الضيف غير المرغوب فيه على هاتفك
تخيل المشهد: مستخدم في القاهرة، أو الرياض، أو عمّان يفتح علبة هاتف سامسونج جالاكسي جديد من الفئة A الاقتصادية. أثناء الإعداد الأولي للجهاز أو بعد أول تحديث للنظام، يلاحظ ظهور تطبيقات جديدة لم يطلبها، أو يتلقى إشعارًا مستمرًا من تطبيق غامض يُدعى “AppCloud”. عند محاولة إزالته، يكتشف الحقيقة المزعجة: لا يمكن إلغاء تثبيت هذا التطبيق، بل يمكن فقط “تعطيله”، مما يثير موجة من الارتباك والقلق.
هذه ليست مجرد قصة عن “تطبيق منتفخ” (Bloatware) آخر يستهلك مساحة التخزين. هذا التحقيق يكشف أن ما يبدو كتطبيق بسيط هو في الواقع الواجهة الأمامية لمنصة متطورة لتحقيق الدخل من البيانات تُعرف باسم Aura، والتي طورتها شركة التكنولوجيا الإسرائيلية IronSource. يتم تثبيت هذا النظام بشكل متعمد وممنهج على الهواتف الموجهة لأسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما يخلق قناة مباشرة لجمع البيانات وتوجيه الإعلانات.
مهمة هذا التقرير هي تفكيك النظام البيئي الكامل وراء تطبيق AppCloud. سنقوم بالتحقيق في الكيانات التجارية المتورطة، وتحليل الشراكة الاستراتيجية مع سامسونج، وفحص مدى قانونية ممارسات جمع البيانات بموجب القوانين الإقليمية، ووضع هذه القضية في سياقها الأوسع والأكثر حساسية: دور التكنولوجيا الإسرائيلية في العالم العربي.
تشريح تطبيق شبح: الكشف عن AppCloud ومنصة Aura
لفهم القضية بعمق، يجب أن ندرك أن تطبيق AppCloud ليس سوى قمة جبل الجليد. إنه الجزء الذي يراه المستخدم، بينما يكمن المحرك الحقيقي في بنية تحتية أعمق وأكثر تعقيدًا.
ما هو تطبيق AppCloud؟ الطبقة التي تواجه المستخدم
من منظور المستخدم، يُقدَّم تطبيق AppCloud كأداة مفيدة لاقتراح التطبيقات. لكن الواقع، كما تشهد به منتديات المستخدمين، مختلف تمامًا. إنه يعمل كبرنامج إعلاني عدواني (Adware)، وغالبًا ما يقوم بتثبيت ألعاب وتطبيقات خدماتية غير مرغوب فيها دون موافقة واضحة. تتراكم الشكاوى على منصات مثل Reddit، حيث يصفه المستخدمون بـ “البرنامج التافه” (crapware)، و”برنامج تجسس” (spyware)، و”أكثر البرامج التافهة إزعاجًا على الإطلاق”. هذه ليست مجرد آراء فردية، بل هي شهادات جماعية تعكس تجربة مستخدم سلبية ومُصمَّمة عمدًا لخدمة أغراض تجارية بحتة.
غرفة المحرك: منصة Aura من IronSource
يكمن السر في أن تطبيق AppCloud هو مجرد مكون واحد من منصة أوسع وأكثر تكاملاً تُعرف باسم Aura. تصف الشركة المالكة هذه المنصة بأنها “منصة تفاعل لمشغلي شبكات الهاتف المحمول ومصنعي الأجهزة الأصلية” و”منصة توصية محتوى ذكية”. الغرض الحقيقي منها هو إشراك المستخدمين “منذ اللحظة الأولى التي يقومون فيها بإعداد أجهزتهم الجديدة وطوال دورة حياة الجهاز”. هذا الوصف يكشف عن استراتيجية المثابرة والتكامل العميق في نظام التشغيل، وهي استراتيجية تم تأكيدها عبر شراكات مع سامسونج في أسواق متعددة مثل روسيا والهند وأوروبا وجنوب شرق آسيا.
