الزمن المزدوج يشعل جدلاً علميًا جديدًا
لطالما اعتقدنا أن الزمن يتدفق في اتجاه واحد فقط: من الماضي إلى المستقبل. لكن ماذا لو أخبرناك أن هذا المفهوم قد يكون خاطئًا على المستوى الكمي؟ اكتشاف علمي مذهل يكشف عن إمكانية وجود زمن مزدوج داخل الأنظمة الكمومية، ما قد يغيّر الطريقة التي ننظر بها إلى الكون.
سهم الزمن: المفهوم الذي حيّر الفيزيائيين لقرون
يشير مصطلح سهم الزمن إلى الاتجاه الذي يتدفق فيه الزمن، لكن قوانين الفيزياء الكلاسيكية لا تعترف بهذا الاتجاه. البيض المكسور لا يعود لقشرته، والشمعة المحترقة لا تشتعل من جديد – هذه مشاهد يومية تُثبت أن الزمن يسير إلى الأمام. ولكن لماذا؟ هذا هو السؤال الذي ظل العلماء عاجزين عن تفسيره بدقة.
الأنظمة الكمومية المفتوحة: كسر القواعد التقليدية
في دراسة أجراها فريق بحثي من جامعة ساسكس البريطانية بقيادة البروفيسور أندريا روكّو، تم اكتشاف أن الأنظمة الكمومية المفتوحة – وهي أنظمة تتبادل الطاقة والمعلومات مع محيطها – يمكن أن تظهر فيها سهمان للزمن يسيران في اتجاهين متعاكسين.
بحسب المعادلات، يمكن للزمن أن يسير إلى الأمام أو إلى الخلف، دون أن يتناقض ذلك مع قوانين الديناميكا الحرارية.
كيف يتم تحديد اتجاه الزمن؟
في عالم الكم، يُستخدم مبدأ الإنتروبيا (زيادة الفوضى) لتحديد اتجاه الزمن. ولكن في الأنظمة المفتوحة، أظهرت التجارب أنه يمكن للإنتروبيا أن تزيد في كلا الاتجاهين، مما يعني أن الزمن قد لا يكون ثابت الاتجاه كما كنا نعتقد.
تأثيرات الاكتشاف على نظريات نشأة الكون
هذا الاكتشاف يعزز فرضيات قديمة مثل “الكونين التوأمين” الناتجين عن الانفجار العظيم، حيث يسير الزمن في أحدهما إلى الأمام، وفي الآخر إلى الخلف. ورغم أن الدراسة لا تثبت هذا النموذج بالكامل، فإنها توفّر له أساسًا رياضيًا جديدًا قد يُبنى عليه مستقبلاً.
تشبيه ذكي: الزمن كشبكة طرق بلا إشارات
يشبّه البروفيسور روكّو الزمن بشبكة طرق واسعة. يقول:
“المسارات موجودة أمامك، لكن لا توجد إشارات تحدد الاتجاه. فقد تسلك الطريق إلى الأمام أو إلى الخلف، والنتائج قد تكون صحيحة في الحالتين.”
هل نعيش فعلاً في كون بزمنين؟
السؤال الأعمق الآن هو: هل هناك من يعيش في اتجاه زمني معاكس لنا؟ وهل يمكن للكون أن يتضمن مشاهد تحدث في “زمن خلفي” لا ندركه؟ هذا الاكتشاف لا يقدّم إجابة مباشرة، لكنه يفتح الباب أمام إعادة صياغة فهمنا الكامل للزمن والواقع.
خاتمة: الزمن المزدوج يعيد رسم قوانين الفيزياء
سواء كنت مؤمنًا بأن الزمن يسير في خط مستقيم أو كنت من أنصار تعددية الأزمنة، فإن ما كشفه علماء الفيزياء من أن الزمن قد يسير في اتجاهين متعاكسين داخل الأنظمة الكمومية هو أمر لا يمكن تجاهله. الزمن المزدوج ليس خيالًا علميًا بعد الآن، بل هو واقع رياضي يستحق الاستكشاف.
المصدر:
جامعة ساسكس – فريق البروفيسور أندريا روكّو
أسئلة شائعة حول الزمن المزدوج
ما هو الزمن المزدوج؟
الزمن المزدوج هو ظاهرة تم رصدها في الأنظمة الكمومية المفتوحة، حيث يمكن أن يظهر سهمان للزمن يسيران في اتجاهين متعاكسين داخل نفس النظام الفيزيائي.
هل هذا يعني أننا نستطيع السفر عبر الزمن؟
لا. الدراسة لا تتعلق بإمكانية السفر عبر الزمن، بل بفهمنا النظري لطبيعة الزمن نفسه.
ما العلاقة بين الإنتروبيا وسهم الزمن؟
الإنتروبيا، أو زيادة الفوضى في النظام، هي ما يُستخدم غالبًا لتحديد اتجاه الزمن. إذا كانت الإنتروبيا تزداد، يُقال إن الزمن يتقدم للأمام.
هل هذا الاكتشاف يؤثر على نظرية الانفجار العظيم؟
نعم. يعزز الاكتشاف نظريات مثل “الكونين التوأمين”، لكنه لا يؤكدها بشكل قطعي. بل يمنحها أرضية علمية جديدة للبحث والتطوير.
