البداية: نظرة عامة على تاريخ تطور نظارات الواقع المعزز
يُعَدّ تاريخ تطور نظارات الواقع المعزز واحدًا من أكثر المسارات التقنية تشويقًا في عالم الابتكارات الرقمية الحديثة. فمنذ البدايات الأولى التي خُصّصت لتطوير تقنيات الدمج بين العالم الحقيقي والافتراضي، وحتى وصولنا إلى نظارات متقدّمة تحقّق تفاعلاً فوريًّا وسلسًا، ظلّت هذه النظارات أحد أهم المحاور التي جذبت اهتمام الباحثين والشركات التقنية الكبرى على حدٍّ سواء.
تعمل نظارات الواقع المعزز على دمج المحتوى الرقمي والمعلومات الافتراضية مع البيئة الحقيقية للمستخدم، مما يتيح خبرات فريدة في مختلف المجالات بدءًا من الترفيه والألعاب الإلكترونية ووصولاً إلى التطبيقات الصناعية والطبية والتعليمية. وقبل التعمّق في تاريخ تطور نظارات الواقع المعزز ومحطاته الرئيسية، دعونا نستعرض بإيجاز مفهوم هذه التقنية، والفارق بينها وبين نظارات الواقع الافتراضي.
ما هي نظارات الواقع المعزز؟
نظارات الواقع المعزز هي أجهزة قابلة للارتداء مصمّمة لعرض عناصر أو مجسّمات رقمية مباشرة أمام عيني المستخدم، بحيث تمتزج تلك العناصر مع المشهد الحقيقي. تهدف هذه التقنية إلى تقديم تجربة تفاعلية تسمح للمستخدم بالتفاعل مع المعلومات أو المحتوى المعروض من دون عزل المستخدم عن البيئة المحيطة به.
على سبيل المثال، قد يرى المستخدم خرائط تفاعلية أو بيانات ثلاثية الأبعاد أو شروحًا في الوقت الفعلي على ما يراه في العالم الحقيقي. ويتميّز تاريخ تطور نظارات الواقع المعزز بكونه يعكس مسيرة من التجارب والاختراعات التي اندمجت لاحقًا لتنتج منتجات أقرب إلى الخيال العلمي.
متى ظهرت نظارات الواقع الافتراضي؟
ظهر مفهوم نظارات الواقع الافتراضي قبل نظارات الواقع المعزز بسنوات عدة، إذ تعود بداياتها إلى ستينيات القرن الماضي، عندما تم تقديم أنظمة بدائية تشبه الخوذة وتعرض عوالم رقمية مغلقة بالكامل. ومع تطور الحوسبة والرسوميات الحاسوبية، شهدت نظارات الواقع الافتراضي عصرًا ذهبيًّا في التسعينيات. ثم في العقد الأخير ازداد الاهتمام بها وتنوّعت استخداماتها في الألعاب والتدريب والمحاكاة.
وعلى الرغم من أنّ نظارات الواقع الافتراضي تقدّم تجربة انغماسية تحيط بالمستخدم بصورة كلية، إلا أنها تختلف جذريًّا عن نظارات الواقع المعزز؛ لأن هذه الأخيرة توفّر للمستخدم فرصة البقاء على اتصال بالمشهد الفعلي المحيط به. مع إضافة طبقة من المعلومات أو العناصر الرقمية.
ماذا تفعل نظارات الواقع المعزز؟
تاريخ تطور نظارات الواقع المعزز مرتبط بالتطبيقات العملية التي تقدّمها هذه التقنية، إذ إنّها لا تكتفي بعرض صور أو أجسام افتراضية فحسب، بل تقدّم مجموعة من المزايا التي تسهّل حياة الأفراد في قطاعات عديدة:
- العرض التفاعلي للمعلومات: تساعد نظارات الواقع المعزز في عرض بيانات وشرح سريع في بيئة العمل، مثل عرض التعليمات الهندسية أو تقديم الإرشادات في بيئات صناعية معقّدة.
- التعليم والتدريب: يمكن استخدامها في المؤسسات التعليمية أو التدريب الميداني. حيث يطّلع المتدرب على المعلومات الضرورية في الوقت الفعلي دون الحاجة لقطع التجربة العملية.
