في ظل مناخ اقتصادي عالمي يشهد الكثير من التقلّبات وعدم اليقين، برز الذهب مجددًا كملاذ آمن للمستثمرين حول العالم. فقد شهدت أسعار الذهب العالمية ارتفاعًا قويًا تجاوز 2% خلال تعاملات يوم الإثنين، مدفوعة بعدة عوامل متداخلة، أبرزها تراجع الدولار الأمريكي وتزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.
العوامل المؤثرة في صعود أسعار الذهب العالمية
الدولار يفقد زخمه ويمنح الذهب دفعة إضافية
سجل مؤشر الدولار الأميركي تراجعًا بنسبة 0.45% مقابل سلة من العملات الرئيسية، مما زاد من جاذبية الذهب لحاملي العملات الأخرى. فالعلاقة العكسية بين الدولار والذهب معروفة؛ إذ كلما تراجع الدولار، زاد الطلب على الذهب كونه يصبح أرخص للمستثمرين من خارج الولايات المتحدة.
🔍 مثال عملي: مستثمر أوروبي يمتلك اليورو سيجد في انخفاض الدولار فرصة لشراء الذهب بتكلفة أقل مقارنة بفترة ارتفاع العملة الأميركية.
تصريحات المحللين: هل خفض الفائدة بات وشيكًا؟
أوضح “كارلو ألبرتو دي كازا”، المحلل بشركة Swissquote، أن تراجع الدولار يأتي متزامنًا مع تصاعد التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب، خاصة بعد صدور بيانات الناتج المحلي الأميركي التي جاءت أضعف من المتوقع.
كما أشار إلى أن التطورات في سوق النفط قد تُشكل دافعًا إضافيًا لتيسير السياسات النقدية، وهو ما يعزز من مكانة الذهب.
ترقّب حذر لاجتماع الفيدرالي وتصريحات ترامب
من المتوقع أن يُبقي مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقرر الأربعاء. ولكن أنظار السوق ستتجه نحو التوقعات الاقتصادية والتصريحات المتعلقة بتوجهات الفائدة المستقبلية.
من جهته، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه لا يعتزم إقالة رئيس الفيدرالي “جيروم باول” قبل نهاية ولايته، لكنه جدد دعوته إلى خفض أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد.
تحليل ميتالسي: التصريحات الرئاسية المكررة بشأن خفض الفائدة تعكس ضغطًا سياسيًا متزايدًا على الفيدرالي، وتزيد من احتمالات خفض الفائدة خلال الأشهر القادمة، ما ينعكس إيجابًا على أسعار الذهب.
الذهب في مواجهة التوترات التجارية العالمية
قال ترامب إن الولايات المتحدة بصدد التفاوض مع عدد من الدول، على رأسها الصين، بشأن اتفاقيات تجارية جديدة، مؤكدًا على ضرورة تحقيق “صفقة عادلة”. هذه التصريحات ساهمت في رفع حالة الترقب لدى المستثمرين، ما عزز الطلب على الذهب كأداة تحوّط ضد الغموض الاقتصادي.
كما توقعت مؤسسة غولدمان ساكس أن يواصل الذهب أداءه القوي خلال 2025، مشيرة إلى عدة عوامل داعمة، من بينها تباطؤ إنتاج الطاقة الشمسية في الصين، وزيادة احتمالات الركود الأميركي، واستمرار البنوك المركزية في شراء الذهب بكثافة.
المعادن الأخرى تلحق بركب الصعود
لم تكن أسعار الذهب وحدها هي التي شهدت ارتفاعًا؛ فقد تبعتها معادن أخرى:
- الفضة الفورية ارتفعت بنسبة 1.2% لتصل إلى 32.37 دولارًا للأوقية.
- البلاتين سجل ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.1% ليبلغ 961.35 دولارًا.
- البلاديوم صعد بنسبة 0.8% ليصل إلى 961.52 دولارًا.
💡 نصيحة للمستثمرين: مراقبة أداء هذه المعادن يمكن أن تقدم مؤشرات مسبقة على الاتجاهات العامة في السوق، خاصة في فترات التحوّل الاقتصادي.
الخلاصة
ارتفاع أسعار الذهب العالمية بهذه القوة ليس حدثًا عابرًا، بل يُعبّر عن حالة عامة من القلق الاقتصادي العالمي وتغير التوجهات النقدية. نعتقد في ميتالسي أن الفترة القادمة ستكون ذهبية بالمعنى الحرفي لمن يمتلك أدوات التحليل الجيد والتحوّط الذكي. ولمن يفكر في تنويع محفظته، يبقى الذهب خيارًا قويًا في بيئة يتوقع فيها انخفاض أسعار الفائدة وتنامي التوترات التجارية.
أسئلة شائعة حول أسعار الذهب العالمية
لماذا ترتفع أسعار الذهب عند تراجع الدولار؟
لأن الذهب يُقوّم بالدولار، فعندما ينخفض سعر الدولار، يصبح الذهب أرخص للمشترين من خارج الولايات المتحدة، ما يزيد الطلب عليه.
ما العلاقة بين أسعار الفائدة وأسعار الذهب؟
علاقة عكسية. فعند انخفاض الفائدة، تقل تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب، فيزداد الطلب عليه باعتباره ملاذًا آمنًا.
هل تؤثر الحروب التجارية على أسعار الذهب؟
نعم، فالتوترات التجارية تزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق، ما يدفع المستثمرين إلى شراء الذهب كأصل آمن.
