الذكاء الاصطناعي في السياحة والفنادق لم يعد مفهوماً مستقبليًا بل واقعًا يتوسع يومًا بعد يوم. خلال معرض “فود هوتيل تك” في باريس، ناقش كبار المتخصصين في القطاع كيف ستلعب أدوات الذكاء الاصطناعي دورًا جوهريًا في تغيير تجربة الضيوف والإدارة الفندقية، مؤكدين أن الطفرة الحقيقية ستبدأ عندما يظهر أول وكيل سفر يعمل بالكامل بهذه التكنولوجيا.
أليكسا تنزل في الفنادق الأوروبية
أعلنت شركة “أمازون” عن نيتها توسيع خدمة “أليكسا” الذكية إلى الفنادق الأوروبية، بعد نجاح التجربة في الولايات المتحدة. ستساعد أليكسا النزلاء في الحصول على معلومات حول وجهاتهم، تفاصيل الفندق مثل مواعيد الإفطار، وحتى طلبات مثل “أحتاج منشفة” أو “احجز لي سيارة أجرة”، دون الحاجة إلى الاتصال بمكتب الاستقبال.

جوجل: تحسين التركيز البشري
من جانبه، أوضح شارل أنطوان دورون، مدير السياحة في “جوجل”، أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تولي مهام مثل الترجمة والتسويق، ما يمنح الموظفين وقتًا أكبر للتركيز على تفاعلهم الإنساني مع الزبائن. لكنه أكد أن القفزة الحقيقية ستكون مع ظهور أدوات ذكية تقدم اقتراحات للرحلات وتساعد في التخطيط الشامل للسفر.
تبنٍ محدود في الفنادق
رغم هذه الإمكانيات، فإن تبنّي الذكاء الاصطناعي لا يزال خجولًا. ففي فرنسا، 63% من الفنادق لا تستخدمه إطلاقًا، بحسب دراسة لاتحاد أصحاب العمل “أومي”. وتقول المسؤولة في الاتحاد، فيرونيك سيجيل، إن الذكاء الاصطناعي في فنادقها يُستخدم فقط للرد على تعليقات النزلاء عبر الإنترنت، مما يوفّر وقتًا وجهدًا كبيرين، لكنّ أدوات المحادثة الآلية داخل الغرف لم تلقَ التفاعل المتوقع.
وكلاء السفر الجدد: آتون لا محالة
رغم بطء التبني، يشدد دورون من “جوجل” أن وكلاء السفر المدعومين بالذكاء الاصطناعي قادمون لا محالة. ويدعو الفاعلين في القطاع إلى التكيّف بدلًا من مقاومة التغيير.
معركة البيانات… والحاجة للبشر
لكن التحدي لا يتوقف عند التكنولوجيا، بل يتعداه إلى البيانات. إذ تُبقي منصات الحجز مثل “بوكينغ” معلومات الزبائن لديها ولا تشاركها مع الفنادق إلا عند تسجيل الوصول، ما يقلل من قدرة الفنادق على تحسين خدماتها بناءً على تلك البيانات.
مع ذلك، لا تزال فيرونيك سيجيل مقتنعة أن العامل البشري سيبقى جوهريًا في تجربة الضيافة، معتبرة أن الذكاء الاصطناعي أداة لتحسين الخدمة وليس بديلاً لها.
تجارب مخصصة بذكاء
في فنادق “بست وسترن فرانس”، يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتخصيص الإقامة حسب احتياجات كل ضيف. وبينما يعتبر معظم الزبائن هذا التخصيص ميزة إيجابية، يرى البعض أنه تدخل مبالغ فيه.
توقّع الطلب وتسعير ذكي
ومن التطبيقات العملية الأخرى، أداة “Happening Now” الفرنسية، التي تحلل الفعاليات والطقس المحيط بالفندق لتوقّع ذروة الطلب وتعديل أسعار الغرف وفقًا لذلك، ما يساعد على تحقيق أقصى نسبة إشغال خلال الأحداث الكبرى.
خلاصة: مستقبل السياحة في يد الذكاء الاصطناعي
رغم التحديات، من الواضح أن الذكاء الاصطناعي في السياحة والفنادق سيعيد تشكيل المشهد بأكمله. من إدارة الطلبات إلى التخصيص والتسعير الذكي، أصبحت التقنية جزءًا لا يتجزأ من مستقبل الضيافة. والسؤال اليوم لم يعد: “هل سنستخدم الذكاء الاصطناعي؟” بل “كيف نستخدمه لنمنح ضيوفنا تجربة لا تُنسى؟”
