في قفزة تاريخية تُعدّ الأكبر منذ أكثر من عقدين، تجاوز سعر الذهب اليوم حاجز 3900 دولار للأونصة للمرة الأولى على الإطلاق، وسط تصاعد المخاوف من الإغلاق الحكومي الأميركي وتزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي.
وبحسب بيانات وكالة “رويترز”، ارتفع الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.4% ليصل إلى 3900.40 دولار للأونصة، بعدما لامس مستوى قياسيًا جديدًا عند 3919.59 دولار في وقت سابق من الجلسة، بينما صعدت العقود الأميركية الآجلة تسليم ديسمبر/كانون الأول إلى 3926.80 دولار.
أسباب الارتفاع: السياسة أولاً
يرى محللون أن موجة الصعود الأخيرة ليست مفاجئة، إذ جاءت نتيجة تلاقي عدة عوامل اقتصادية وسياسية حساسة.
ففي الولايات المتحدة، يلوّح الرئيس دونالد ترامب بتسريح جماعي للموظفين الفيدراليين في حال استمرار الجمود مع الديمقراطيين داخل الكونغرس، ما يزيد حالة القلق وعدم اليقين في الأسواق.
كما دعا عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي ستيفن ميران إلى خفض حاد في أسعار الفائدة، مشيرًا إلى أن السياسات الحكومية الراهنة تتطلب تيسيرًا نقديًا إضافيًا لتفادي الركود.
وبالفعل، تُظهر أداة “CME FedWatch” أن المستثمرين يتوقعون خفضًا جديدًا بمقدار 25 نقطة أساس في أكتوبر وديسمبر، بنسبة احتمالية تتجاوز 90%.
الذهب يعود إلى دوره الكلاسيكي كملاذ آمن
الذهب لا يدرّ عائدًا ماليًا مباشرًا، لكن قيمته ترتفع كلما زادت المخاطر الجيوسياسية أو الاقتصادية.
في عام 2025 وحده، ارتفع المعدن النفيس بنسبة 49%، بعد مكاسب بلغت 27% في 2024، مدعومًا بشراء البنوك المركزية وازدهار الاستثمارات في صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب (ETFs)، إضافة إلى تراجع الدولار الأميركي.
في الهند، ثاني أكبر مستهلك عالمي للذهب، استمر الطلب في الارتفاع رغم الأسعار القياسية، مدفوعًا بموسم المهرجانات، في حين أغلقت الأسواق الصينية مؤقتًا بسبب عطلة وطنية.
ماذا يعني هذا للعالم؟
-
الاقتصادات الناشئة مثل الهند وتركيا قد تواجه ضغطًا في أسعار المجوهرات المحلية.
-
الدول ذات الاحتياطيات الذهبية الضخمة، مثل الصين وروسيا والسعودية، تستفيد من ارتفاع القيمة السوقية لاحتياطاتها.
-
المستثمرون الأفراد يتجهون أكثر نحو الذهب كتحوّط ضد التضخم في ظل تزايد عدم اليقين المالي.
نظرة مستقبلية
إذا استمر البنك الفيدرالي في سياسة التيسير وخفض الفائدة، فمن المرجح أن يتجاوز الذهب حاجز 4000 دولار للأونصة قريبًا.
لكن هذا الارتفاع يعكس في جوهره أزمة ثقة عالمية في قدرة النظام المالي التقليدي على تحقيق الاستقرار، مما يجعل الذهب “العملة الصامتة” التي تعود لتفرض نفسها كلما اهتزّت الثقة بالورق والدولار.