يبحث السوريون – بعد أربعة عشر عامًا من الحرب – عن أي بصيص نور يُشعّ في منازلهم أكثر من ثلاث ساعات يوميًا. الغاز القطري لسوريا، الذي بدأ تدفّقه عبر الأردن في مارس 2025، يمثل خطوة حيوية نحو هذا الهدف؛ إذ يعيد تشغيل محطة دير علي بطاقة أولية تبلغ 400 ميغاواط، ويوفّر مليوني متر مكعب من الغاز يوميًا، بينما يخلق للأردن عائدات عبور ويعزّز مكانة قطر كمورّد طاقة إقليمي موثوق.
لماذا اختارت قطر الأردن ممرًا لإمداداتها؟
تتمتع عمّان ببنية تحتية جاهزة تشمل محطة التغويز العائمة في العقبة وخط الغاز العربي الذي يربط مصر بالأردن فسوريا. وبفضل هذه الشبكة، استطاع الأردن لعب دور «حلقة الوصل» الذي يربط المورّد القطري بالمستهلك السوري، معوِّضًا تكلفة السفينة العائمة (77 مليون دولار سنويًا) برسوم عبور مجدية.
الغاز القطري لسوريا يعيد تشغيل محطة دير علي
قدرات توليد مضاعَفة
- 400 ميغاواط قدرة فورية تعادل كهرباء تكفي 350 ألف منزل يوميًا.
- توزيع الكهرباء على 10 محافظات كبرى من دمشق حتى دير الزور.
مثال واقعي
قبل المبادرة، لم تحصل أسرة «أم حسن» في ريف دمشق إلا على ساعتين من الكهرباء ليلًا. بعد ضخ الغاز، تضاعف التيار إلى أربع ساعات؛ ما سمح لتلك الأسرة بتشغيل الثلاجة لوقت أطول وحفظ طعام الأسبوع بدل شراء كميات صغيرة يوميًا.
مكاسب الأردن من العبور
- رسوم ترانزيت ثابتة تعزز الخزينة وتخفّف عبء تشغيل محطة العقبة.
- مكانة جيوسياسية أعلى كعقدة طاقة بين الخليج وبلاد الشام.
- بُنية تحتية مستدامة تُغري استثمارات غاز جديدة مستقبلًا.
قطر: مورّد طاقة وكاسب نفوذ
قطر، التي تملك ثالث أكبر احتياطي غاز عالمي، توسّع سوقها شرق المتوسط وتُظهر «دبلوماسية طاقة» فعّالة؛ إذ حصلت المبادرة على إعفاء أمريكي مؤقت من عقوبات «قيصر»، ما يبرهن على مرونة الدوحة في التنسيق الدولي.
تحديات محتملة أمام استدامة المشروع
- الإصلاح الشبكي داخل سوريا: خطوط نقل متهالكة تحتاج استثمارًا يُقدَّر بمليار دولار.
- تمويل طويل الأجل: المنحة تغطي 50 يومًا مبدئيًا؛ يلزم تحويلها إلى عقد سنوي مستقر.
- المخاوف السياسية: أي تصعيد أمني قد يعرقل الضخ أو يعرّض الخط للتخريب.
إن نجاح مبادرة الغاز القطري لسوريا يبرهن أن التعاون الإقليمي القائم على المصالح المشتركة قادر على صناعة فارق ملموس في حياة الشعوب. إذا استُكملت عملية التمويل وحُمي الخط من الاضطرابات، فإن تكرار التجربة في قطاعات المياه والنقل قد يصبح المفتاح الحقيقي لـ«سوريا الجديدة» المزدهرة، في وقتٍ يرسّخ الأردن دوره الحيوي، وتوطّد قطر نفوذها عبر «دبلوماسية الطاقة» الذكية.
المصدر:
الجزيرة، رويترز، Jordan Times، UNDP، AP
ما حجم الغاز الذي ستقدمه قطر لسوريا يوميًا؟
تضخ قطر مليوني متر مكعب يوميًا عبر الأردن إلى محطة دير علي، وهو ما يكفي لرفع إنتاج الكهرباء السوري 400 ميغاواط.
كم ساعة إضافية سيحصل عليها السوريون من الكهرباء؟
من المتوقع أن ترتفع التغذية في معظم المحافظات من ساعتين إلى أربع ساعات يوميًا في المرحلة الأولى، مع خطط للزيادة تدريجيًا.
ما الفائدة الاقتصادية للأردن من مرور الغاز؟
يحصل الأردن على رسوم ترانزيت ويستغل محطة التغويز العائمة، ما يخفف كلفة تشغيلها السنوية ويعزّز دوره كمركز طاقة إقليمي.
هل يحظى المشروع بموافقة دولية؟
نعم، أصدرَت الولايات المتحدة رخصة مؤقتة تسمح بالتعاملات المرتبطة بالطاقة لتجنّب انتهاك عقوبات «قيصر».
كيف ينعكس المشروع على إعادة إعمار سوريا؟
سيحسّن توفر الكهرباء الخدمات الأساسية، ويشجع عودة الاستثمارات والصناعات الخفيفة، كما قد يسهم في تشجيع بعض اللاجئين على العودة تدريجيًا.
