في ظل تصاعد الضغوط الاقتصادية الداخلية، بدأت الصين تتخذ خطوات قد تُفسر على أنها محاولة لتخفيف حدة التوترات التجارية مع الولايات المتحدة. حيث تدرس السلطات الصينية إمكانية إعفاء بعض السلع الأميركية من رسوم جمركية مرتفعة تصل إلى 125%، في خطوة قد تنعكس إيجابًا على سلاسل التوريد العالمية وتفتح أفقًا جديدًا أمام الشركات المتضررة من النزاع التجاري.
مؤشرات على المرونة: قوائم للإعفاءات قيد الدراسة
أفادت مصادر إعلامية أن فرقة عمل تابعة لوزارة التجارة الصينية طلبت من الشركات المحلية تقديم قوائم بالسلع التي تستوردها من الولايات المتحدة، والتي يصعب إيجاد بدائل لها محليًا أو من دول أخرى. ووفقًا لمجلة Caijing المالية، فإن القائمة الأولية تشمل ثماني سلع تتعلق بأشباه الموصلات، باستثناء شرائح الذاكرة.
من جانبه، أكد مايكل هارت، رئيس غرفة التجارة الأميركية في الصين، أن الحكومة الصينية تتواصل حاليًا مع الشركات الأميركية، وتسأل عن المنتجات التي لا تتوفر إلا في السوق الأميركية والتي تُعد حيوية لسلاسل التوريد.

تفاعل الشركات وقوائم غير رسمية
تشير تقارير إعلامية إلى أن هناك تداولًا واسعًا لقائمة غير رسمية تشمل 131 فئة من المنتجات المؤهلة للإعفاءات الجمركية، تتراوح بين اللقاحات، المواد الكيميائية، ومحركات الطائرات. ورغم عدم تأكيد صحتها رسميًا، فإن انتشار هذه القوائم يعكس اهتمامًا واسعًا من جانب الشركات والمستوردين.
خلفية اقتصادية: هل حان وقت التراجع؟
رغم اللهجة المتشددة التي كانت تتبعها بكين، فإن الواقع الاقتصادي الصيني يبدو أقل صلابة، حيث تظهر مؤشرات واضحة على انكماش في الأسعار، وضعف في طلب المستهلكين، فضلًا عن تراجع عام في ثقة السوق. وفي هذا السياق، تمثل هذه الإعفاءات محاولة من الحكومة لدعم المصدرين المحليين ومساعدتهم على تجاوز آثار الحرب التجارية.
الولايات المتحدة ليست المستفيد الوحيد
الإعفاءات الصينية المحتملة، وإن كانت قد تُفسر على أنها تنازل، إلا أنها تخدم الصين اقتصاديًا أيضًا. فتخفيف الضغوط عن الشركات المحلية يُعيد بعض النشاط إلى الأسواق الداخلية، كما أن استيراد منتجات حيوية من أميركا يسد فجوات استراتيجية لا يمكن ملؤها بسهولة من دول أخرى.

أمثلة عملية: سلاسل التوريد المتضررة
- شركات صناعة الطيران التي تستورد محركات طائرات أميركية عالية الكفاءة لا تزال تعتمد عليها في مشاريع تطوير الطائرات التجارية.
- شركات الأدوية تحتاج إلى مواد كيميائية مخصصة لا تُنتج إلا في مصانع أميركية بمواصفات دقيقة.
- شركات الإلكترونيات الدقيقة التي تعتمد على وحدات معالجة أو أجهزة اختبار متقدمة تصنع في مختبرات أميركية حصرية.
خاتمة: خطوة في الاتجاه الصحيح ولكن..
رغم أن هذه المبادرة من بكين تُعد تطورًا إيجابيًا في ملف متوتر منذ سنوات، إلا أن النجاح الحقيقي يتوقف على استجابة الطرفين وقدرتهما على إعادة بناء الثقة وإعادة صياغة المصالح المشتركة.
فإن مثل هذه الخطوات ضرورية في الوقت الحالي، ليس فقط لتحقيق مكاسب اقتصادية، بل لضمان استقرار التجارة العالمية. ويبدو أن الحرب التجارية لن تنتهي بضربة واحدة، بل بسلسلة من الإجراءات المرنة مثل هذه.
الأسئلة الشائعة (FAQ):
ما هي السلع الأميركية التي ستُعفى من الرسوم في الصين؟
وفقًا للتقارير، تشمل القائمة الأولية ثماني سلع متعلقة بأشباه الموصلات، دون شرائح الذاكرة. كما يتم تداول قوائم تشمل لقاحات، مواد كيميائية، ومحركات طائرات.
لماذا تفكر الصين بإعفاء سلع أميركية من الرسوم؟
تشعر الصين بالقلق من تأثير الحرب التجارية على اقتصادها الداخلي، خصوصًا في ظل ضعف الطلب المحلي وانكماش الأسعار، وتسعى لتخفيف هذه الأضرار.
هل يعني هذا أن الحرب التجارية انتهت؟
لا، لكنها خطوة تُظهر مرونة وقد تفتح المجال لحوار اقتصادي جديد بين واشنطن وبكين.
كيف تؤثر هذه الإعفاءات على الاقتصاد الأميركي؟
تسمح الإعفاءات لبعض الشركات الأميركية بالحفاظ على تدفق صادراتها إلى الصين، ما يقلل من خسائرها المحتملة ويمنحها متنفسًا اقتصاديًا.
