في الأيام الأخيرة، أثارت دعوة منظمة التعاون الإسلامي لتعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة جدلاً واسعًا. فبينما يُنظر إلى هذه الدعوة كخطوة رمزية تعبّر عن رفض السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، يبرز سؤال محوري: هل تستطيع الأمم المتحدة فعلًا تعليق أو إلغاء عضوية أي دولة؟
كيف تُكتسب وتُفقد العضوية في الأمم المتحدة؟
الأمم المتحدة تأسست عام 1945، ووضعت في ميثاقها شروط الانضمام والعضوية.
- الانضمام: يتطلب توصية من مجلس الأمن ثم تصويتًا إيجابيًا من ثلثي أعضاء الجمعية العامة.
- التعليق أو الطرد: المادة (5) و(6) من الميثاق تنصان على إمكانية تعليق حقوق العضوية أو الطرد إذا ارتكبت الدولة خرقًا متكررًا لمبادئ الميثاق، لكن القرار يحتاج إلى توصية من مجلس الأمن ثم موافقة ثلثي الجمعية العامة.
وهنا تكمن المعضلة: أي قرار في مجلس الأمن قابل للإيقاف عبر الفيتو من إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا).
سوابق تاريخية: من الفصل إلى العزلة
- جنوب أفريقيا (حقبة الفصل العنصري): واجهت عزلة دولية كبيرة، لكن لم تُطرد رسميًا من الأمم المتحدة، بل تم تعليق مشاركتها في بعض أنشطة المنظمة بضغط دولي.
- يوغوسلافيا السابقة (التسعينيات): لم تُطرد رسميًا، لكن الجمعية العامة علّقت مشاركة وفدها وأوقفت حقوقها مؤقتًا.
- روسيا (2022): طُردت من مجلس حقوق الإنسان (جهاز فرعي للأمم المتحدة) بسبب حرب أوكرانيا، لكن عضويتها في الأمم المتحدة لم تُمس.
هذه الأمثلة توضح أن الطرد أو التعليق الكامل أمر نادر جدًا وصعب التطبيق.
ماذا عن الحالة الإسرائيلية؟
- من الناحية القانونية: تعليق أو طرد إسرائيل يتطلب قرارًا من مجلس الأمن، وهو شبه مستحيل بسبب الدعم الأميركي والإمكانات الدبلوماسية.
- من الناحية الرمزية: مجرد طرح الفكرة أو تصويت في الجمعية العامة قد يحمل وزنًا سياسيًا ومعنويًا، ويزيد الضغوط الدولية.
- من الناحية التاريخية: قد يتكرر سيناريو جنوب أفريقيا حيث تُعزل إسرائيل في بعض الهيئات والوكالات، حتى لو بقيت عضويتها العامة كما هي.
البعد الأوسع: هل الأمم المتحدة قادرة على فرض قراراتها؟
هذه القضية تكشف جدلية أوسع:
- أنصار الأمم المتحدة يرون أن المنظمة تظل الإطار الشرعي الوحيد لتجميع المواقف الدولية.
- المنتقدون يعتبرون أن الفيتو يجعلها عاجزة عن التعامل مع الأزمات الكبرى بفعالية.
واقع سياسي أم جدل رمزي؟
إذن، تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة يظل أقرب إلى المستحيل سياسيًا لكنه ممكن رمزيًا من خلال تحركات داخل الجمعية العامة أو هيئات فرعية.
بالنسبة للقارئ والمتابع العربي، الأهم هو فهم أن هذه الدعوات تفتح النقاش حول عدالة النظام الدولي وازدواجية المعايير، وهو نقاش أوسع من مجرد حالة واحدة.
المستقبل: من المرجح أن يستمر طرح مثل هذه المبادرات لتسجيل موقف دولي، حتى وإن كان التطبيق العملي معقدًا. فالأمم المتحدة ليست فقط مؤسسة سياسية، بل مرآة لصراعات الإرادة العالمية بين القوى الكبرى والدول المتضررة.
المصدر:
العربية.
الأسئلة الشائعة:
1. هل تستطيع الأمم المتحدة تعليق عضوية أي دولة؟
نعم، لكن ذلك يتطلب توصية من مجلس الأمن بموافقة الدول الخمس الكبرى، ثم تصويت ثلثي الجمعية العامة، وهو أمر نادر الحدوث.
2. هل سبق أن تم تعليق أو طرد دولة من الأمم المتحدة؟
لم تُطرد أي دولة بشكل كامل، لكن تم تعليق مشاركة جنوب أفريقيا أثناء الفصل العنصري، كما تم تقييد يوغوسلافيا وروسيا في بعض الهيئات.
3. هل يمكن تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة؟
من الناحية النظرية ممكن، لكن عمليًا شبه مستحيل بسبب الفيتو الأميركي المتوقع في مجلس الأمن.
4. ما تأثير تعليق عضوية دولة في الأمم المتحدة؟
يعني فقدان حق التصويت والمشاركة في أنشطة المنظمة، لكنه لا يلغي وجود الدولة على الساحة الدولية.
5. ما البدائل إذا لم يتم التعليق أو الطرد؟
يمكن عزل الدولة في هيئات فرعية أو فرض قيود على مشاركتها، كما حدث مع جنوب أفريقيا في حقبة الفصل العنصري.