إحصائيات الفيديو القصير باتت اليوم من أكثر المواضيع إثارة في مجال التسويق الرقمي وصناعة المحتوى، إذ تشير الكثير من الأرقام والإحصائيات الحديثة إلى أنّ المقاطع القصيرة تُغيّر بشكل كبير طريقة استخدامنا لمنصات التواصل الاجتماعي. لقد تصدّرت تيك توك (TikTok) هذه الموجة منذ بضع سنوات، تلتها منصة إنستغرام التي طوّرت أداة “ريلز” (Reels) لتدخل السباق بقوة. في هذا المقال، سنستعرض أحدث الأرقام حول نسبة مشاهدة الفيديوهات القصيرة ومدى بقاء المستخدمين عليها يوميًا، كما سنسلّط الضوء على تأثير هذه المقاطع في تغيير سلوك الجمهور الرقمي، ونقدم نصائح عملية للعلامات التجارية أو المسوّقين الذين يرغبون في الاستفادة من هذا الاتجاه الصاعد.
1. لمحة سريعة حول صعود الفيديو القصير
خلال السنوات القليلة الماضية، شهدنا تحولات جذرية في تفضيلات مستخدمي الإنترنت. إنّ الوتيرة المتسارعة للحياة العصرية وسرعة انتشار الهواتف الذكية وشبكات الإنترنت في كل مكان دفع الجمهور إلى تفضيل المحتوى المرئي السريع والمختصر. وهنا برزت أهمية “إحصائيات الفيديو القصير”. التي جاءت لتؤكد أنّ الأجيال الشابة على وجه الخصوص تميل إلى مشاهدة المحتوى الموجز الذي يُقدم المعلومة أو الترفيه خلال ثوانٍ معدودة.
وقد كانت تيك توك السبّاقة في هذا الاتجاه، حيث مزجت بين الموسيقى والتأثيرات البصرية والفلاتر الذكية، مقدمة تجربة استخدام مُسلية وتفاعلية. سرعان ما استقطبت المنصة ملايين المستخدمين حول العالم، مما دفع شركات التواصل الاجتماعي الأخرى إلى الدخول في المنافسة، ومن بينها إنستغرام بفكرة “ريلز”، ويوتيوب بإطلاق “شورتس” (Shorts)، وغيرها.

2. أحدث إحصائيات الفيديو القصير عالميًا
تشير الأبحاث والتقارير المنشورة مطلع عام 2023 إلى أرقام لافتة تدعم صعود الفيديوهات القصيرة:
- عدد المستخدمين:
- تجاوز عدد مستخدمي تيك توك المليار مستخدم نشط شهريًا عالميًا، وهو رقم لم تصل إليه العديد من المنصات إلا بعد سنوات أطول من العمل.
- تحتل منصة إنستغرام موقعًا متقدمًا بحوالي مليارَي مستخدم نشط شهريًا، منهم نسبة كبيرة تهتم بالريلز.
- مدة المشاهدة:
- يقضي المستخدم العادي على تيك توك ما بين 60 إلى 95 دقيقة يوميًا في مشاهدة المقاطع القصيرة والتفاعل معها عبر الإعجابات والتعليقات والمشاركات.
- على إنستغرام، تشير بعض الدراسات إلى أن نسبة الوقت الذي يقضيه المستخدمون في مشاهدة ريلز تشهد ارتفاعًا مطردًا، متخطية أحيانًا 30 دقيقة يوميًا من التصفح في سبيل الاستمتاع بالمحتوى السريع.
- نِسَب المشاهدة والتفاعل:
- تحقق مقاطع الفيديو القصيرة معدلات تفاعل تفوق بمراحل المحتوى التقليدي. على سبيل المثال، يحصل الريلز على إنستغرام على معدل وصول (Reach) أكبر مقارنة بالصور المنشورة أو القصص (Stories)؛ ما يعكس اتجاه المنصة لدعم هذا النوع من المحتوى أكثر من غيره.
- يحظى تيك توك بمعدل بقاء (Retention Rate) عالٍ للمشاهدين؛ إذ إنّ المقاطع القصيرة تُشعر المستخدم دومًا بالرغبة في مشاهدة المزيد، بسبب الطبيعة الترفيهية السريعة للمنصة.
