلا وثائق منشأ؟
من الناحية النظرية لا، إذ يطلب القانون دليلاً على الملكية المشروعة، لكن ثغرات في التطبيق تسمح بالبيع إذا لم يُقدِّم طرف ثالث اعتراضًا.
كيف يمكنني التحقق من أصل قطعة أثرية؟
يمكنك مطابقة بياناتها مع قائمة ICOM Red List، أو البحث في قاعدة بيانات الإنتربول للأعمال المسروقة.
ما الخطوات العاجلة التي يجب أن تتخذها الحكومة اليمنية؟
إرسال إنذارات قانونية، والتنسيق مع سفارة فرنسا، وتقديم طلب رسمي لتعليق البيع لحين إثبات الملكية.