إن اللغة التسويقية المستخدمة لوصف Aura بأنها “محرك توصيات” هي بمثابة حصان طروادة دلالي. ففي حين أن هذا الوصف يوحي بأن الهدف هو خدمة المستخدم، فإن وظيفتها الحقيقية ليست تقديم فائدة للمستخدم، بل العمل كقناة إعلانية ذات قيمة عالية وغير قائمة على موافقة حقيقية، وهي مدمجة على مستوى نظام التشغيل. تكشف المواد الموجهة للمطورين عن النموذج التجاري الحقيقي: “اكتساب المستخدمين” و”تحقيق الدخل”. هذا التناقض بين الخطاب العام الموجه للمستهلكين والخطاب التجاري الموجه للعملاء يكشف عن الطبيعة الخادعة للمنصة.
النموذج التجاري: تحقيق الدخل واكتساب المستخدمين
لفهم سبب وجود هذا التطبيق، يجب أن ندرك أن IronSource ليست شركة تطبيقات للمستهلكين، بل هي “منصة أعمال لاقتصاد التطبيقات”. خدماتها الأساسية موجهة لمطوري التطبيقات الآخرين، وتتمحور حول محورين: اكتساب المستخدمين (User Acquisition) وتحقيق الدخل (Monetization). يدفع عملاء IronSource (مطورو التطبيقات) مقابل الترويج لتطبيقاتهم لمستخدمي الهواتف. منصة Aura، عبر تطبيق AppCloud، هي آلية التسليم لهذه الإعلانات، حيث تستخدم أشكالًا إعلانية متنوعة مثل الإعلانات البينية (interstitial ads)، ومقاطع الفيديو بمكافأة (rewarded videos)، وجدران العروض (offerwalls) لدفع المحتوى للمستخدمين. النظام بأكمله مصمم “لإطلاق العنان لإمكانيات تحقيق الدخل من تطبيقك” ، مما يجعل مستخدم هاتف سامسونج هو المنتج، وليس العميل.
القوة المؤسسية: الاندماج مع Unity بصفقة قيمتها 4.4 مليار دولار
لتقدير حجم وأهمية IronSource الاستراتيجية، يجب النظر إلى اندماجها عام 2022 مع شركة Unity في صفقة أسهم بالكامل قُدِّرت قيمتها بنحو 4.4 مليار دولار. كان الدافع وراء هذا الاندماج واضحًا: شركة Unity، الرائدة في مجال محركات تطوير الألعاب، كانت غير مربحة، بينما كانت IronSource تحقق أرباحًا عالية. كان الاندماج خطوة استراتيجية لإنشاء “منصة شاملة” تمكّن المطورين من إنشاء الألعاب ونشرها وتشغيلها، والأهم من ذلك،
تحقيق الدخل منها.
على الرغم من استحواذ شركة أمريكية (Unity) عليها، ظل المقر الرئيسي لشركة IronSource في تل أبيب، وانضم مؤسسها، تومر بار زئيف، إلى مجلس إدارة Unity، مما يضمن بقاء النواة التشغيلية والقيادية متجذرة في إسرائيل. هذا الاندماج يعزز دور تطبيق AppCloud، فهو لم يعد مجرد تطبيق، بل أصبح الحلقة النهائية التي لا يمكن تجنبها في سلسلة تحقيق دخل بمليارات الدولارات. الضغط للحفاظ على وجود AppCloud على الأجهزة وجمع البيانات هائل، لأنه يغذي بشكل مباشر ربحية الشركة المدمجة بأكملها، وهو ما كان المحرك الأساسي لصفقة الاندماج الضخمة.
التحالف: لماذا تضع سامسونج تطبيق AppCloud على جهازك؟
إن وجود تطبيق AppCloud ليس مصادفة أو خطأً، بل هو نتيجة شراكة استراتيجية مدروسة بين سامسونج وIronSource، تركز على دمج منصة Aura في أجهزة جالاكسي. رد سامسونج الرسمي يؤكد أن تطبيق AppCloud هو أحد مكونات هذه الشراكة الأوسع.
استهداف الجماهير: سلسلة Galaxy A و M
يكشف التحقيق أن تطبيق AppCloud يوجد بشكل أساسي على أجهزة سامسونج من الفئة الاقتصادية والمتوسطة، مثل سلسلتي Galaxy A و Galaxy M. هذا الاختيار له دلالة استراتيجية عميقة. فهذه السلاسل هي الأكثر مبيعًا لسامسونج على مستوى العالم، خاصة في الأسواق الناشئة. إنها استراتيجية تعتمد على الحجم الهائل، حيث تستهدف المستهلكين الأكثر حساسية للسعر، والذين يُفترض إحصائيًا أنهم أكثر تقبلاً للعروض المدعومة بالإعلانات أو التطبيقات “المجانية”.