3. لماذا يفضّل المستخدمون مقاطع الفيديو القصيرة؟
منظور المستخدم تجاه المحتوى المرئي شهد تغييرات جذرية نتيجةً لسلوكنا الرقمي السريع. وبالنظر إلى “إحصائيات الفيديو القصير”، يتضح أنّ العوامل الآتية تلعب دورًا حاسمًا في نجاح هذا النوع من الفيديوهات:
- الانتباه المنخفض:
أصبح لدى الكثير من المستخدمين ما يُشبه “تشتت الانتباه الرقمي” بسبب ضخامة المعلومات والمنشورات التي تمر عليهم يوميًا. لذا فإنّ مقطعًا قصيرًا يحتوي على فكرة بسيطة ومباشرة يكون أكثر جاذبية وأسهل في الاستيعاب. - التسلية السريعة:
تتيح المنصات مثل تيك توك وإنستغرام إنشاء محتوى ترفيهي سريع ومتنوّع، يمزج الموسيقى والمؤثرات البصرية. وهذا النوع من الترفيه يناسب الحياة العصرية التي تسير بوتيرة متسارعة، فلا يحتاج المستخدم إلى جهد أو وقت طويل للاستمتاع. - القدرة على الإبداع:
البساطة في إنتاج الفيديوهات القصيرة سهّلت على جميع المستخدمين أن يصبحوا صانعي محتوى. فالأدوات المتاحة في تيك توك وريلز إنستغرام لا تتطلب سوى بضع نقرات لإضافة نصوص أو فلاتر أو موسيقى. وبالتالي، بات الإبداع الجماعي سببًا في تنوع المقاطع وتجدّد الأفكار باستمرار.

4. تأثير إحصائيات الفيديو القصير على سلوك المستخدمين
لا تقتصر مسألة الفيديوهات القصيرة على الأرقام فحسب، بل إنّها قد غيّرت فعليًا أسلوب تفاعلنا مع المحتوى الرقمي. فيما يلي أبرز مظاهر هذا التأثير:
- تقليص المحتوى المطوّل:
مع انتشار الفيديوهات القصيرة، لوحظ تراجع في الاهتمام بالمحتوى الطويل لدى بعض فئات المستخدمين، خصوصًا أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عامًا. بات هؤلاء يفضّلون الحصول على المعلومات أو الترفيه بشكل سريع وخاطف. - الإدمان الرقمي:
دفعت طبيعة التمرير المستمر (Infinite Scrolling) على تيك توك وريلز إنستغرام بالمستخدمين إلى قضاء مزيد من الوقت على الهاتف من دون أن يشعروا بذلك؛ فكل مقطع قصير يقودك إلى آخر بشكل تلقائي، ما قد يرفع من معدلات الإدمان على التطبيقات. - ارتفاع التفاعل المشترك:
الفيديوهات القصيرة ليست مجرد فيديوات تُشاهد فحسب؛ إذ يمكن للمستخدم إعادة استخدامها أو “إعادة خلطها” (Remix) وصناعة محتوى جديد مشتق من الفيديوهات الأصلية. هذا يعزز من روح المشاركة والتفاعل الجماعي، ما يخلق نوعًا من الثقافة المشتركة والمستوحاة من المقاطع الشعبية.
5. صعود تيك توك: كيف اكتسب شعبية عالمية؟
لا شك أنّ تيك توك قاد ثورة في عالم الفيديو القصير بأسلوبه المميز. وإليك العوامل الجوهرية التي ساهمت في شعبيته الكبيرة:
- خوارزمية ذكية:
تتميز خوارزمية تيك توك بالقدرة على تحليل ذوق المستخدم وتفضيلاته. فتعرض له باستمرار المقاطع التي تتماشى مع اهتماماته، الأمر الذي يجعله يبقى أطول وقت ممكن في التطبيق. - مجتمع إبداعي:
دعمت تيك توك صناع المحتوى الجدد والأشخاص الموهوبين، وساعدتهم في الانتشار عبر توصيات الفيديوهات. ما جعل المستخدمين يشعرون بأن فرصهم في الوصول إلى شريحة أوسع ممكنة، حتى لو كانوا مبتدئين. - تنوّع المحتوى:
لم تعد تيك توك مجرد منصة للرقص والأغاني؛ إذ اتسعت لتشمل مجالات مثل الطهي، والسفر، والتكنولوجيا، والتعليم، والتمارين الرياضية، وغيرها. كل هذا التنوع جذَب فئات عمرية مختلفة، وجعل المنصة أكثر شمولًا.

