استلام آبار النفط السوري من قسد: بداية مرحلة جديدة
في تحوّل استراتيجي يُتوقع أن يُحدث نقلة في الوضعين الاقتصادي والمعيشي، بدأت الحكومة السورية خطوات جدّية لاستلام آبار وحقول النفط من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بموجب اتفاق تم توقيعه بين الطرفين، تمهيداً لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة لقسد ضمن مؤسسات الدولة السورية.
تأتي هذه الخطوة وسط أزمة نفطية طالما شكلت تحدياً كبيراً للحكومة، باعتبار النفط أحد أهم مفاتيح التعافي الاقتصادي وتحسين الخدمات للمواطنين الذين أنهكتهم سنوات الحرب.
تفاصيل الاتفاق واستلام آبار النفط
وفقاً لما صرّح به أحمد السليمان، مدير العلاقات العامة في وزارة النفط والثروة المعدنية، فإن الاتفاق يتضمن دمج مؤسسات قسد المدنية والعسكرية تحت مظلة الدولة، وتشكيل لجان متخصصة لاستلام حقول وآبار النفط والإشراف على فحص الجاهزية الفنية، وتقييم المعدات والبنية التحتية.
الموعد المتوقع لبدء التسليم – بحسب مصادر مطلعة – هو بداية أبريل/نيسان المقبل، حيث تنتظر الحكومة انتهاء أعمال اللجان الفنية والتنظيمية المشكّلة لتنفيذ الاتفاق.
لمحة عن إنتاج النفط في سوريا
تُعد سوريا دولة منتجة للنفط منذ منتصف السبعينات، وبلغ الإنتاج اليومي قبل عام 2011 حوالي 385 ألف برميل، منها 238 ألف برميل كانت تُكرر محلياً، بينما كانت الكمية المتبقية تُصدَّر بعائد يُقدَّر بنحو 3 مليارات دولار سنوياً.
لكن الأحداث التي عصفت بالبلاد أثرت بشكل كبير على القطاع، حيث تنقّلت السيطرة على الحقول من النظام إلى المعارضة ثم تنظيم الدولة، وأخيراً إلى قسد، ليهبط الإنتاج إلى نحو 140 ألف برميل يومياً في المتوسط.

آلية نقل النفط حالياً
حالياً، يتم نقل النفط من حقول منطقة الجزيرة السورية إلى مناطق الحكومة بواسطة شاحنات ضخمة تُعرف محلياً بـ”الحوت”، ويُكرر في مصفاتي حمص وبانياس، اللتين تعانيان من ضعف في البنية التحتية نتيجة الإهمال والتقادم.
السليمان أشار إلى وجود اتفاقيات لنقل النفط بصهاريج مخصصة، وربط الحقول بشبكة خطوط تنقل الخام إلى المصافي، مع إمكانية اللجوء للشاحنات تبعاً للوضع الميداني.
أهمية النفط لتعافي الاقتصاد السوري
يرى الخبراء أن استعادة الحكومة لآبار النفط من قسد تمثل خطوة حيوية في تعزيز الاقتصاد الوطني. الباحث الاقتصادي حيان حبابة يوضح أن هذا الاستحواذ سيساعد على تحسين التغذية بالكهرباء، وزيادة توفر الوقود، وخفض تكاليف الإنتاج، وبالتالي تحفيز الدورة الاقتصادية وتقليل معدلات البطالة.
إضافة إلى ذلك، فإن السيطرة على الموارد النفطية من شأنها أن تُعزز إيرادات الدولة وتوفر قاعدة صلبة لدعم مشاريع البنية التحتية والخدمات.
ضرورة فتح الاستثمار في قطاع الطاقة
يتفق معظم الخبراء على أن المرحلة القادمة تتطلب فتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية والعربية في قطاع النفط، لتلبية الاحتياجات المحلية من الطاقة، ودعم مشاريع إعادة الإعمار، وخلق فرص عمل للسوريين.
وأكد مصعب الهجر، المشرف على الحقول في دير الزور، أن هناك خططًا لتطوير القطاع بالتعاون مع شركات أجنبية متخصصة في الحفر والتنقيب، مشيراً إلى أن الهدف هو توجيه عائدات النفط نحو مشاريع تنموية طويلة الأمد تُسهم في بناء اقتصاد سوري مستدام.
بداية لمرحلة جديدة من التعافي
إن استلام آبار النفط السوري من قسد ليس مجرد إجراء إداري، بل يمثل بداية فعلية لمرحلة جديدة من التعافي الوطني، يُبنى فيها الاقتصاد على أسس أكثر استقراراً، ويُستفاد من الموارد الطبيعية لخدمة الشعب السوري الذي طال انتظاره لحياة كريمة واستقرار اقتصادي حقيقي.
المصدر : الجزيرة
