سوريا تُجدد العملة: خطوة من 6 فئات بلا صور ولا رموز
أعلن عبد القادر الحصرية، حاكم مصرف سوريا المركزي، أن البلاد ستطرح العملة السورية الجديدة في ست فئات نقدية، صمّمتها السلطات بحيث تكون خالية تمامًا من الصور أو الرموز التقليدية، بهدف تحسين مستوى التحقق البصري وتعزيز مصداقية العملة في التداول اليومي.
هذا القرار يُعدّ تحولًا ملموسًا في سياسة التصميم النقدي التي اعتمدتها سوريا منذ عقود، إذ تخلّت السلطات عن تضمين صور شخصيات أو معالم تاريخية في الأوراق الجديدة، مفضّلة العمل على الشكل المجرد والنظيف.
ماذا نعرف حتى الآن؟ (التفاصيل الفنية والكيفية)
الفئات والتصميم
الحصرية أشار إلى أن الفئات ستتنوع بين الصغر، المتوسط، والكبير، لتلبية كافة حاجات التداول اليومية بكفاءة أكبر. لكنّه لم يكشف بعد القيم الرقمية لكل فئة، أو الأحجام الدقيقة أو العناصر الأمنية الزخرفية — فهذه التفاصيل ستُعرض لاحقًا عند الانتهاء من المراحل الفنية.
الهدف من التصميم “خالٍ من الصور”
الابتعاد عن الصور أو الرموز، وفق الحصرية، يهدف إلى “تبسيط الشكل البصري، والتركيز على الهوية الرقمية والعملية للعملة، لتكون أكثر وضوحًا وسهولة في التحقق منها”.
بمعنى آخر، المسعى هو جعل الأوراق النقدية أقل عرضة للغموض أو التحايل البصري، وأقرب إلى المعايير الحديثة التي تتجه نحو الرمزية البسيطة أو الخطوط الهندسية بدل الزخارف المعقّدة.
علاقة الإصدار بتحدّي السيولة
أوضح الحصرية أن الهدف من الإصدار ليس توسيع الكتلة النقدية بل تجديدها، بمعنى استبدال الأوراق التالفة أو منخفضة الجودة بأوراق ذات متانة أفضل ومظهر أقوى، مع ضمان عدم خلق فائض نقدي يفاقم الضغوط التضخمية.
كما أكّد أن المصرف المركزي سيتابع حركة السيولة في السوق بعناية، مستخدمًا أدوات السياسة النقدية لضبط العرض المالي ومنع المضاربات.
خلفية الخطوة وتوقيت الإعلان
في وقت سابق، أعلن الحصرية أن دمشق طلبت عروضاً من مطابع دولية لطباعة أوراق نقدية جديدة في إطار دعم الليرة المتدهورة، مع إمكانية حذف أصفار من العملة كجزء من الإصلاح النقدي. لكن الإعلان الحالي يركّز أكثر على الهوية البصرية والتحديث التدريجي، دون تأكيد رسمي حتى الآن على حذف الصفر الرسمي في كل الفئات.
ما أهمية هذا التغيير؟
الإيجابيات المتوقعة
- تعزيز الثقة بالليرة السورية: عندما يراها المواطنون في طابع عصري ومتين، قد يزداد تقبّلهم للتعامل بها.
- كفاءة التداول: أوراق نقدية أوضح وأسهل في التمييز تسهّل المعاملات اليومية (شراء، بيع، تبديل).
- خفض التكاليف على المدى الطويل: الأوراق الأسرع تآكلًا أو المزوّرة تكلّف المصرف كثيرًا. الورق الأفضل يُقلّل هذه الخسائر.
- مظهر دولي حديث: خطوة كهذه قد تُرسل رسالة للمستثمرين بأن سوريا تجري تحديثات في البنية النقدية.
- الحد من التزييف والتحايل: التصميم المقروء والأدوات الأمنية المحتملة (كالعلامات الميكانيكية أو المائية) تجعل التزوير أصعب.
المخاطر والتحديات
- شكّ في التنفيذ والشفافية: هل سيُكشف عن كل التفاصيل بشفافية؟ هل سيتم إشراك خبراء مستقلّين؟
- تأثير على التضخم: إذا فُسّر الإصدار خطأ على أنه توسع نقدي، قد يثير مخاوف تضخمية.
- مقاومة السوق السوداء: في الحالات التي يكون فيها الناس معتادين على العملات القديمة، قد يواجه الإصدار نوعًا من الرفض أو الغموض في الاستخدام الفوري.
- الترابط مع التغيرات الاقتصادية الأكبر: إن لم تقترن هذه الخطوة بخطط متكاملة لزيادة الإنتاج وتقوية القطاعات الحقيقية، فإن مجرد تغيير الشكل وحده قد لا يغير المعادلة الاقتصادية الأعمق.
هل يكفي التجميل النقدي بمفرده؟
هذه الخطوة، بحدّ ذاتها، لا تُشكّل إصلاحًا اقتصاديًا عميقًا، لكنها إشارة رمزية قوية. في السياق السوري، حيث الثقة بالعملة الوطنية هشة، فإن الهوية البصرية الجديدة قد تكون جزءًا من استراتيجية أوسع لإعادة الثقة، بشرط أن تُرافقها إجراءات حقيقية:
- دعم الإنتاج المحلي، خفض العجز التجاري، تنمية الصادرات.
- إصلاحات هيكلية في المالية العامة والضرائب والإنفاق.
- تشجيع التحوّل الرقمي للنظام المالي لخفض الاعتماد على النقد الورقي.
- مراقبة التضخم باستراتيجية واضحة وربط الإصدار بإجراءات صلبة.
إذا لم تواكب هذه الخطوة إجراءات اقتصادية متوازنة، فإن تغيّر الشكل وحده قد يُفسّر على أنه “حيلة تجميلية” دون تغيير جوهري.
ما المتوقع؟ وما تأثيرها على سوريا؟
من المتوقع أن تُطرح الفئات الجديدة تدريجيًا خلال الأشهر المقبلة من 2025، بعد استكمال التصاميم والمواصفات الأمنية.
في البداية، قد يُسجّل ارتباك في المحلات، البنوك، وأجهزة الصرف الآلي، لكن مع التوعية والتدريب الرسمي ستبدأ العملة بالانتشار.
على مستوى سوريا:
إذا نجحت الخطوة في كسب ثقة الجمهور، فقد تُساهم في تثبيت سعر الصرف جزئيًا، وإن لم تكن وحدها كافية. قد تفتح أبوابًا أمام المستثمرين الخارجيين إذا أبْدَت الحكومة قدرة على تحديث البُنى النقدية والشفافية المالية. في حال حدوث سوء إدارة أو إعلان مفاجئ دون تهيئة، قد يعود المواطنون إلى العملات الأجنبية الموازية، مما يضع ضغوطًا إضافية على الليرة.
بالمحصّلة، العملة السورية الجديدة هي اختبار رمزي ونقدي في آنٍ معًا، وقد تمثل نقطة تحول (أو لا). النجاح يعتمد على التنفيذ المتقن والتزام السلطات الاقتصادية بإجراءات مصاحبة واقعية.
المصدر:
وكالة الأنباء السورية (سانا) – الجزيرة نت – رويترز – العربية الاقتصادية.