بدأت القوات الإسرائيلية اجتياح غزة بريًا معلنة مرحلة جديدة من الحرب، وسط نزوح كثيف لعشرات الآلاف من سكان المدينة. مشاهد المدنيين وهم يفرّون سيرًا على الأقدام أو عبر عربات متواضعة، تعكس مأساة إنسانية غير مسبوقة في ظل استمرار القصف الجوي والمدفعي.
بحسب تقديرات فلسطينية، فقد نزح أكثر من 40% من سكان مدينة غزة خلال الساعات الماضية، فيما حذرت الأمم المتحدة من أنّ الوضع يتجه نحو “انهيار كامل للخدمات الإنسانية”.

غطاء ناري وتحذيرات إسرائيلية
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن أن “الجيش وصل إلى مرحلة الحسم”، في وقتٍ أكدت فيه القيادة العسكرية أن قواتها تتوغل نحو وسط غزة، مدعومة بتغطية نارية كثيفة.
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي وصف غزة بأنها “منطقة قتال خطيرة”، داعيًا السكان إلى المغادرة فورًا نحو الجنوب عبر شارع الرشيد. إلا أن معظم النازحين يرون في هذه الدعوات تهجيرًا قسريًا لا يضمن لهم أمانًا حقيقيًا، خاصة في ظل استمرار القصف على مناطق النزوح ذاتها.
مأساة إنسانية بأرقام صادمة
وزارة الصحة في غزة أعلنت أن عدد الضحايا تجاوز 64 ألف قتيل منذ بدء الحرب، معظمهم من النساء والأطفال. الدفاع المدني الفلسطيني أكد أن “القصف ما زال مستمرًا بكثافة على مختلف أحياء المدينة”، واصفًا الوضع بأنه “كارثي وغير مسبوق”.
في المقابل، تؤكد إسرائيل أن الهدف من العملية هو “القضاء على مقاتلي حماس” الذين يُقدّر عددهم داخل غزة بثلاثة آلاف، لكن الثمن يدفعه المدنيون بالدرجة الأولى.
ردود دولية تطالب بالتحرك
السلطة الفلسطينية أدانت الاجتياح، داعية إلى تدخل عاجل لحماية المدنيين. كما أبدت الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الحقوقية مخاوفها من جرائم تهجير جماعي قد تشكل خرقًا للقانون الدولي.
في العواصم الغربية، تزايدت الأصوات المطالبة بوقف إطلاق النار، غير أن المواقف الرسمية ما زالت مترددة في الضغط الجدي على تل أبيب.
البعد السياسي: حسم أم مأزق؟
قرار إسرائيل بالمضي نحو احتلال كامل غزة، رغم اعتراض بعض قادتها العسكريين، يكشف عن رهانات سياسية لدى حكومة نتنياهو التي تواجه أزمات داخلية.
إلا أن هذا التصعيد قد يقود إلى مأزق استراتيجي: فكلما ازداد القصف والضحايا، تعاظمت الضغوط الدولية، وارتفع خطر انفجار أوسع في المنطقة.
المستقبل: نحو كارثة أوسع؟
تبدو غزة اليوم على حافة كارثة إنسانية كبرى، مع انهيار الخدمات الطبية، انقطاع الكهرباء والمياه، وتضاؤل الإمدادات الغذائية. وإذا استمر الاجتياح بذات الوتيرة، فإن النتائج قد تتجاوز حدود القطاع لتشعل المنطقة بأكملها.
ويبقى السؤال: هل يؤدي هذا التصعيد إلى “الحسم” كما تدّعي إسرائيل، أم يفتح الباب أمام مأساة إنسانية وسياسية أطول أمدًا؟