الأضحية في عيد الأضحى شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام التي تحيي سنة إبراهيم عليه السلام وتُظهر روح التضحية والطاعة لله. ومع اقتراب موسم العيد، يتكرر السؤال: ما حكم الأضحية؟ ولماذا نقوم بها؟ وهل يجوز أن يشترك أكثر من شخص في أضحية واحدة؟
في هذه المقالة، سنستعرض الأبعاد الشرعية والاجتماعية لهذه الشعيرة، مع تفصيل الأحكام والأمثلة الواقعية لتوضيح الصورة بشكل مبسط وشامل.
ما هي الأضحية ولماذا نُقدِم عليها؟
الأضحية هي ما يُذبح من الأنعام (الإبل، البقر، الغنم) في يوم النحر وأيام التشريق (11 و12 و13 من ذي الحجة)، تقربًا إلى الله تعالى واتباعًا لسنة نبيه محمد ﷺ.
وهي تذكير عملي بقصة فداء إسماعيل عليه السلام، حين أمر الله إبراهيم بذبح ابنه، فامتثل لأمر ربه، ثم فداه الله بكبش عظيم.
هذه الشعيرة تعبّر عن الإيمان العميق والتسليم الكامل لأمر الله، وهي أيضًا وسيلة لإدخال الفرحة على قلوب المسلمين، خاصة الفقراء والمحتاجين.
مثال تطبيقي:
في أحد الأحياء الشعبية، اعتاد الحاج يوسف كل عام أن يوزع ثلث أضحيته على الجيران، وثلثًا للفقراء، ويحتفظ بالثلث الأخير لعائلته. فيرى في الأضحية مناسبة للصلة والتراحم بين الناس، كما أوصى النبي ﷺ.
حكم الأضحية في الإسلام: هل هي واجبة أم سنة؟
اختلف العلماء في حكم الأضحية في عيد الأضحى، وبيان ذلك كالتالي:
● الرأي الأول: أنها سنة مؤكدة
ذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الأضحية سنة مؤكدة عن القادر، وليست واجبة. واستدلوا بحديث النبي ﷺ:
“إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي…” – رواه مسلم.
فعلّق الأضحية على إرادة الشخص، ما يدل على عدم الوجوب.
● الرأي الثاني: أنها واجبة على القادر
ذهب الحنفية إلى أنها واجبة على المسلم القادر، إذا توفرت فيه الشروط، مثل البلوغ، والإقامة، وامتلاك النصاب.
خلاصة:
من الأفضل للمسلم القادر ألا يترك الأضحية، لما فيها من أجر عظيم واتباع لهدي النبي ﷺ. وإن لم تكن واجبة على جميع الأقوال، فإن تركها من غير عذر يُعد تفريطًا.
شروط الأضحية الشرعية
لكي تكون الأضحية مقبولة، يجب أن تتوفر فيها الشروط التالية:
- أن تكون من بهيمة الأنعام (الإبل، البقر، الغنم).
- أن تبلغ السن الشرعي: الجذعة من الضأن، والثنية من غيره.
- أن تكون خالية من العيوب الواضحة (مثل العور، والعرج، والمرض البيّن).
- أن تُذبح بعد صلاة العيد إلى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق.
هل يجوز تقسيم الأضحية على أكثر من شخص؟
نعم، يجوز الاشتراك في الأضحية في حال كانت من الإبل أو البقر، وذلك بما لا يزيد عن سبعة أشخاص.
أما الخروف أو الشاة، فلا يجوز أن يشترك فيه أكثر من شخص، فهي تكفي عن شخص واحد وأهل بيته فقط.
أمثلة عملية:
- يمكن أن يشترك سبعة أصدقاء في بقرة واحدة، كل واحد يملك جزءًا منها، وينال أجر الأضحية.
- أما الشاة، فيضحّي بها فرد عن نفسه وأسرته، ولا يجوز أن يقول كل شخص: “لي فيها سهم”.
الأضحية بين العادة والعبادة
من المؤسف أن البعض بات ينظر إلى الأضحية كمجرد عادة اجتماعية، أو مناسبة لشراء الخراف الفاخرة والتباهي بها.
لكن الأصل أن تكون الأضحية في عيد الأضحى عبادة خالصة لله، فيها نية التقرب، وحُسن النية، والرحمة بالفقراء.
الخاتمة
الأضحية في عيد الأضحى ليست مجرد ذبح، بل عبادة عظيمة تجسد الطاعة، وتعيد الروح لمعاني الإيمان والتراحم.
سواء كانت سنة أم واجبة، فإن المحافظة عليها دليل على حرص المسلم على شعائر دينه، وهي فرصة عظيمة لنيل الأجر، وتقديم يد العون للمحتاجين.
فلنُحسن النية، ولنُحسن الذبح، ولنُحسن التوزيع، فهي أيام خير وبركة وعطاء.
الأسئلة متداولة بين الناس حول الأضحية في عيد الأضحى
ما حكم الأضحية في الإسلام؟
جمهور العلماء يرون أنها سنة مؤكدة، والحنفية يرونها واجبة على القادر.
هل يجوز الاشتراك في الأضحية؟
نعم، في الإبل والبقر (حتى سبعة أشخاص)، لكن لا يجوز في الشاة أو الخروف.
متى يبدأ وقت ذبح الأضحية؟
بعد صلاة العيد مباشرة وحتى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق.
هل يجوز إعطاء الأضحية لغير المسلمين؟
نعم، يجوز إعطاء جزء من الأضحية كهدية أو صدقة لغير المسلمين، خاصة إذا كانوا من الجيران أو الفقراء.