6. ريلز إنستغرام: منافس قوي في عالم الفيديو القصير
أدركت إنستغرام مبكرًا حجم النجاح الذي تحققه تيك توك. فقررت دخول المنافسة بتطوير خاصية “ريلز”، حتى تحتفظ بمستخدميها وتمنع هجرتهم إلى منصات أخرى.
- تكامل تام مع المنصة: رغم استحواذ ريلز على واجهة إنستغرام. إلا أنّه لا يزال خيارًا ضمن باقة واسعة من الأدوات مثل “القصص” و”IGTV” سابقًا (حاليًا فيديوهات إنستغرام). وهذا التكامل سهّل على المستخدمين التنقّل بين مختلف أنواع المحتوى.
- العامل الإعلاني: بفضل وجود قاعدة إعلانية ضخمة على إنستغرام، أصبحت ريلز بيئة خصبة للإعلانات السريعة والموجّهة، خصوصًا للعلامات التجارية التي تستهدف فئات عمرية شبابية.
- الميزة التنافسية: إن لم يكن لدى المستخدم متسع من الوقت لاستكشاف منصة جديدة بالكامل، فبإمكانه البقاء على إنستغرام واستخدام ريلز كبديل سريع يمنحه المتعة ذاتها تقريبًا.
7. نصائح للعلامات التجارية للاستفادة من إحصائيات الفيديو القصير
لا تقتصر أهمية إحصائيات الفيديو القصير على صناع المحتوى الأفراد فحسب. بل تمتد لتشمل العلامات التجارية والشركات التي تبحث عن طرق مبتكرة للوصول إلى جمهورها المستهدف. فيما يلي بعض النصائح العملية:
- اختيار القصة المناسبة:
ركز على سرد قصة قصيرة وجذابة تعكس شخصية علامتك التجارية. جرّب استخدام عنصر التشويق منذ الثواني الأولى لجذب المشاهد ومتابعته للفيديو. - استخدام المؤثرات الصوتية:
الأصوات والموسيقى من أهم العناصر التي تضفي لمسة جذابة على الفيديو القصير. جرّب الاستعانة بموسيقى تناسب الرسالة التي تريد إيصالها، أو ابتكار صوت خاص بعلامتك التجارية. - إبراز العنصر البصري:
استخدم ألوانًا مميزة وحركات سريعة ورسومات بسيطة تضيف للمتابع تجربة مشوقة. المقاطع التي تحمل عناصر بصرية قوية غالبًا ما تحظى بنسبة مشاركة أعلى. - تشجيع التفاعل:
اسأل المشاهدين عن آرائهم وشجّعهم على التعليق أو إعادة استخدام الفيديو لتحديات معينة (Challenges). هذا يُحفّز نمو الفيديو وزيادة انتشاره بشكل فيروسي (Viral). - الالتزام بالإيجاز:
أبرز مميزات إحصائيات الفيديو القصير هي توصيل الرسالة بسرعة. كن واضحًا ومباشرًا؛ تذكّر دائمًا أن الوقت المتاح لجذب الانتباه محدود جدًا. - التحليل المستمر للبيانات:
تابِع أداء الفيديوهات القصيرة عبر أدوات التحليل المختلفة. راقب معدلات المشاهدة، والتفاعل، ومعدلات الإكمال للفيديو، كي تكتشف ما يعجب جمهورك وتعمل على تحسينه في المرات القادمة.

8. التوجهات المستقبلية للفيديوهات القصيرة
من المتوقع أن تواصل إحصائيات الفيديو القصير نموها في السنوات القادمة، مع دخول منصات جديدة على الخط، وابتكار مزايا وتقنيات واقع معزز (AR) وواقع افتراضي (VR). هذه التطورات ستجعل من تجربة المستخدم أكثر تفاعلية، وقد تُنشئ فرصًا لطرق تسويقية غير مسبوقة.