- الترفيه والألعاب: تُضفي طبقة إضافية من المتعة على الألعاب التقليدية عبر دمج العناصر الرقمية بالواقع المحيط. مما يجعل التجربة غامرة وتفاعلية.
- الطب والرعاية الصحية: تساعد في عرض معلومات حول تشريح الجسم أثناء العمليات الجراحية أو جلسات التدريب الطبي. ما يسهم في رفع كفاءة الأطباء والمختصين.
ما فوائد نظارة الواقع الافتراضي؟
على الرغم من أنّ هذه المقالة تركز على تاريخ تطور نظارات الواقع المعزز، فإنّ نظارات الواقع الافتراضي لها مكانتها الخاصة وفوائدها المتعددة، ومن أبرزها:
- التجربة الانغماسية الكاملة: تقدّم للمستخدم بيئة رقمية متكاملة يستطيع فيها الانغماس وتجاوز حدود المكان والزمان.
- التدريب والمحاكاة: تُستخدم على نطاق واسع في مجالات الطيران والفضاء والهندسة العسكرية. حيث يتمكّن المتدرب من التفاعل مع سيناريوهات معقدة وخطيرة بأمان.
- الترفيه والألعاب: تُعتبر الألعاب والتجارب الترفيهية من أشهر تطبيقات الواقع الافتراضي. إذ يعيش المستخدم في عالم خيالي بالكامل.
- العلاج النفسي وإعادة التأهيل: تُستخدم في علاج اضطرابات القلق والخوف من الأماكن المرتفعة أو المغلقة. وأيضًا في جلسات إعادة التأهيل البدني.
تاريخ تطور نظارات الواقع المعزز: المحطات الأولى
تعود جذور تاريخ تطور نظارات الواقع المعزز إلى فترة السبعينيات والثمانينيات، حين كانت هناك محاولات علمية مبكرة لدمج الرسوم الحاسوبية مع صور من العالم الحقيقي. وعلى الرغم من أنّ هذه التجارب كانت بدائية وتقتصر على المختبرات العلمية. إلا أنّها مهّدت الطريق أمام تطورات هائلة لاحقًا.
- السبعينيات: شهدت بدايات الأبحاث حول تراكب المعلومات على الصور الحية باستخدام أجهزة حاسوب ضخمة. كانت التجارب محدودة جدًا، نظرًا لحجم الأجهزة وضعف قدراتها الحسابية.
- الثمانينيات: بدأت المؤسسات العسكرية والفضائية بإجراء بحوث حول استخدام نظارات تعرض معلومات الملاحة والطيران والبيانات التكتيكية للطيارين. ورغم أنها ليست مخصصة للمستخدم العام، إلا أنها كانت دليلًا على إمكانية الجمع بين الواقع والرقمية في جهاز قابل للارتداء.
تطور نظارات الواقع المعزز في التسعينيات والألفية الجديدة
في التسعينيات، برزت شركات تقنية تحاول نقل هذه التقنيات من نطاق الأبحاث العسكرية إلى الأسواق التجارية. ومع ظهور الحواسيب الشخصيّة القوية نسبيًا وبدء انتشار الإنترنت، ازدادت فرص تطوير نظارات تتمتع بقدرة أعلى على المعالجة والاتصال.
- التسعينيات: قدّمت بعض الشركات نماذج أولية محدودة الوظائف من نظارات الواقع المعزز. كانت غالية الثمن وصعبة الاستخدام، ولكنها أشارت إلى بزوغ عهد جديد في عالم الأجهزة الذكية.
- بداية الألفية: تسارعت وتيرة التطور بفضل تطور الهواتف الذكية وتقنيات العرض. أصبحت النظارات أصغر حجمًا وأكثر قدرة على تمييز الأشياء في البيئة المحيطة، عبر استخدام الكاميرات والمستشعرات المتقدمة.
الثورة الكبرى: العقد الأخير
في العقد الأخير، شهد تاريخ تطور نظارات الواقع المعزز ثورة حقيقية مع إطلاق عدد من المنتجات التي بدأت في الاقتراب من متناول المستخدم العادي. كان من أبرزها:
- نظارات غوغل (Google Glass): قدّمت Google نظارتها الذكية في عام 2013، وهي من أول المنتجات التجارية البارزة في هذا المجال. رغم محدودية انتشارها وإيقاف تطويرها بشكله الاستهلاكي، إلا أنها أشارت إلى إمكانية دمج المعلومات والإنترنت بحياة المستخدم اليومية.
