مع اقتراب اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، يطفو إلى السطح ملف طال انتظاره: الاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية. هذه المرة، تبدو الأجواء أكثر جدية، بعد أن أعلنت فرنسا والسعودية عن تنظيم مؤتمر مشترك في 22 سبتمبر على هامش القمة الأممية لوضع قائمة نهائية بالدول المستعدة لاتخاذ هذه الخطوة.
فرنسا والسعودية في قلب المبادرة
منذ يونيو الماضي، قادت باريس والرياض جهودًا مكثفة لإعادة إحياء “حل الدولتين” باعتباره المسار الواقعي لإنهاء الصراع. فإلى جانب المواقف السياسية، اعتمدت الأمم المتحدة مقرراً شفوياً باسم الدولتين، يهدف إلى تحريك عملية السلام عبر مؤتمر دولي رفيع المستوى، عُقد توافقًا دون الحاجة للتصويت.
هذه المبادرة حظيت بدعم واسع، خصوصًا بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أكد أن بلاده ستعلن الاعتراف الرسمي بفلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة.
مواقف الدول الغربية: انقسام محسوب
حتى الآن، أكدت ثلاث دول أوروبية اعترافها بدولة فلسطين: بلجيكا، فرنسا، ومالطا. بينما أعلنت كل من فنلندا، لوكسمبورغ، والبرتغال أنها “تدرس الأمر”.
وفي المقابل، تتجه دول كبرى مثل أستراليا، كندا، والمملكة المتحدة نحو الانضمام إلى القائمة. أما اليابان ونيوزيلندا فقد أبدتا اهتمامًا مشروطًا بمتابعة المشاورات قبل اتخاذ قرار نهائي.
ومن المواقف اللافتة، تصريح وزير الخارجية الدنماركي الذي أكد من القدس أن بلاده لن تعترف حاليًا، لكنه شدد على أن “إسرائيل لا تملك حق الفيتو” على قرارات كوبنهاغن المستقبلية.
السياق الدولي: ما بعد غزة
لا يمكن فصل هذا التحرك عن التطورات الأخيرة في غزة، حيث أثارت الأزمة الإنسانية وتجويع المدنيين إدانات واسعة من المجتمع الدولي. هذه الضغوط الإنسانية خلقت زخمًا إضافيًا للدفع باتجاه الاعتراف، باعتباره ليس مجرد موقف رمزي، بل خطوة نحو حماية الفلسطينيين دبلوماسيًا.
وفقًا لإحصاءات غير رسمية، فإن أكثر من 140 دولة حول العالم تعترف اليوم بدولة فلسطين، معظمها من آسيا، إفريقيا، وأمريكا اللاتينية. الجديد هنا أن الاعتراف بدأ يطرق أبواب أوروبا الغربية وكندا وأستراليا، وهي مناطق كانت متحفظة سابقًا.
ردود فعل وتحليلات
الشارع الفلسطيني يرى في هذه التحركات بداية تغيير حقيقي، لكن مع حذر مشروع. فالتجارب السابقة أثبتت أن الاعترافات قد تظل رمزية ما لم تقترن بخطوات عملية مثل دعم عضوية كاملة في الأمم المتحدة أو الضغط لوقف الاستيطان.
من جانب آخر، يقرأ محللون هذا التوجه على أنه محاولة لإعادة التوازن في السياسة الدولية، خاصة بعد سنوات من الدعم الغربي شبه المطلق لإسرائيل. كما يشير آخرون إلى أن التعاون الفرنسي – السعودي يعكس رغبة الطرفين في لعب دور قيادي في صياغة حل مستدام للصراع.
إن الاعتراف الدولي بفلسطين، خصوصًا من دول أوروبا الغربية، يشكّل نقطة تحوّل في ميزان القوى الدبلوماسية. صحيح أن إسرائيل قد تستمر في فرض واقعها الشنيع على الأرض، لكن شرعية هذا الواقع تتآكل تدريجيًا مع كل دولة تضيف صوتها لصالح الاعتراف. وإذا تزامن ذلك مع ضغط شعبي وإعلامي متواصل، فقد يفتح الباب أمام حل سياسي طال انتظاره.
المصدر:
- وكالة رويترز
- صحيفة لوموند الفرنسية
- هيئة الإذاعة البريطانية BBC
- وكالة الأنباء الفرنسية AFP
الأسئلة الشائعة
1. ما أهمية الاعتراف بفلسطين في الأمم المتحدة؟
الاعتراف يمنح فلسطين شرعية سياسية أوسع ويدعم مطالبها بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
2. أي دول أوروبية اعترفت بالفعل بفلسطين؟
حتى الآن: بلجيكا، فرنسا، ومالطا.
3. ما موقف الدول الكبرى مثل كندا وأستراليا؟
تتجه نحو الاعتراف، مع احتمال الإعلان الرسمي خلال الاجتماعات المقبلة.
4. كيف ترد إسرائيل على هذه التحركات؟
ترفضها بشدة، وتؤكد أن الحل يجب أن يأتي عبر المفاوضات المباشرة فقط.
5. هل الاعتراف سيؤدي إلى قيام دولة فلسطينية فورية؟
لا، لكنه خطوة سياسية ودبلوماسية مهمة على طريق تحقيق هذا الهدف.