هذه الممارسة يمكن اعتبارها شكلاً من أشكال “التمييز الرقمي”، حيث يتم عمدًا تقديم تجربة برمجية أقل جودة وأكثر انتهاكًا للخصوصية لمستهلكي الأجهزة الاقتصادية في مناطق جغرافية محددة. لقد اتخذت سامسونج وIronSource قرارًا محسوبًا بأن الإيرادات الناتجة عن تحقيق الدخل من هؤلاء المستخدمين تفوق الضرر المحتمل للعلامة التجارية أو استياء المستخدمين. إنه نظام من مستويين: يحصل مستخدمو الأجهزة المتميزة على تجربة أنظف، بينما يدفع مستخدمو الأجهزة الاقتصادية الثمن ببياناتهم وانتباههم.
تحديد حجم الانتشار: هيمنة سامسونج على السوق
لتوضيح العدد الهائل من المستخدمين المتأثرين، من الضروري عرض بيانات حول ريادة سامسونج في سوق الهواتف الذكية في منطقة الشرق الأوسط.
جدول 1: حصة سوق الهواتف الذكية في الشرق الأوسط (الربع الأول 2024)
الشركة المصنعة | حصة السوق (الربع الأول 2024) | حصة السوق (الربع الأول 2023) | النمو السنوي |
سامسونج | 25% | 43% | -17% |
TRANSSION | 22% | 11% | +194% |
شاومي | 19% | 11% | +132% |
آبل | 9% | 13% | -14% |
المصدر: Canalys Smartphone Market Pulse: Q1 2024
يُظهر الجدول أنه على الرغم من الانخفاض الكبير في حصتها السوقية من 43% إلى 25%، لا تزال سامسونج لاعبًا مهيمنًا. هذا يعني أن قرار تثبيت تطبيق AppCloud يؤثر على ملايين المستخدمين، مما يجعلها قضية نظامية وليست مجرد حالة معزولة. ومن المثير للاهتمام أن هذا الانخفاض في الحصة السوقية قد يزيد من اعتماد سامسونج على شراكات مدرة للدخل مثل تلك المبرمة مع IronSource. هذا يخلق حلقة مفرغة: يتم تدهور تجربة المستخدم لدعم الأرباح، مما قد يسرّع من فقدان الحصة السوقية لصالح المنافسين الذين يقدمون تجربة أندرويد أنظف.
التهرب المؤسسي مقابل واقع المستخدم
هناك فجوة صارخة بين تصريحات سامسونج الغامضة حول “توفير تجربة متكاملة” وسياسات تطبيقات الطرف الثالث، وبين ردود الفعل الصريحة والغاضبة من المستخدمين على منصات مثل Reddit والمنتديات الرسمية. تسلط هذه الشهادات الضوء على الانفصال التام بين العلاقات العامة للشركة وتجربة المستخدم الفعلية التي تتضمن التثبيت التلقائي للتطبيقات، والإشعارات المستمرة التي لا يمكن تجاهلها، وعودة التطبيق للظهور بعد تحديثات النظام.
الثمن البياني: الخصوصية، والموافقة، والقانون
إن جوهر نموذج عمل تطبيق AppCloud هو جمع البيانات. لكن الطريقة التي يتم بها ذلك تثير تساؤلات قانونية وأخلاقية خطيرة.
حصاد البيانات
تفصّل سياسات IronSource الخاصة، ويؤكد خبراء الأمن، أن تطبيق AppCloud ومنصة Aura مصممان لجمع أنواع متعددة من البيانات: عناوين IP، ومعرّفات الإعلانات، ومعلومات الجهاز، وأنماط استخدام التطبيقات، وبيانات الشبكة، وربما بيانات الموقع الجغرافي. هذا الحصاد ضروري لإنشاء ملفات تعريف للمستخدمين تسمح باستهداف إعلاني دقيق.
وهم الموافقة
إن آلية الموافقة المستخدمة هي في جوهرها معيبة. فالتطبيق مثبت مسبقًا، وأي “موافقة” يتم الحصول عليها تكون مدمجة ضمن الشروط والأحكام العامة للجهاز أثناء الإعداد الأولي. هذا النموذج يفشل بشكل أساسي في تلبية المعايير القانونية والأخلاقية للموافقة المستنيرة والمحددة والممنوحة بحرية.