فضلًا عن ذلك، يزداد اهتمام المستخدمين بالمحتوى التثقيفي والتعليمي المقدم في شكل مقاطع قصيرة. ما يتيح للعلامات التجارية المعنية بالتعليم والتوعية أن تبدع في هذا الحقل وتخاطب جمهورًا عريضًا بسلاسة. على سبيل المثال، هناك توجه متزايد نحو محتوى “افعلها بنفسك” (DIY) ووصفات الطبخ السريعة والتمارين الرياضية المختصرة وغيرها.
9. التحديات المرتبطة بالفيديوهات القصيرة
رغم مكامن القوة الكثيرة لهذا النوع من المحتوى، إلا أنّه لا يخلو من تحديات يجب التنبه لها:
- الإشباع الزائد:
مع كثرة الفيديوهات القصيرة وتنوّعها، قد يصعب على المحتوى الجديد البروز والتميز ما لم يكن مبتكرًا وحصريًا. - العمر القصير للمحتوى:
المقطع الذي ينتشر اليوم قد يُنسى في غضون أيام قليلة، ما يفرض على صانع المحتوى أو العلامة التجارية العمل المستمر على إنتاج الجديد للإبقاء على التواصل مع الجمهور. - الإبداع المستمر:
يحتاج المسوّقون إلى الاستمرار في تطوير أفكار إبداعية والتجديد في الأساليب، حتى لا يدخلوا في روتين يُفقدهم جاذبية المحتوى وينتهي بهم الأمر بالتراجع في نسب المشاهدة. - مراعاة سياسة المنصات:
كل منصة لديها سياسات خاصة بالمحتوى والإعلانات وحقوق النشر. يجب مراعاة تلك السياسات حتى لا يتعرض الحساب للإغلاق أو الحظر.

10. خلاصة القول
من الواضح أنّ “إحصائيات الفيديو القصير” لا تُعد مجرد أرقام جامدة، بل هي انعكاس حقيقي لسلوك جديد ومختلف لدى مستخدمي الإنترنت. فالمقاطع القصيرة أصبحت اليوم رافدًا رئيسيًا لتغيّر تجربتنا الرقمية: من عادات المشاهدة إلى طرق التفاعل مرورًا بالأساليب التسويقية.
يتبيّن لنا أنّ منصتي تيك توك وريلز إنستغرام هما الرائدتان في هذا القطاع. مدفوعتان بالتفاعل العالي والانتشار الفيروسي للمحتوى. ومع ذلك، تبقى الفرص متاحة أمام الشركات والعلامات التجارية لإطلاق حملات تسويقية مبتكرة، شرط الالتزام بقواعد اللعبة: الإيجاز، الجاذبية البصرية، والتفاعلية المتواصلة مع الجمهور.
إذا كنت تخطط لإطلاق منتج أو خدمة، فلا تتردد في دخول عالم الفيديوهات القصيرة ووضع استراتيجية متكاملة تُراعي هذه النقاط، مع متابعة دورية للإحصائيات واحتياجات جمهورك المستهدف. فالنجاح في هذا المجال لم يعد يعتمد فقط على امتلاك الميزانيات الضخمة، بل على التفهم العميق لطبيعة المنصة والجمهور والتطوّر السريع في صناعة المحتوى.
إنّ صعود تيك توك وريلز إنستغرام ليس مجرد موضة عابرة؛ بل هو نمط متجذر في سلوك مستخدمي الإنترنت. ومن يتقن توظيف “إحصائيات الفيديو القصير” وتطويعها ضمن خططه التسويقية، سيمتلك ورقة رابحة في المنافسة الرقمية التي تتزايد حدتها يومًا بعد يوم.
في الختام، تذكّر أنّ هذه المنصات المخصصة للمقاطع القصيرة ستستمر في جذب المزيد من المستخدمين والشركات على حدّ سواء. وأن امتلاك استراتيجية ذكية ومتكاملة للتعامل معها أصبح جزءًا أساسيًا من معادلة النجاح الرقمي في العصر الحديث. لذا، لا تتردد في استكشاف الأدوات والخوارزميات والأفكار المبتكرة لتحقيق أقصى استفادة من هذه الظاهرة العالمية.

[…] تيك توك حديث الساعة في السنوات الأخيرة، خاصة بين الفئة الشابة. […]
[…] تيك توك، تتيح للمستخدمين تحويل صورهم الثابتة إلى مقاطع فيديو قصيرة بإيقاع حركي إبداعي، دون الحاجة إلى أدوات مونتاج أو […]