برق خارق يقطع 829 كيلومترًا: عندما تتحدى الطبيعة الخيال
تخيل وميضًا من الضوء يسافر من الرياض إلى الدمام ويعود مرة أخرى، كل ذلك في أقل من سبع ثوانٍ. هذا ليس مشهدًا من فيلم خيال علمي، بل هو وصف لظاهرة حقيقية سجلتها السماء، حيث حطمت صاعقة برق عملاقة كل المقاييس المعروفة سابقًا، لتثبت لنا أن الطبيعة لا تزال تخبئ في جعبتها ما يفوق تصورنا.
هذا الحدث، الذي أطلق عليه العلماء اسم “ميغا فلاش“، لم يكن مجرد عاصفة رعدية عادية. لقد كان وحشًا كهربائيًا امتد لمسافة لا تصدق بلغت 829 كيلومترًا، عابرًا خمس ولايات أمريكية بدءًا من تكساس وانتهاءً بولاية ميزوري. وبالتالي، تم توثيق هذا الحدث رسميًا من قبل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية كأطول صاعقة برق في التاريخ، مما يمثل قفزة هائلة عن الرقم القياسي السابق.
عين في السماء: كيف تم هذا الاكتشاف؟
قد تتساءل، كيف يمكن قياس شيء سريع وعشوائي مثل البرق بهذه الدقة؟ الجواب يكمن في التكنولوجيا الفضائية المتقدمة. بفضل القمر الصناعي GOES-16 التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، أصبح لدى العلماء الآن ما يشبه “عينًا فائقة الدقة” تراقب كوكبنا باستمرار.
هذا القمر الصناعي مزود بمعدات متطورة يمكنها رسم خرائط للبرق لحظة بلحظة. باستخدام خوارزميات معقدة، تمكن فريق من الباحثين من غربلة ملايين ومضات البرق التي تم رصدها، وعزلوا هذه الصاعقة الاستثنائية وتتبعوا مسارها الكامل من البداية إلى النهاية. استغرق الأمر سنوات من التحليل الدقيق لتأكيد هذا الرقم المذهل، مما يبرز حجم الجهد العلمي وراء هذا الخبر.
وكما قال البروفيسور راندال سيرفيني، المشرف على الدراسة: “تمتلك أقمارنا الجوية الآن معدات دقيقة للغاية… يمكنها تتبع اللحظة التي تبدأ فيها الصاعقة والمسافة التي تقطعها بالضبط”. هذا يعني أن ما نكتشفه اليوم قد يكون مجرد بداية، فمع تطور التكنولوجيا، من المرجح أن نكتشف ظواهر “برق خارق” أكبر وأكثر إدهاشًا.
أكثر من مجرد رقم قياسي
إن هذا الاكتشاف يتجاوز كونه مجرد إضافة جديدة إلى موسوعة غينيس للأرقام القياسية. إنه يغير فهمنا الأساسي لقواعد اللعبة في عالم الأرصاد الجوية. لطالما اعتقدنا أن خطر الصواعق يقتصر على المنطقة المباشرة تحت السحابة الرعدية، لكن هذا “الميغا فلاش” يثبت العكس تمامًا.
إنه يوضح أن الطاقة في غلافنا الجوي يمكن أن تتصرف بطرق لم نتوقعها، حيث يمكن لوميض واحد أن يربط بين أنظمة الطقس عبر مئات الكيلومترات. هذا يجعلنا نعيد التفكير في نماذج الطقس ويعطينا لمحة عن القوة الهائلة التي تعمل بصمت فوق رؤوسنا. في رأيي، هذا الاكتشاف هو تذكير بتواضعنا أمام عظمة الطبيعة، وبأن العلم هو أداتنا المستمرة لكشف أسرارها.
تحذير حيوي: عندما يكون البرق أسرع مما تظن ⚡
الأهم من كل الأرقام والإحصائيات هو الدرس العملي الذي تقدمه هذه الظاهرة: السلامة أولاً. يوضح الخبير والت ليونز أن هذه الصواعق العملاقة هي تذكير صارخ بأن البرق يمكنه أن يضرب على بعد مئات الكيلومترات من العاصفة الأم.
لذلك، لم يعد كافيًا أن تنظر إلى السماء وتقول “العاصفة تبدو بعيدة”. إليك قاعدة عملية يمكنك تطبيقها:
- قاعدة 30/30 للسلامة من البرق: إذا رأيت وميض البرق وبدأت بالعد، وسمعت صوت الرعد قبل أن تصل إلى 30، فأنت في خطر وعليك البحث عن مأوى فورًا. بعد ذلك، انتظر 30 دقيقة على الأقل بعد سماع آخر صوت للرعد قبل مغادرة المأوى.
هذا الاكتشاف يؤكد على أهمية هذه القاعدة. فإذا كانت صاعقة برق قادرة على قطع 829 كيلومترًا في ثوانٍ معدودة، فهذا يعني أنها تستطيع الوصول إليك بسرعة تفوق أي توقع. لا تستهن أبدًا بقوة البرق، فالمسافة لم تعد ضمانًا للأمان.
المصدر:
المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO), Bulletin of the American Meteorological Society
1. ما هي أطول صاعقة برق تم تسجيلها على الإطلاق؟
أطول صاعقة برق مسجلة امتدت لمسافة 829 كيلومترًا عبر خمس ولايات أمريكية، وتم توثيقها من قبل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
2. كم من الوقت استغرقت هذه الصاعقة لتقطع هذه المسافة؟
قطعت الصاعقة مسافة 829 كيلومترًا في أقل من سبع ثوانٍ فقط، مما يوضح سرعتها الهائلة.
3. كيف تمكن العلماء من قياس صاعقة بهذا الحجم؟
استخدم العلماء بيانات من القمر الصناعي GOES-16 المتقدم، والذي يمتلك تقنيات لرسم خرائط البرق بدقة، مما سمح لهم بتتبع مسار الصاعقة بالكامل.
4. ما هي أهم نصيحة للسلامة من الصواعق بناءً على هذا الاكتشاف؟
الدرس الأهم هو أن البرق يمكن أن يضرب على بعد مئات الكيلومترات من العاصفة. إذا كانت الصواعق قريبة (على بعد 10 كم أو أقل)، يجب البحث عن مأوى آمن فورًا وعدم افتراض أن المسافة تحميك.