الاصطدام بقوانين الخصوصية
هذه الممارسة تتعارض بشكل مباشر مع مبادئ قوانين حماية البيانات الرئيسية.
- معيار اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR): تشترط هذه اللائحة الأوروبية، التي أثرت على قوانين الخصوصية العالمية، موافقة واضحة وصريحة، وطريقة سهلة لسحبها.
- القوانين الإقليمية (PDPL): تفرض قوانين الشرق الأوسط الناشئة، مثل قانون حماية البيانات الشخصية في المملكة العربية السعودية (PDPL)، متطلبات أكثر صرامة. يركز قانون PDPL بشكل كبير على الموافقة الصريحة ولديه قواعد صارمة بشأن عمليات نقل البيانات عبر الحدود، حيث يحظرها بشكل افتراضي ما لم يتم الحصول على موافقة محددة من الجهة التنظيمية.
جدول 2: تحليل مقارن لمبادئ حماية البيانات (GDPR مقابل قانون PDPL السعودي)
المبدأ | اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) | قانون حماية البيانات الشخصية السعودي (PDPL) |
الأساس القانوني للموافقة | يوفر 6 أسس قانونية (الموافقة، العقد، الالتزام القانوني، إلخ)، مما يمنح مرونة. | يركز بشكل كبير على “الموافقة الصريحة” المسبقة، خاصة للقطاع الخاص. |
حقوق أصحاب البيانات | حقوق واسعة تشمل الوصول، التصحيح، الحذف، قابلية نقل البيانات، والاعتراض. | حقوق أساسية تشمل العلم، الوصول، التصحيح، والحذف. أقل تفصيلاً حاليًا. |
نقل البيانات عبر الحدود | مسموح به إذا كانت هناك ضمانات كافية (قرارات الملاءمة، قواعد الشركات الملزمة، إلخ). | محظور بشكل افتراضي ما لم يخدم مصالح حيوية أو وطنية أو تتم الموافقة عليه من الهيئة. |
العقوبات | غرامات تصل إلى 20 مليون يورو أو 4% من حجم الأعمال العالمي. | غرامات تصل إلى 3 ملايين ريال سعودي (حوالي 750,000 يورو) والسجن لمدة تصل إلى عامين. |
يُظهر التحليل أن نموذج الموافقة المدمج في تطبيق AppCloud من غير المرجح أن يتوافق مع متطلبات قانون PDPL الصارمة. يبدو أن نموذج العمل بأكمله في المنطقة يعمل في “منطقة رمادية” من الامتثال القانوني، مستغلاً الفجوة بين سن قوانين الخصوصية الجديدة وتطبيقها الصارم. إن سامسونج وUnity/IronSource تراهنان على أن الإيرادات الناتجة تستحق المخاطرة بالتعرض لغرامات تنظيمية مستقبلية.
الصندوق الأسود لنقل البيانات
نظرًا لأن مقر IronSource يقع في تل أبيب، يبرز سؤال حاسم: أين يتم تخزين ومعالجة بيانات المستخدمين التي يتم جمعها من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟ وهل تتوافق عمليات النقل هذه مع قوانين مثل PDPL، التي تتطلب موافقة تنظيمية لمثل هذه الأنشطة ؟ هذا يمثل نقطة اشتباك أساسية بين الطبيعة العالمية “لاقتصاد التطبيقات” وصعود مفهوم “السيادة الرقمية” الذي تعبر عنه قوانين الخصوصية الوطنية.
السياق الجيوسياسي: مسألة سيادة رقمية
لفهم الأبعاد الكاملة لهذه القضية، يجب تجاوز النظر إليها كمجرد مشكلة “تطبيق منتفخ” أو انتهاك للخصوصية. إنها قضية تتقاطع مع الجغرافيا السياسية والأمن القومي.
ما وراء التطبيقات المنتفخة: النظام البيئي التكنولوجي الإسرائيلي
يجب وضع IronSource في سياقها الأوسع داخل النظام البيئي التكنولوجي الإسرائيلي الفريد، المعروف باسم “وادي السيليكون” (Silicon Wadi). هناك مسار موثق جيدًا حيث ينتقل خريجو وحدات الاستخبارات العسكرية النخبوية، وخاصة الوحدة 8200، لتأسيس شركات تكنولوجيا كبرى.
