من الخيال العلمي إلى المختبرات: كيف تغيّر العلم في التنبؤ بطول العمر؟
لطالما تساءل البشر عن مستقبلهم الصحي: كم سأعيش؟ وهل سيكون شيخوختي صحية أم مليئة بالأمراض؟ يبدو أن الإجابة على هذه الأسئلة لم تعد حلمًا أو نبوءة غامضة، بل أصبحت قاب قوسين أو أدنى بفضل اختبار دم جديد تم تطويره من قبل علماء من الولايات المتحدة وفرنسا.
ما هي “القدرة الجوهرية”؟ ولماذا هي مهمة؟
القدرة الجوهرية (Intrinsic Capacity – IC) تمثل المزيج الحيوي من القدرات العقلية والبدنية التي نعتمد عليها يوميًا. وتشمل:
- القدرة على المشي والحركة
- الوظائف الإدراكية مثل التركيز والتفكير
- حاسة السمع والبصر
- الذاكرة والصحة النفسية
هذه المؤشرات تُعد مرآة صادقة لمدى جودة حياتك في مراحل الشيخوخة.
اختبار دم بسيط.. بنتائج عميقة
بدلاً من إجراء اختبارات طويلة ومعقدة لقياس IC، توصل الباحثون إلى طريقة ثورية: تحليل مثيلة الحمض النووي (DNA Methylation) من خلال عينات بسيطة من الدم أو اللعاب. هذه المثيلة هي عبارة عن علامات كيميائية تُؤثر على نشاط الجينات، وتُعد مؤشرًا دقيقًا على “العمر البيولوجي” الحقيقي، وليس فقط العمر الزمني.
نتائج الدراسة: أكثر من مجرد أرقام
في دراسة امتدت لعشر سنوات، شملت أكثر من 1000 مشارك تتراوح أعمارهم بين 20 و102 عام، طوّر الفريق العلمي نموذجًا قائمًا على 5 عوامل رئيسية:
- الوظائف العقلية
- القدرة الحركية
- البصر
- السمع
- الصحة النفسية
النتائج كانت مبهرة:
👨⚕️ الأشخاص ذوو درجات IC مرتفعة عاشوا في المتوسط 5.5 سنوات أطول.
🚶♂️ تمتعوا بسرعة مشي أفضل ووظائف رئوية أقوى.
🦴 عظامهم كانت أكثر كثافة، وكانوا أكثر رضا عن صحتهم العامة.
انخفاض IC = خطر متزايد
على الجانب الآخر، أظهرت النتائج أن الأشخاص ذوي IC منخفض يعانون من خطر متزايد للإصابة بأمراض الشيخوخة مثل:
هذه المؤشرات أصبحت لا تُنبئ فقط عن التراجع الصحي بل تُستخدم كأداة لتوجيه التدخلات الوقائية المبكرة.
رأي الخبراء: نقطة تحول في الطب الوقائي
صرّح البروفيسور توماس هولاند من معهد راش الأمريكي لأبحاث الشيخوخة قائلاً:
“هذا الاختبار يمكن أن يكون دليلاً مبكرًا على الشيخوخة، مما يمنح الأطباء فرصة نادرة لتعديل نمط الحياة والتدخل الطبي قبل فوات الأوان.”
إنها نقلة نوعية من مجرد قياس “كم عمرك” إلى سؤال أعمق: ما مدى صحة هذا العمر؟
نحو طب يتنبأ ويمنع قبل أن يعالج
إذا استمرت الأبحاث في هذا الاتجاه، فقد نعيش عصرًا يكون فيه اختبار دم بسيط كفيلًا بكشف مستقبل صحتنا وتحديد خطط الوقاية المناسبة. بدلًا من انتظار المرض، يمكننا الآن — بفضل التقدم العلمي — أن نستبق الخطر ونرسم خريطة عمرنا بخيارات واعية.
المصدر: دراسة مشتركة من باحثين في الولايات المتحدة وفرنسا نُشرت عبر Daily Mail
أسئلة يطرحها الناس
ما الفرق بين العمر البيولوجي والعمر الزمني؟
العمر الزمني هو عدد السنوات التي عشتها منذ ولادتك، بينما العمر البيولوجي يقيس مدى تقدم جسمك على مستوى الخلايا والأنسجة. يمكن لشخص عمره الزمني 60 عامًا أن يكون عمره البيولوجي 45 فقط إذا كان يتمتع بصحة ممتازة.
هل اختبار الدم هذا متاح تجاريًا الآن؟
حتى الآن، لا يزال الاختبار قيد البحث، لكن النتائج المبكرة تشير إلى إمكانية تطويره للاستخدام السريري في المستقبل القريب.
كيف يمكنني تحسين درجتي في IC؟
من خلال تحسين نمط حياتك:
- مارس الرياضة بانتظام
- حافظ على نظام غذائي متوازن
- نوّم جيدًا
- احرص على النشاط العقلي والاجتماعي