- هولولينز (Microsoft HoloLens): أطلقت مايكروسوفت نظارتها HoloLens لتعتمد على تقنية الواقع المختلط (MR)، حيث يمكن التفاعل مع مجسمات ثلاثية الأبعاد في البيئة الحقيقية للمستخدم. استُخدمت هذه النظارات في القطاعات الصناعية والطبية والهندسية بشكل واسع.
- مشاريع أخرى متنوّعة: دخلت شركات مثل سوني وآبل وفيسبوك (ميتا) وغيرها في السباق. تارةً للواقع الافتراضي وأخرى للواقع المعزز، في محاولة لإنتاج جيل جديد من النظارات الذكية التي تراعي سهولة الاستخدام والتصميم الأنيق.
التحديات والآفاق المستقبلية
على الرغم من التقدّم الكبير في تاريخ تطور نظارات الواقع المعزز، لا تزال هناك تحديات تقنية وتجارية تمنع انتشارها على نطاق واسع يشبه انتشار الهواتف الذكية. من أبرز هذه التحديات:
- السعر المرتفع: ما زالت التكلفة تُعتَبر عائقًا أمام المستخدم النهائي، لا سيما الأجهزة عالية الجودة.
- الحجم والتصميم: يحتاج المطوّرون إلى تصغير حجم المكوّنات وتعزيز التصميم ليصبح أقرب إلى النظارات العادية.
- عمر البطارية: تتطلّب تقنيات العرض والمعالجة مستهلكًا كبيرًا للطاقة، مما يقلّص فترات الاستخدام.
- المحتوى والتطبيقات: يحتاج المستخدم لتجربة ثرية بمحتوى متنوّع وتطبيقات مبتكرة لجذب اهتمامه باستمرار.
ومع ذلك، فإنّ المستقبل ينبئ بالكثير من الفرص الواعدة؛ حيث تعمل الشركات العالمية على تطوير شرائح متخصصة وبنية تحتية حوسبية سحابية (Cloud) لدعم عمليات المعالجة الثقيلة. بالإضافة إلى تطوير أدوات برمجية تتيح للمطورين إنشاء تطبيقات واقع معزز بسهولة.
الخلاصة
في ختام الحديث عن تاريخ تطور نظارات الواقع المعزز وأبرز محطاته، يتضح لنا أنّ هذه التقنية شهدت مسيرة طويلة من التجارب والاختراعات. بدأت كمجرد أفكار في مختبرات الأبحاث العسكرية والمؤسسات الأكاديمية. إلى أن أصبحت في العقد الأخير متاحة للمطورين والمستخدمين بصورة محدودة نسبيًّا لكن متصاعدة. ومع تزايد الاهتمام والاستثمار في هذا القطاع، يُتوقع أن يصبح ارتداء نظارات الواقع المعزز أمرًا شائعًا في المستقبل القريب. مُحدثًا نقلة نوعية في أسلوب حياتنا وعملنا وتواصلنا.
خلاصة النقاط الأساسية:
- نظارات الواقع المعزز تمزج بين العالم الحقيقي والعناصر الرقمية بشكل متكامل.
- نظارات الواقع الافتراضي ظهرت أولًا، وتركّز على بيئة رقمية كاملة تغطي مجال الرؤية.
- تساهم هذه النظارات في قطاعات كثيرة: التعليم، التصنيع، الطب، الترفيه، وغيرها.
- واجهت تطوراتها تحديات متعلّقة بالحجم والتصميم والتكلفة وعمر البطارية.
- المستقبل يحمل تطوّرًا أوسع وانتشارًا أكبر مع زيادة الاستثمارات وابتكار تطبيقات جديدة.

[…] الوقت الذي تتسابق فيه كبرى الشركات نحو امتلاك مستقبل الواقع المعزز، تبرز شركة Viture كلاعب جريء يقدّم نظارات XR بتقنيات قد […]
[…] تاريخ تطور نظارات الواقع المعزز وأبرز محطاته […]