الوحدة 8200: خط أنابيب من الاستخبارات إلى الشركات الناشئة
الوحدة 8200 هي نظير وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) في إسرائيل، وهي مسؤولة عن استخبارات الإشارات (SIGINT)، والحرب السيبرانية، والمراقبة الجماعية. الأهم من ذلك، أن خريجيها أسسوا شركات عالمية مثل Check Point وPalo Alto Networks وWaze، مما خلق ثقافة تكنولوجية تتشابك بعمق مع المهارات التي تم صقلها في عمليات المخابرات الحكومية.
نمط مثير للقلق: ظل بيغاسوس
لتقديم سياق حاسم دون توجيه اتهام مباشر، من الضروري الإشارة إلى قضية برنامج التجسس بيغاسوس (Pegasus) التابع لمجموعة NSO. بيغاسوس هو نتاج نفس النظام البيئي التكنولوجي الإسرائيلي، وقد تم توثيق استخدامه من قبل حكومات في منطقة الشرق الأوسط (بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين) للتجسس على الصحفيين والنشطاء والمعارضين السياسيين.
الهدف هنا هو إثبات وجود نمط واضح وموثق لتقنيات تنتهك خصوصية البيانات، تنشأ في إسرائيل ويتم نشرها في العالم العربي، وغالبًا ما تكون لها عواقب وخيمة.
السيادة الرقمية في الشرق الأوسط
هنا تترابط جميع الخيوط. إن وجود تطبيق إسرائيلي لجمع البيانات لا يمكن إزالته على ملايين الهواتف في العالم العربي ليس مجرد قضية تجارية أو تتعلق بالخصوصية؛ إنها مسألة سيادة رقمية. بالنسبة للمستهلكين والحكومات في المنطقة، فإن عدم القدرة على التحكم في البرامج الموجودة على أجهزتهم الأكثر شخصية، خاصة عندما يكون مصدر هذا البرنامج دولة لها علاقات سياسية معقدة وعدائية في كثير من الأحيان، يمثل نقطة ضعف كبيرة.
في حين أن تطبيق AppCloud ليس أداة مراقبة حكومية مثل بيغاسوس، إلا أنه يمثل تطبيع وتسويق منهجيات جمع البيانات الضخمة التي تم إتقانها في عالم الاستخبارات. إنه يعمل ضمن نفس النموذج الأخلاقي والجيوسياسي. خطورته لا تكمن في نيته (وهي تجارية)، بل في قدرته وأصله. إنه يطبع وجود جهاز جمع بيانات واسع النطاق من جهة فاعلة أجنبية على الأجهزة الشخصية. يمكن اعتبار نشر تطبيق AppCloud في المنطقة امتدادًا اقتصاديًا واستراتيجيًا “للقوة الناعمة”، حيث يخلق تبعيات اقتصادية وخطوط أنابيب بيانات لها قيمة استراتيجية تتجاوز مجرد عائدات الإعلانات.
استعادة جهازك: دليل للتخفيف من الضرر
على الرغم من أن الإزالة الكاملة تمثل تحديًا، إلا أن هناك خطوات يمكن للمستخدمين اتخاذها للحد من تأثير تطبيق AppCloud.
المسار الرسمي: تعطيل تطبيق AppCloud
يمكن للمستخدمين العثور على التطبيق وتعطيله من خلال إعدادات هواتفهم. الخطوات عادة ما تكون كالتالي:
- افتح الإعدادات على هاتفك.
- انتقل إلى قسم التطبيقات.
- استخدم أيقونة البحث للعثور على “AppCloud”.
- اضغط على التطبيق، ثم اختر تعطيل (Disable) من الخيارات المتاحة في الأسفل.
- يمكنك أيضًا النقر على الإشعارات واختيار حظر (Block)، وتقييد أذوناته.
القيود والمثابرة
يجب أن يكون المستخدمون على دراية بأن التعطيل ليس كالحذف. تشير تقارير المستخدمين إلى أن التطبيق يمكن إعادة تنشيطه أو يمكن أن تعود إشعاراته بعد تحديث نظام التشغيل، مما يجعله مشكلة مستمرة.
الخيار المتقدم: الإزالة عبر ADB
بالنسبة للمستخدمين المتقدمين تقنيًا، هناك طريقة لإزالة التطبيق بالكامل باستخدام أداة تُعرف بـ Android Debug Bridge (ADB). تتطلب هذه الطريقة توصيل الهاتف بجهاز كمبيوتر وتشغيل أوامر محددة لإلغاء تثبيت حزمة التطبيق من النظام دون الحاجة إلى صلاحيات الجذر (root). هذه الطريقة تحمل بعض المخاطر للمستخدمين غير المتمرسين ويجب اتباع الأدلة التفصيلية بحذر.
خاتمة: حصان طروادة في جيبك
ما بدأ كقطعة مزعجة من البرامج المنتفخة يتكشف ليكون قمة جبل جليد: مكون استراتيجي في عمل تجاري عالمي بمليارات الدولارات لتحقيق الدخل من البيانات، يعمل بطريقة مشكوك فيها قانونيًا، ويحمل وزنًا جيوسياسيًا كبيرًا.
إن النظرة المستقبلية تشير إلى أن المعركة للسيطرة على أجهزتنا تتصاعد، وتنتقل من مجرد تطبيقات غير مرغوب فيها إلى تحديات أساسية لاستقلالية المستخدم وسيادته الرقمية. تقع على عاتق الشركات المصنعة مثل سامسونج مسؤولية أن تكون شفافة بشأن البرامج التي تثبتها مسبقًا والشراكات التي تعقدها. وللمستخدمين الحق الأساسي في التحكم في أجهزتهم الشخصية وتحديد البرامج التي تعمل عليها. قصة تطبيق AppCloud هي حكاية تحذيرية حول التكاليف الخفية للتكنولوجيا والحاجة الملحة لليقظة الرقمية.
المصدر:
- تحقيق أولي من عربي بوست
- تحليلات مستقلة من ميتالسي
- تقارير أبحاث السوق (Canalys)
- منتديات المستخدمين (Reddit)
- التحليلات القانونية لقوانين حماية البيانات الإقليمية
الأسئلة الشائعة
س1: ما هو تطبيق AppCloud ولماذا هو موجود على هاتف سامسونج الخاص بي؟
ج: تطبيق AppCloud هو تطبيق من شركة IronSource الإسرائيلية (التابعة الآن لشركة Unity) يقوم باقتراح وتثبيت تطبيقات أخرى. وهو موجود على هاتفك بسبب شراكة بين سامسونج وIronSource لتحقيق الدخل من المستخدمين، خاصة على الأجهزة الاقتصادية والمتوسطة المبيعة في الشرق الأوسط.
س2: هل يمكنني حذف تطبيق AppCloud بشكل دائم؟
ج: من خلال إعدادات الهاتف العادية، يمكنك فقط “تعطيله”، مما يمنعه من العمل ولكنه لا يزيله. قد يعود للظهور بعد تحديثات النظام. الإزالة الكاملة ممكنة للمستخدمين المتقدمين عبر أداة تسمى Android Debug Bridge (ADB).
س3: هل تطبيق AppCloud برنامج تجسس أو فيروس؟
ج: بينما وصفه المستخدمون بأنه “برنامج تجسس” بسبب سلوكه العدواني وجمع البيانات، فإنه يصنف تقنيًا على أنه “برنامج منتفخ” (Bloatware) أو “برنامج إعلاني” (Adware). يقوم بجمع بيانات المستخدم (مثل استخدام التطبيقات ومعرف الجهاز) للإعلانات المستهدفة، مما يثير مخاوف كبيرة تتعلق بالخصوصية.
س4: لماذا يعتبر الأصل الإسرائيلي للتطبيق مصدر قلق؟
ج: نظرًا للسياق الجيوسياسي في الشرق الأوسط وسمعة إسرائيل في مجال تكنولوجيا المراقبة المتقدمة (مثل برنامج بيغاسوس من مجموعة NSO)، فإن وجود تطبيق إسرائيلي لا يمكن إزالته ويقوم بجمع البيانات من ملايين المستخدمين في العالم العربي يثير مخاوف تتعلق بأمن البيانات والخصوصية والسيادة الرقمية تتجاوز العلاقة التجارية النموذجية.
س5: ما هي البيانات التي يجمعها تطبيق AppCloud؟
ج: يقوم بجمع البيانات لتسهيل الإعلانات المستهدفة، بما في ذلك عنوان IP الخاص بك، ومعرفات الإعلانات الفريدة، ومعلومات الجهاز، وسجل استخدام التطبيقات، وربما بيانات الموقع، كما هو موضح في سياسات الخصوصية للشركة الأم.